الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متنزه الحياة البرية العربية عنوان السياحة البيئية في قلب الصحراء

متنزه الحياة البرية العربية عنوان السياحة البيئية في قلب الصحراء
27 سبتمبر 2011 20:51
تزدهر المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي بالكثير من المعالم السياحية التي تحتفظ لنفسها بخصوصية لا تشبه سواها. وهي على تفردها الجغرافي ضمن صحراء ليوا، تشكل عامل جذب لكل من يعشق الطبيعة البكر التي تسبح حينا في زرقة البحر المتموج بالثروات، وتستريح حينا آخر عند أجمل الكثبان الرملية. وهناك كيفما اتجه السائح، فهو حتما يشعر بأنه في ضيافة مرافق تحمل شعار الحفاظ على البيئة والتراث والفخر ببساطة العيش. وهذا أقصى ما يسعى إليه كل من يعشق السكون المتناقض الذي يغفو مع نسمات البر ليصحو فجأة على أصوات الفهود والضباع التي تأبى العيش إلا وسط التلال الذهبية. الزيارة إلى المنطقة الغربية لابد أن تتخللها جولة مطولة عند “متنزه الحياة البرية العربية” لما يتضمنه من محطات مثيرة للاهتمام. فهذا الموقع الذي يحمل بداخله أكثر بكثير مما يوحيه اسمه، يختصر سنوات طويلة من الحياة الصحراوية التي على الرغم من قساوة طبيعتها غير أنها تمتاز بإشارات حسية تبعث إلى الذهول والاسترخاء. مهددة بالانقراض هكذا كان انطباعنا مع كل ممر كنا نعبره باتجاه سلسلة الاستكشافات ذات الصلة، والتي تتماشى مع جماليات المشهد المكلل بمختلف ألوان الطيف. ويكفي العلم بأن “متنزه الحياة البرية العربية” جاء نتيجة للجهود الحثيثة التي تواصلت عبر 4 عقود من الزمن، للوقوف عند تميز الموقع لهذه المحمية التي تتربع عند جزيرة “صير بني ياس”. وهي واحدة من أكثر الجزر أهمية في المنطقة والتي تحظى باهتمام وفير من قبل الجهات المختصة، وعلى رأسها شركة “التطوير والاستثمار السياحي” التي تسخر كل طاقاتها لحماية الجزيرة وتطويرها. عند النظر من أي نقطة في المتنزه باتجاه الامتداد الفسيح لهذا المعلم البيئي السياحي بامتياز، يخطر في البال سؤال عن المساحة التي يحتلها هذا المرفق الحيوي من المنطقة الغربية. فيأتي الجواب بأنه يغطي أكثر من نصف مساحة الجزيرة بما يعادل 4200 فدان. وهذه الأراضي الشاسعة التي تعمر بالثروات الحيوانية، محاطة بالكامل بسور يمتد حتى 32 كيلومتراً يشكل موطنا لعدة آلاف من الحيوانات التي تقطن في المتنزه وتتحرك فيه بحرية. فهنا بيئتها الطبيعية التي ترسم ملامح الحماية لأصناف كثيرة مهددة بالانقراض وتجد ملاذها في هذه البقعة من صحراء ليوا، والتي تكاد تكون عامل الأمان الأخير لها بعدما هجرها الزمن. وهنا تعيش بسكينة حيوانات الجزيرة العربية التي بات تواجدها في الصحاري نادرا، بما فيها المها العربية وغزال الريم والغزال العربي المعروف بغزال الجبال، وكذلك الحيوانات المفترسة مثل الفهود والضباع. والتي إلى جانب صفاتها الشرسة تحتفظ داخل المتنزه بميزات خاصة أجمل ما فيها هذه التموجات اللونية التي تصبغ جلودها، وتلك النظرات الشامخة التي ترمق زوار الموقع من بعيد قبل أن تكمل دربها ناحية غصون الظل. وكأنها بذلك ترمي تحية السلام وتدعو المارة إلى مزيد من أشكال الضيافة المغايرة للواقع. رحلات استكشاف خطوات إضافية إلى الأمام، حيث تتضح الصورة أكثر فأكثر عن حجم التنظيم الذي يشمل المتنزه على مختلف أجزائه الشاسعة. ويورد ماريوس برنسلو مدير “إدارة حماية البيئة والحياة البرية” أن هذا المعلم السياحي الذي يزوره الكثير من المهتمين بالثقافة البيئية حول العالم، شهد الكثير من المراحل التطويرية لضمان استمرارية مظاهر التكاثر فيه. ويذكر أنه عام 2009 تم إحضار 4 فهود إلى الجزيرة، وكانت قد تمت تنشئتها في الأسر. “وكجزء من برنامج حمايتها تم تدريبها على أيدي فريق المحمية الطبيعية على جزيرة “صير بنى ياس” مما جعلها قادرة على الصيد والدفاع عن نفسها”. ويشرح ماريوس برنسلو أن الخطوة التالية من البرنامج كانت إطلاق هذه الفهود من جديد لتصبح حرة في المتنزه الذي تحول إلى موطنها الآمن. ومن القصص التي تروى عن طبيعة عيش هذه المخلوقات الضخمة في هذه الرقعة الغنية من صحراء ليوا والخصبة بخيراتها، أن الضباع المتواجدة في المتنزه تقوم بالتغذي على بقايا الطعام الذي تتركه فهود الجزيرة. “ولا ننسى أن هذه الفهود وتلك الضباع هي الوحيدة من نوعها الطليقة في المنطقة، إذ تعتبر شبه الجزيرة العربية بيئتها الأصلية التي استوطنتها وانتشرت فيها خلال فترات زمنية ماضية”. ويشير مدير “إدارة حماية البيئة والحياة البرية” ماريوس برنسلو إلى أن إجراء الأبحاث وتكثيف الجهود لحماية البيئة الصحراوية وحيواناتها النادرة من الانقراض، ما هو إلا جوهر الأنشطة الذي تعتمدها إدارة “متنزه الحياة البرية العربية”. كما أن مجيئ الزوار والوفود السياحية إلى الموقع الذي يتكئ على كتف جزيرة “صير بني ياس”، يشمل القيام بالكثير من الأنشطة المشوقة والمغامرات الاستثنائية للحياة البرية. أما الفعاليات المتاحة أمام الزوار، فهي تتضمن رحلات الاستكشاف في الطبيعة الصحراوية والتي تتم بواسطة سيارات الدفع الرباعي المجهزة لعبور الرمال. وأكثر من ذلك فإنه من أكثر اللحظات استمتاعا في المتنزه، رحلات المشي على الأقدام برفقة المرشدين السياحيين، والتي اختبرناها من قرب حيث الوقت يمر من دون حسبان. ولعل مراقبة الحيوانات المنتظمة في حظائرها، يكشف أمام العين المزيد من التشويق لمعرفة الأكثر عن يومياتها. ومن الممتع أن يكون ذلك أثناء ركوب الدراجات على الهضاب الكاشفة، والتي صممت بطريقة هندسية ذكية، كنوع من ممارسة الرياضة في مكان مميز. أو أثناء تناول الطعام في قلب الطبيعة الفذة التي تفتح الشهية المنبعثة من رائحة الأرض وحرارة الشمس ونكهة الرمال. ملايين الطيور مع استمرار خطة التطوير التي تشمل “متنزه الحياة البرية العربية” في المنطقة الغربية، فإن هذا المعلم الحضاري الذي يتلألأ من داخل جزيرة “صير بني ياس” قد تطلب إنشاؤه جهداً كبيراً. إذ إنه بحسب تصريحات شركة “التطوير والاستثمار السياحي”، فإن العمل جار على حماية ورعاية أكثر من 15 ألف حيوان اتخذت من جزيرة “صير بني ياس” موطناً لها. وفي جولة على الجزيرة يمكن مشاهدة المئات من المها العربية التي انقرضت من البرية منذ عشرات السنين. ولم تبق على حالها داخل الجزيرة-المحمية، إلا لأنها تخضع لبرنامج إكثار واسع النطاق يهدف إلى إنقاذها وسواها من هذه الحيوانات الجميلة. ويوضح مدير “إدارة حماية البيئة والحياة البرية” ماريوس برنسلو أنه ضمن برنامج الإكثار، تم نقل الكثير من حيوانات المها العربية من الجزيرة نفسها إلى مراكز إكثار أخرى، لضمان إنتاج سلالات جيدة منها. وحتى يصار إلى إعادتها ونشرها في البرية ولاحقا في مختلف أنحاء الإمارات. ويقول إن الجزر والشواطئ والمياه المحيطة بالمتنزه تشكل موطناً لعدد لا يحصى من الحيوانات البرية. وهناك 4 سلاحف من أصل 7 أنواع من السلاحف البحرية الموجودة في العالم تعيش في مياه جزيرة “صير بني ياس”. كما أن أعدادا كبيرة من أبقار البحر والدلافين تعيش على مقربة من الشاطئ، حيث تستمتع بالاستيطان بأمان في منطقة محظورة الصيد على امتداد 8 كيلومترات حول الجزيرة - المحمية. وترتاد جزيرة “صير بني ياس” ملايين الطيور المهاجرة التي تلجأ إلى هذا المحيط من المياه الدافئة هرباً من برد الشتاء الأوروبي نظراً لموقعها في طريق هجرتها جنوباً. ومع مرور الزمن اتخذت الكثير من هذه الطيور الجزيرة مستقرا لها، وهذا ما يزيد من روعة المشهد العام للجزيرة وتاليا المتنزه الذي تزينه أعداد هائلة من طيور “النحام” البرية التي تبعث إلى التفاؤل عند التجوال بالقرب من مناطق أشجار القرم. صير بني ياس لا يمكن الحديث عن “متنزه الحياة البرية العربية” من دون الإتيان على ذكر جماليات الطبيعة التي تتمتع بها جزيرة “صير بني ياس”. ومن ينوي زيارتها لابد أن يطلع على بعض تفاصيلها المثيرة، أولها أنها تمتد على مساحة 87 كيلومترا مربعا، وهي تشكل موقعاً مميزاً قبالة شواطئ جبل الظنة في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي. وتعتبر إحدى معالم إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وجهوده لحماية البيئة، والتزامه بتحويلها إلى محمية آمنة للسلالات النادرة من طيور وحيوانات ونباتات الجزيرة العربية. 400 ظبي تستغرق الرحلة الجوية إلى جزيرة “صير بني ياس”، نحو 50 دقيقة، مقابل ساعتين ونصف بالسيارة من العاصمة الإماراتية. وتطرح الجزيرة مفهوماً جديداً للسياحة البيئية القائمة على الاستثمار المستدام لمقومات الحياة الطبيعية. وتوفر قائمة واسعة من أنشطة سياحة المغامرات، ومنها رحلات “سفاري” في المتنزه الذي يستوطنه 400 ظبي عربي. وهو أكبر تجمع في العالم لهذه الفصيلة المهددة بالإنقراض. وهناك يستطيع الزوار الاستمتاع بالبيئة الطبيعية النادرة في الجزيرة من خلال التجديف بزوارق “الكاياك” عبر غابات أشجار القرم. وكذلك الغطس في المياه النقية. عناصر الطبيعة تعتبر جزيرة “صير بني ياس” واحدة من 8 جزر ومرسى بحري تباشر شركة “التطوير والاستثمار السياحي” حالياً تطويرها ضمن مشروع “جزر الصحراء”. هذه الجزر الطبيعية تشكل ملاذاً للاستمتاع بمنظر فريد تمتزج فيه عناصر الطبيعة مع الحياة البرية والتراث الإماراتي الأصيل. وهي تقع بالقرب من ساحل جبل الظنة الذي يبعد 250 كيلومترا من العاصمة. وتعيد “جزر الصحراء” تعريف مفهوم السياحة في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيصبح المشروع وجهة للضيافة متعددة الاستخدامات تجمع بين متنزه الحيوانات البرية العربية والمحميات الطبيعية والتراث الأصيل والخدمات الفندقية من فئة الخمس نجوم والأنشطة الصحراوية الخارجية. حيوانات تكثر أصناف الحيوانات في “متنزه الحياة البرية العربية”، ومن أهم الفئات المنتشرة هناك والمحمية من الانقراض المتربص بها، نذكر غزال الريم، الضبع المخطط، المها العربية، الفهد، الضأن البربري، وبر الصخر العربي، الأرنب العربي والنعام الشمالي المعروف باسم “ستروثيو كاملس”، إضافة إلى القنقد الإثيوبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©