الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدم استيعاب بعض المواد الدراسية «عائق» أمام المتفوقين

عدم استيعاب بعض المواد الدراسية «عائق» أمام المتفوقين
15 سبتمبر 2012
مع بداية العام الدراسي، تنطلق الأحلام والطموحات التي يرسمها ويخطط لها الآباء والأبناء لتحقيق موسم دراسي ناجح، يضاف إلى رصيد الطلاب وينقلهم خطوة أخرى في رحلتهم إلى النجاح والتفوق وتحقيق النتيجة التي يرومونها هم وأولياء أمورهم، غير أن هذه الطموحات تواجهها عقبة من نوع فريد تتمثل في عدم قدرة بعض الطلاب على استيعاب وفهم مواد دراسية بعينها كاللغة الإنجليزية مثلاً، أو مادة الرياضيات في بعض الحالات الأخرى، هنا يحدث نوع من التأخر الدراسي قد يلقي بظلاله على العملية الدراسية ككل. عدم تقبل البعض لمواد دراسية بعينها، يعتبر مشكلة تعليمية تلازم الطالب أغلب فترات حياته، ما يتطلب التعرف على أسباب حدوث مثل هذه المشكلة، وكذا التطرق إلى الوسائل التي تكفل علاجها، حتى نضمن مسيرة دراسية موفقة، وتؤتي العملية التعليمية ثمارها المنشودة لكل عناصر المنظومة التعليمية، سواء المدرسة أو الطالب أو أولياء الأمور، حيث يحكي جميل السيد حاصل على مؤهل جامعي ويعمل في مجال التسويق العقاري، أنه بالفعل كان من التلاميذ المتفوقين دراسياً منذ الصغر، كونه قد التحق بإحدى دور الحضانة قبل دخوله المدرسة وتعلم من خلالها مبادئ اللغة العربية وحفظ مجموعة من قصار سور القرآن الكريم، وبعض العمليات الحسابية البسيطة، غير أنه مع دخوله المدرسة الابتدائية بدأت مشكلته تظـهر مع الرياضيات، حيث كانت بعض العمليات الرياضية البسيطة تأخذ وقتاً في استيعابها وكان يضطر أحياناً إلى سؤال المعلمة عن هذه المسائل لتشرحها له مرة أخرى، فكانت تستغرب من أسئلته وتقول له» دي مسائل سهلة أزاي مش عارف تحلها»، فكان يصاب بالحرج أمام زملائه، ومع تكرار الموقف أكثر من مرة لم يعد يسألها عن أي شيء يصعب عليه فهمه خاصة في مادة الحساب أو الرياضيات كما يطلقون عليها هذه الأيام. يورد السيد، أنه مع توالي الدروس وعدم فهمه لكثير منها أصبحت مادة الرياضيات تمثل له مشكلة، ولم يعد يهتم بالتفوق فيها مثل ما هو حاله مع بقية المواد، بل يهتم فقط بعملية النجاح فيها وتحقيق قدر من الدرجات يكفيه شر السقوط في مادة الرياضيات، وظل هذا الحال يرافقه حتى وصل إلى الثانوية العامة واختار أن يلتحق بالقسم الأدبي، حينها تنفس الصعداء لأن علاقته بالرياضيات انتهت إلى غير رجعة. ويلفت السيد إلى أن هذه المشكلة، ما كان لها أن تحدث معه، لو أن المعلمة لم تحرجه مرة بعد مرة حين كان يسألها، وهو ما يتطلب تأهيلاً من نوع معين للمعلمين والمعلمات في كيفية الإصغاء إلى التلاميذ والتعرف على مناطق الضعف التعليمي لديهم، ومن ثم التركيز عليها ودعمها حتى تسير العملية التعليمية بنجاح في كافة مراحلها وفي جميع المواد التي يدرسها الطالب. علاقة سيئة يؤكد كلامه الطالب الجامعي مناف السويدي بأن علاقته السيئة بالرياضيات ابتدأت منذ الطفولة، وامتدت فيما بعد إلى مادة الفيزياء المرتبطة بشكل كبير بالعمليات الحسابية والرياضيات، ومن ثم فقد حاول قدر الإمكان الابتعاد عن مواد الرياضيات والعلوم خلال مسيرته التعليمية، والتي انتهت بدراسته للإعلام والذي تبتعد مواده بشكل كبير عن عوالم الحسابات والأرقام، التي سببت له عقدة طوال حياته، موضحاً أن هناك قدرات متفاوتة لدى الطلاب في استيعاب مواد بعينها، وهو ما يتطلب من المعلمين مراقبة هذه الفروق الفردية وتشجيع الطالب على التغلب على بعض حالات التأخر الدراسي في مواد بعينها، لاسيما إذا كان هذا الطالب من المتفوقين المعروفين في باقي المواد، حيث يجب تكثيف العناية بالتلميذ في المواد التي يتعامل معها بصعوبة. حسني أحمد حسن صاحب أحد المشروعات التجارية، قال من جانبه إنه تكونت لديه عقدة من اللغة الإنجليزية منذ الصغر ولازمته حتى الثانوية العامة، وتعثر لأربع سنوات متتالية في امتحانات الثانوية العامة، وبالفعل لم يستطع اجتيازها، ومن ثم ترك التعليم برمته ودخل إلى مجال العمل الحر. ويلفت حسن إلى أنه لم يكن فاشلاً دراسياً، بل كان من محبي القراءة وشديد التفوق في مواد الرياضيات والعلوم، وهو ما استثمره بعد ذلك في عمل مجموعة من الابتكارات المفيدة والتي استفاد منها البعض في أعمالهم التجارية وأعمال المقاولات، ومن ضمن ما اكتشفه وأشار به إلى أحد المهندسين المعماريين من أصدقائه، أنه اكتشف طريقة جديدة لعمل العزل الحراري عن أسطح البنايات من خلال وضع طبقة من القار، ثم وضع طبقة من الفوم «الذي تغلف به الأجهزة الكهربائية لحمايتها من الصدمات وعوامل النقل»، حيث يقوم هذا الفوم بعمل عزل تام لحرارة الشمس، ومن ثم يوفر كثيراً من الطاقة اللازمة لتشغيل المكيفات. السبب الحقيقي وأشار حسن إلى أنه لا يعرف السبب الحقيقي لحالة العداء الكبير بينه وبين اللغة الإنجليزية، غير أنه أوضح أن المعلمين عليهم دور كبير في هذا الأمر، وكذا أولياء الأمر الذين يجب أن يراقبوا الحالة التعليمية لأبنائهم ويساعدوهم على التغلب على المشكلات والعقبات التي تحول دون نجاحهم التعليمي. اللغة العربية هي الأخرى سببت مشكلات للبعض، وخاصة حين يتعلق الموضوع بمادة النحو والصرف، بحسب ما تقول الطالبة الجامعية يسرية الخياط، موضحة أنه منذ الصغر فإن كل رفيقاتها يتباهين بمعرفتهن للغة الإنجليزية، فكانت هي الأخرى تهتم باللغة الإنجليزية، وتنظر إلى اللغة العربية وكأنها غير مهمة، ولا تؤثر في مستقبل الطلاب والكليات التي يرغبون في الالتحاق بها ودراسة موادها، وهو ما جعلها بشكل تلقائي لا تستوعب الكثير من دروس اللغة العربية وخاصة النحو والصرف، لما بهما من قواعد يصعب فهمها. اعتراف ودعوة واعترفت الخياط بأن إهمالها للغة العربية أثر في مجموع درجاتها النهائية في الثانوية العامة وبالتالي على الكلية التي التحقت بها، وتتمنى الآن أن لا يقع الطلاب الآخرون في نفس الخطأ، حيث لا يدركون مدى استيعابهم المتوازن لكل المواد، إلا بعد فوات الأوان وفقدان درجات قد تكون حاسمة في تقرير مصير حياتهم وانضمامهم للكليات التي يحلمون بها. ولذلك تدعو الخياط المعلمين وأولياء الأمور لمراقبة النتائج الشهرية للطلاب، ومعرفة أوجه الخلل في أول ظهورها، حتى لا يحصل إهمال مواد بعينها والتركيز على مواد أخرى عادة مستمرة لدى الطالب، ما يؤثر سلباً على النتيجة العامة للطالب السياق العام من ناحيته يقول الخبير التربوي عدنان عباس مدير مدرسة النهضة بأبوظبي، بأن جهود رفع مستوى الطلاب وجعلهم ضمن السياق العام للعملية التربوية والتعليمية الناجحة، تأتي في مقدمة اهتمام الخبراء التربويين والذي يتعاملون مع مجموعات من الطلبة تواجه مشكلة عدم القدرة على الاستيعاب الكافي لبعض المواد الدراسية، وفي هذه الحالة علينا كخبراء تربويين أن نبحث في الأسباب التي أدت لحدوث مثل هذا التراجع، ومن ثم البدء في عمل ترميم للمعلومات. يتابع عباس: نأخذ مادة الرياضيات على سبيل المثال، ففي بداية العملية التعليمية هناك بعض المهارات والعمليات الحسابية الأساسية مثل الضرب والقسمة التي لا يتقنها الطالب في المراحل السنية الأولى، ما يسب تأخرا في المراحل الدراسية اللاحقة، هنا يقوم التربويون بتحديد المهارات غير المكتسبة ثم وضع برنامج لعمليات العلاج والترميم لما تم فقده في المراحل الدراسية المبكرة، حتى نستطيع أن نبني طالبا سويا يستطيع أن يوازي زملاءه في نفس المرحلة، وهذا يتم من خلال امتحانات تشخيصية تغطي معظم مهارات الطالب في مادة معينة، تبين لنا الفجوات التي يعانيها الطالب، ثم تبدأ عملية التقويم والعلاج بشكل فردي أو جماعي بعد دراسة كل الحالات الموجودة، من خلال برنامج يسمى «الدعم التعليمي» ويكون تحت إشراف متخصصين في هذه الحالات، وبالفعل لدينا في المدرسة برنامج بهذا الشكل يشرف عليه منسق ومدرسون متخصصون. دور المعلم ويلفت عباس إلى أن أكثر المواد التي تشهد عمليات تعثر دراسي، هي الرياضيات واللغات بوصفها مواد خدمية أو وسيطة، بمعنى أنه من خلالها يتم تعلم مواد أخرى، فالرياضيات مرتبطة بشكل أساسي بالفيزياء، واللغات ترتبط بالمواد المختلفة التي تتم دراستها بهذه اللغة أو تلك. ويؤكد عباس أن المعلم يلعب دوراً رئيسياً في عمليات التشخيص الأولي ثم العلاج بوصفه الأكثر ملامسة للطالب أثناء العملية التعليمية، وبعد ذلك يتم إعلام ولي الأمر بالبرنامج المتبع مع الطالب ثم يتم إشراكه في عمليات المتابعة. وشدد الخبير التربوي على أن أبناءنا الطلاب لديهم قدرات يجب أن نسعى إلى الارتقاء بها سواء كانت قدرات مرتفعة أو منخفضة، فنعمل معاً كأولياء أمور وتربويين على رفع هذه القدرات ودعمها بشكل مستمر، مؤكداً أنه من دون هذا التعاون تفشل العملية التعليمية، ولا تحقق أياً من أهدافها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©