بسام عبدالسميع (أبوظبي)- يوفر «مركز البيانات الكلية» منصة معلومات إحصائية شاملة، طورها المركز الوطني للإحصاء، ليعطي صورة حية وشاملة ووقتية، تمكن الزائر من الاطلاع على علاقات التفاعل القائمة بين مكونات النظام الإحصائي في الدولة على صعيد الخريطة الرسمية، وكذلك علاقات الدولة الإقليمية والدولية في القطاع، بحسب راشد خميس السويدي، مدير عام المركز.
وقال السويدي في حوار أجرته معه «الاتحاد» إن المؤسسات الإحصائية تسعى إلى تعظيم عملية وصول البيانات إلى المستخدمين بأكثر الطرق كفاءة وفعالية، استناداً لمعيار إنتاج إحصاءات رسمية ذات صلة.
وأوضح أن هذا العمل إبداع في طرق إعداد ونشر وإتاحة البيانات الإحصائية للمستخدمين، لاسيما متخذي القرار وراسمي السياسات، آخذين بعين الاعتبار خصوصية وطبيعة هذه الشريحة من المستخدمين للإحصاءات، فهم بحاجة لتقنية تجمع بين الوقتية والجودة والشمولية، وتبسيط الرقم وتقديمه بصورة إحصائية، تمكن المتلقي من الحصول على ما يريد منها بكل سهولة ويسر.
وفي ذات الوقت، يستطيع المركز الذي تم إنشاؤه عام 2012، الاستفادة من أية ملاحظات أو مقترحات، من شأنها الارتقاء بعملية تدفق المعلومات بين الرقم الإحصائي ومستخدميه بأفضل الطرق. وأضاف السويدي: «تستند هذه المبادرة أساساً إلى مبادئ إنتاج ونشر الإحصاءات الرسمية الصادر عن الأمم المتحدة، لأن جوهر الإحصاء يتمثل في إتاحته للاستخدام بالوسائل المناسبة، وبما يخدم دورة إعداد القرارات ورسم السياسات».
وفي هذا الإطار، يمثل مركز البيانات الكلية مقراً للبيانات الإحصائية عن الدولة كنطاق جغرافي، وهو يتشكل من مكونين أساسيين: الأول: البيانات الإحصائية، والثاني: البنية التقنية، ومنها شاشات عرض البيانات.
ويمثل تكامل هذين العنصرين الأساس لمركز البيانات الكلية، وبهذا السياق يتجسد التعريف المؤسسي لمركز البيانات الكلية للدولة وطبيعته التكنولوجية.
وتم تأسيس المركز عبر ثلاثة محاور كلية، هي الغرض المعرفي والذي يجعل من مركز البيانات الكلية مصدراً معرفياً، وذلك من خلال مهامه كوسيلة لعرض الصورة الكاملة عن مختلف القطاعات رقمياً وكمياً، بطريقة إلكترونية وعبر البنية التكنولوجية في المركز، ليشمل عرض لقواعد البيانات في مجال الإحصاءات الاقتصادية.
وتشمل التفريعات الأربعة الرئيسية ما يندرج تحت كل منها حسب أدلة التصنيفات الدولية، وهي إحصاءات القطاعات الإنتاجية وإحصاءات الأسعار والأرقام القياسية وإحصاءات التجارة الخارجية وإحصاءات الحسابات القومية.
كما يشمل الإحصاءات السكانية والإحصاءات الاجتماعية، والإحصاءات البيئية والإحصاءات الزراعية وإحصاءات المصادر الطبيعية والطاقة، وما يندرج تحت كل نوع منها من تفريعات وفقاً للأدلة الدولية المعتمدة في هذا الشأن.
ويعد مركز البيانات الكلية وسيلة تقنية لبحث اتساق البيانات على المستوى الوطني، ويتجسد ذلك من المنظور النظري والتطبيقي، من خلال عملية مقارنة البيانات، ليس في إطار ذات العنوان المبحوث، ولكن كذلك على مستوى تكامل البيانات في النطاق الكلي على المستوى الوطني.
وطرح السويدي مثالاً على ذلك، فنظام الحسابات القومية رغم أنه يبحث ويدار تنظيماً في نطاق الإحصاءات الاقتصادية، فإن له بعداً يتعلق بإحصاءات الزراعة وإحصاءات البيئة.
ومن هنا، فإمكانية المقارنة بالصورة النمطية عبر شاشات متكاملة يمكن استخدامها للبحث في مدى اتساق البيانات على المستوى الوطني والاقتصاد الكلي.
ويعتبر مركز البيانات الكلية مصدراً للإبداع المعرفي، إذ تساهم الرؤية الكلية من خلال الصور التجميعية للبيانات حول مختلف المؤشرات للظواهر المبحوثة، إما لطرح تساؤلات بحثية جديدة أو للبحث في تفسير علاقات ارتباطية بين متغيرات عديدة قد لا تظهر على المستوى القطاعي والصورة الجزئية للبيانات الإحصائية.
وفي هذا السياق، أكد السويدي أن مركز البيانات الكلية قد يمثل مصدراً للباحثين والدراسين والمحللين للتفكير الإبداعي على مستوى توليد المتغيرات أو علاقاتها الارتباطية، ما يمثل إضافة معرفية حقيقة في مجالات عدة ومصدراً للبحث والفرضيات البحثية.
ويتمثل المحور الثاني في الغرض البنائي في مجال العمل الإحصائي، بما يعزز التميز والجودة الإحصائية، ويتأتى تحقيق ذلك من خلال استثمار مركز البيانات الكلية كوسيلة تقنية لمتابعة المسوح الإحصائية وغيرها من الأعمال الإحصائية ميدانياً، وذلك من خلال تخصيص برنامج وشاشة عرض يتم من خلاله إدخال البيانات لسير المشروع الإحصائي ميدانياً.
وتابع السويدي: «خلال مرحلة جمع البيانات والعمليات الخاصة بالمراجعة والتدقيق وصولاً إلى استخراج النتائج، تتم المتابعة لإنجاز مراحل المشروع حسبما هو مخطط له في وثيقة المشروع، وتحديد نسب الانحراف ميدانياً على المستوى التنفيذي للمشروع، مما قد يؤثر على عملية عنصر الوقتية، وكذلك عنصر التغطية حسب العينة، وغيرها من مقتضيات الجودة الإحصائية، التي يمكن متابعة تحقيقها بسرعة لمعالجة الانحرافات ميدانياً». وأكد أن هذه الإجراءات تسهم في مزيد من نسب الدقة في العمل الميداني، والذي يمثل أساساً لجودة المنتج النهائي، كما أن مركز البيانات الكلية يشكل وسيلة وآلية للخيارات البديلة نظراً لمقتضيات المعالجة الميدانية أو المكتبية أو غيرها من مقتضيات الأداء الإحصائي في مراحله المتعددة.
وأشار السويدي إلى إمكانية المتابعة من خلال الوسائل الإلكترونية بين المقر الرئيسي للمركز ومقار العمل الميداني بمختلف إمارات الدولة، واستخدام البدائل إلكترونياً، ما يمثل فرصة لاستعراض الخيارات والبدائل المستخدمة في مختلف مقار العمل الميداني.
ويمثل مركز البيانات الكلية من خلال شاشة العمل الميداني، أداة وغرفة عمليات للإشراف والتوجيه للمشاريع الإحصائية في المرحلة الميدانية والمكتبية خاصة.
كما يعد وسيلة لمتابعة اتساق العمل الميداني مع المراكز الإحصائية المحلية، من خلال المتابعة معهم والربط عبر الرابط المحدد لشاشة العمل الميداني، ومراقبة جودة العمل واتساقه على المستوى الاتحادي بين المراكز في المقر الرئيسي ومقار العمل الميداني في المناطق الشمالية، وبينه وبين المراكز المحلية في شأن المسوح الإحصائية والأعمال الإحصائية المشتركة.
كما يمثل مركز البيانات وسيلة استشعار وتنبؤ بخصوص مدى الاتساق والدقة والجودة الإحصائية لمسار العمل الإحصائي ميدانياً ومكتبياً، وذلك من خلال استمرار عملية التقييم والمراجعة ونسب الانحراف للمراحل الأولى من الأعمال الميدانية من مقر البيانات الكلية عبر الشاشة المخصصة للعمل الميداني.
ويشكل المحور الثالث الغرض التفاعلي والذي يتناول دور مركز البيانات الكلية في تحقيق فاعلية المركز الوطني للإحصاء بخصوص الشأن الإحصائي وطنياً وإقليمياً ودولياً. وتتجسد هذه الفعالية من خلال تخصيص شاشات لمتابعة ما ينشر على المستوى الوطني محلياً من خلال البيانات الإحصائية التي تصدرها المراكز المحلية، كمركز الإحصاء – أبوظبي، أو مركز دبي للإحصاء على سبيل المثال، ودراسة هذه البيانات واتساقها على المستوى الوطني، بحسب السويدي.
وقال السويدي إن دور المركز ومسؤوليته يعزز كونه المسؤول عن النظام الإحصائي الوطني لدولة الإمارات، إضافةً إلى أن هذه المتابعة لدراسة الاتساق تمثل تعزيزاً إضافياً لجهود تحقيق أعلى مستويات الجودة الإحصائية على مستوى النظام الإحصائي في الدولة.
كما تم تخصيص (شاشة) لمتابعة ما ينشر عن الدولة من بيانات إحصائية على المواقع الخاصة بالمنظمات الإقليمية والدولية، كالموقع الخاص التابع للأمم المتحدة، أو منظمة صندوق النقد الدولي، أو الفاو، أو الطاقة الدولية وغيرها، إذ إن العرف الدولي يقتضي أن تأخذ هذه المنظمات بياناتها من الأجهزة الإحصائية للدولة، كونها الجهات المسؤولة عن إنتاج الإحصاءات الرسمية، بحيث تكون هناك مرجعية إحصائية وطنية للرقم المنشور والمعلن.
وقال السويدي: «في حال تم وجود بيانات منشورة على مواقع هذه المنظمات تختلف مع البيانات الإحصائية الرسمية والمعتمدة، تتم مخاطبتها رسمياً لتصحيح هذه البيانات الكلية، وبهذا نستطيع تفعيل هذا التواصل والمتابعة، إذ إن هذه البيانات تمثل مدخلاً أساسياً في ترتيب التزامات رسمية على الدولة».
60 جهة حكومية لديها بيانات «سجلية»
أبوظبي (الاتحاد)- أكد راشد السويدي أن مركز البيانات الكلية يعد أداة تقنية فاعلة في تعزيز مشروع الشبكة الوطنية للإحصاء، وذلك في إطار متابعة عملية تدفق البيانات الواردة من مختلف الجهات، ومتابعة دورية هذا التدفق لكل جهة اتحادية.
وهناك أكثر من ستين جهة اتحادية تمثل مؤسسات العمل الحكومي الاتحادي، وحيث إن أغلب هذه الجهات لديها بيانات ناتجة عن طبيعة أعمالها اليومية، والتي تسمى إحصائياً بالبيانات السجلية.
وذكر أن أهمية متابعة وصول البيانات وانسيابها حسب الترتيبات الزمنية المحددة متطلب أساسي لبناء قواعد البيانات الكلية، حتى يتمكن المركز الوطني للإحصاء من إعداد المؤشرات الوطنية ومعالجة هذه البيانات إحصائياً، ووضعها في الإطار الإحصائي السليم للنشر الإحصائي. ومثال على هذه البيانات، بيانات وزارة الصحة، والتي تشمل المستشفيات والعيادات وأعداد الأطباء والممرضين وتخصصاتهم وحيثيات العاملين ورواتبهم وأجورهم وطبيعة الأمراض وانتشارها والمواليد والوفيات وغيرها الكثير، ومع ضرورة التفكير في إمكانية تطوير هذه العلاقة بخصوص تدفق هذه البيانات ومتابعة وصولها للمركز لتطويرها في شكل عملية ربط إلكتروني. وأضاف السويدي إن مركز البيانات الكلية للدولة بمتطلباته التقنية، يمثل وسيلة كلية وتقنية تتحقق بها الرؤية الكلية لمعرفة الواقع ومعطياته، بمختلف قطاعاته بيانياً وإحصائياً، بما يحققه من دور معرفي وبنائي وتفاعلي، ويسهم في تحقيق بيئة إحصائية إبداعية تتعدى إنتاج البيانات، لتسهم في بناء المعلومات والمعرفة الإنسانية ككل. كما تمثل رافداً حقيقياً لرفد عملية التخطيط من خلال كلية وشمولية ونطاق هذه البيانات على المستوى الوطني ككل، واستخدامها في عملية رسم السياسات وصنع القرارات وتحقيق التنمية. ويمثل مركز البيانات الإحصائية الكلية للدولة مشروعاً تطويرياً مهماً للعملية الإحصائية في الدولة، كونه يرتبط بجميع مكونات هذه العملية، بما يشمل عملية جمع البيانات، وتصنيفها، وتحليلها وعرضها وإتاحتها لاطلاع المهتمين.