الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«خان الخليلي» يشكو الركود ويترقب عودة السياحة المصرية

«خان الخليلي» يشكو الركود ويترقب عودة السياحة المصرية
22 سبتمبر 2013 21:29
سوق خان الخليلي من أعرق الأسواق المصرية المتخصصة في بيع المشغولات اليدوية من حلي ذهبية وفضية، إلى جانب التحف وأوراق البردي والمشغولات النحاسية والجلدية والزجاج والأرابيسك. ويضم السوق التي يعود تاريخ إنشائها إلى نحو 600 سنة مضت أكثر من مئة محل تعود بتاريخها إلى أزمنة مختلفة بعضها يرجع إلى زمن المماليك وبعضها من زمن الحكم العثماني وأمراء أسرة محمد علي، ولذا فغالبية واجهات المحال توحي بالتراثية وتشكل محطة أساسية للسياح المترددين على مصر لشراء التذكارات، التي يصنعها حرفيو خان الخليلي. التراجع اللافت في أعداد السياح في السنوات الأخيرة نتيجة الأوضاع السياسية في مصر، ألقى بظلاله على حركة البيع في هذه السوق العتيقة، ناهيك عن ارتفاع أسعار الخامات ورسوم الجمارك وإغراق السوق بمنتجات مستوردة من الصين وغيرها من الدول بخامات رديئة وأسعار زهيدة، ولذا تعالت مطالب الحرفيين مع بداية عمل لجنة الخمسين لتعديل الدستور بأن تكون هناك مادة في الدستور الجديد تلزم الدولة بالتدخل لإنقاذ الصناعة اليدوية وفتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتها في الداخل والخارج. قلة أعداد الزبائن وزائر سوق خان الخليلي هذه الأيام سيفاجأ بغياب الحيوية، التي كانت تميز المكان وسيلاحظ قلة أعداد الزبائن وغياب مشهد الصناع المنكبين على نقوشهم وزخارفهم بحيوية ونشاط. حيث يقول أحمد فهمي (44 سنة)، إنه يعمل في مهنة النقش على النحاس، ويقضي غالبية ساعات النهار أمام صوان وأوان نحاسية مختلفة الأحجام والأشكال يقوم بنقش رسومه عليها وتحويلها من قطعه نحاس إلى تحفه فنية يحرص السياح وقت ترددهم على بازارات ومحال خان الخليلي على السؤال عنها. لافتا إلى أن وسطاء ينقلون منتجاته إلى المناطق السياحية المختلفة في القاهرة وشرم الشيخ ودهب وطابا والغردقة والإسكندرية والأقصر وأسوان، ولكن الركود أصابه في الفترة الأخيرة في ظل تراجع السياحة. وأضاف: كنا لا نستطيع الحصول على يوم راحة من كثرة طلبات الشغل.. لكن في السنوات الثلاث الماضية ونتيجة لما تمر به البلاد تراجع حجم الإقبال على منتجاتنا كثيراً لدرجة أننا صرنا نمضي غالبية أيامنا بلا عمل لأن مهنتنا تعتمد على السياح العرب والأجانب ومع قلة زيارتهم لمصر باتت منتجاتنا تعاني الركود، مما أدى إلى انخفاض الدخل وزيادة أعباء المعيشة. مشيراً إلى أن كثيراً ممن يعرفهم هجروا المهنة ولولا عشقه المتوارث عن أبيه لها لتركها ليستطيع العيش، كما أنه بات يخشى على مهنته وعلى سوق خان الخليلي ككل من الانقراض والاندثار في ظل ما نواجهه من مشاكل في تسويق المنتجات. غلاء الأسعار ويضيف صانع آخر في مجال النقش على النحاس، يدعى خالد جعفر (36 سنة)، أن موجة غلاء الأسعار، التي عمت مصر في الفترة الأخيرة ألقت بظلالها على المواد الخام، التي يستخدمها في صناعته، وفي مقدمتها معدن النحاس، موضحاً أن النحاس المستخدم في هذه الصنعة ليس نوعاً واحداً، فهناك النحاس الأصفر والأبيض والأحمر والأخير هو الأغلى لنقائه وسهولة الحفر عليه بدقة لأنه نقي وطري ويخلو من الشوائب، ولكن ارتفاع أسعاره من 20 - 75 جنيهاً للكيلو الخام منه خلال السنوات الثلاث الأخيرة ساهم في ارتفاع ثمن المنتج بالنسبة للمشتري المصري، حيث يصل متوسط سعر الصينية الصغيرة إلى 500 جنيه بعد تشطيبها، وهي تستغرق نحو أسبوع من العمل المتواصل، ولذا فغالبية ورش ومحال خان الخليلي تعتمد على السائح العربي والأجنبي في تصريف منتجاتها، وأي تراجع في أعداد السياح يؤثر بصورة كبيرة على حركة البيع والشراء. هجر المهن وبين جدران ورشة لصناعة السجاد والكليم في حارة جانبية متفرعة من سوق خان الخليلي، يواصل جلال عبدالله (54 سنة)، عمله الذي ورثة عن والده في نسج الخيوط على النول ويبتكر الرسوم المستوحاة من البيئة.. ويصمم مشاهد من البيئة المصرية أو من التاريخ الفرعوني أو الإسلامي أو من التراث الشعبي، وقد تكلفه القطعة خامات بمئات الجنيهات ونحو 4 أسابيع من العمل المتواصل لتظل بعدها عده شهور معروضة في انتظار زبون، وهو ما أصابه وغيره بحالة ركود يترقبون بفارغ الصبر أن تنتهي قريباً. ويشير إلى أن صديقاً له يدعى مجدي كان يعمل معه في تلك المهنة، واضطر إلى أن يهجرها منذ نحو عام ليعمل بائع خضراوات في سوق بمنطقة الدرب الأحمر كي يتمكن من الإنفاق على أسرته. ويقول: أحياناً أجده محقاً فيما فعل فقد يمر الأسبوع من دون أن يطرق باب الورشة زبون واحد، ولولا بعض المدخرات لهجرت المهنة مثل صديقي وبحثت عن عمل آخر. مشاكل ومعاناة وتشير لغة الأرقام إلى أن بمصر قرابة 100 حرفة يدوية يعمل بها حوالي مليون شخص بحسب التقديرات الأولية لنقابة الحرف التراثية، بالإضافة لملايين آخرين يعملون في المنازل والقرى، ولم يتمكنوا من الانضمام للنقابة، التي تم تأسيسها قبل نحو عامين، ويرتبط قرابة 10 آلاف عامل مصري بسوق خان الخليلي سواء بالعمل المباشر به أو في حرف وصناعات تكميلية بمناطق مجاورة للسوق كالدرب الأحمر والجمالية وتحت الربع والسيدة زينب وحي الحسين ومعاناة حرفيي خان الخليلي، تجسيد حي لبقية مشاكل ومعاناة بقية حرفيي مصر، وهو ما يشير إليه أحمد فتوح (39 سنة) صانع أرابيسك، تخرج قبل نحو 17 عاماً في كلية التجارة جامعه القاهرة، وفضل أن يعمل في صناعة الأرابيسك، التي تعلم أسرارها من والده، ويقول: جميع حرفيي مصر سواء في منطقة خان الخليلي أو غيرها يعانون نفس المشاكل والمعوقات، وننتظر بفارغ الصبر تدخل الدولة لحماية الحرف اليدوية من الانقراض، وأن تصدر قوانين من شأنها توفير الرعاية اللازمة للحرفيين بتأسيس صندوق يحميهم من شبح البطالة والجوع حال تعرضهم لأسباب خارجة عن إرادتهم لعدم تسويق منتجاتهم كالتي نعيشها الآن في ظل تراجع السياحة خلال السنوات الثلاث الماضية. سوء الوضع الاجتماعي ويشير فتوح إلى أن معاناتهم تمتد أيضاً إلى الواقع الاجتماعي، الذي يزيد من أوجاعهم حال المرض أو تقدم العمر والعجز عن الاستمرار في العمل، فهم يعانون أيضاً عدم الحصول على معاشات أو تأمينات تسعفهم وقت المرض وضيق الحال فالكثير من الورش ليست لديها سجلات تجارية ويهتم معظم الحرفيين بكسب قوت اليوم ولا ينتبهون لأهمية التأمين والمعاش إلا وقت الحاجة. وقال إن بورشته الصغيرة بمنطقة خان الخليلي كثيراً من القطع تنتظر زبونها، وأيضاً الأخشاب، التي تنتظر من يقوم بتحويلها إلى قطع أرابيسك، والوضع يزداد تدهوراً يوماً بعد يوم، بسبب وقف حال السياحة، وهناك ورش كثيرة للحرفيين، في المنطقة أغلقت أبوابها في الوقت الذي قرر فيه عدد من الصناع المهرة في استخراج رخص قيادة ليتحولوا إلى سائقي توك توك أو ميكروباص. وأضاف فتوح: يرتفع سعر الخامة كل يوم في حين ينخفض ربح الصانع، وأسعار الخشب بأنواعه المختلفة الذي استخدمه في صناعة الأرابيسك زادت خلال عدة شهور إلى نحو الضعف تقريباً، ولجأنا إلى تسويق منتجاتنا خارج مصر من خلال سماسرة وتجار. سر اسم «خان الخليلي» سبب تسمية سوق خان الخليلي بهذا الاسم يرجع إلى الأمير المملوكي خليل الجركسي، الذي كان يقيم في تلك الناحية قبل نحو 600 عام وعرف بولعه الشديد بالتجارة في مجال المنتجات اليدوية لاسيما الذهب والفضة والمشغولات النحاسية، فجمع أمهر حرفيي الدولة – آنذاك- من مصر والشام، وقام بتوطينهم في هذا المكان، الذي عرف من وقتها باسم «خان الخليلي»، وذلك وفقاً لما أورده المؤرخ والرحالة» المقريزي» في كتاباته عن القاهرة، وذكر أيضا أن خان الخليلي هو مبنى مربع كبير يحيط بفناء ويشبه الوكالة، تشمل الطبقة السفلى منه الحوانيت، وتضم الطبقات العليا المخازن والمساكن، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى منشئه الشريف «الخليلي»، الذي كان كبير التجار في عصر السلطان المملوكي برقوق عام 1400 م. وبمرور الزمن حافظ المصريون على السوق وتخصصه في مجال الصناعة اليدوية وحرص العاملون به على تعليم أبنائهم أسرار ومهارات المهن المختلفة مما ساعد على استمرار السوق إلى الآن.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©