الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا.. وأسباب تعليق «شنجن»

18 سبتمبر 2015 21:47
أخيراً أثنت المجر على ألمانيا بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين البلدين؛ فقد أشادت الحكومة المجرية بقرار المستشارة أنجيلا ميركل بإعادة السيطرة على الحدود بين ألمانيا والنمسا، وربما ينظر الأوروبيون الشرقيون على الأخص للرقابة على الحدود باعتبارها إشارة إلى أن ألمانيا تتخذ موقفاً متشدداً تجاه اللاجئين، بيد أن هذا ليس صحيحاً، وفيما يلي أسباب توضح الدوافع التي جعلت ألمانيا تقرر تعليق معاهدة «شنجن» مؤقتاً، والتي تضمن حرية التنقل بين جميع الدول الأعضاء. أولاً، إنها تمثل طلقة تحذير قبل إجراء محادثات الاتحاد الأوروبي، فكان من المتوقع أن يوافق قادة الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين، أو يرفضون خطة لاستقبال 160 ألف لاجئ يتم توزيعهم بصورة عادلة في جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وتعارض دول عديدة، منها بولندا وجمهورية التشيك، بشدة قبول مزيد من اللاجئين، وقد يكون لهذا القرار عواقب بعيدة المدى على جمهورية التشيك على وجه الخصوص. وربما يقرر اللاجئون غير القادرين على العبور إلى ألمانيا من النمسا المرور عبر براغ، وفي هذا الصدد، ذكر وزير الداخلية الألماني «توماس دي ميتسيره» في مؤتمر صحفي «أن ألمانيا تضطلع بمسؤولياتها، بيد أنه ينبغي أن يكون هناك تضامن في حمل هذا العبء». ثانياً، برلين تريد من أوروبا الشرقية أن تستقبل مزيداً من اللاجئين: ذكرت السلطات الألمانية أنها ربما توسع الرقابة على الحدود التشيكية – الألمانية، ما سيؤدي إلى حصر لآلاف اللاجئين في جمهورية التشيك. وبعبارة أخرى، فإن الرقابة على الحدود يمكن أيضاً أن ينظر إليها كتهديد تجاه دول أوروبا الشرقية، ما يعني إما قبول لاجئين في إطار جهود الاتحاد الأوروبي المنظمة، أو التعامل مع مزيد من التدفقات الفوضوية من اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل بين حدود الاتحاد الأوروبي الشرقية والدول الغنية، مثا ألمانيا أو السويد. والأمر المثير للسخرية بشكل خاص هو أنه على الرغم من أن المجر أشادت بقرار ألمانيا الذي يقضي بمراقبة حدودها مع النمسا، فإن القرار في الواقع قد يتسبب في مزيد من المشكلات في شرق أوروبا. فالنمسا، التي تتوقع وصول عشرات الآلاف من اللاجئين، والتي حشدت بالفعل جيشها لدعم المتطوعين المدنيين، لن يكون بوسعها التعامل مع التدفق لفترة أطول بكثير. وهذا من شأنه أن يترك اللاجئين مع خيارات إما البقاء في المجر أو تجربة مسار مختلف في أقصى الشمال، وأوضحت ألمانيا أن الضوابط من المفترض أن تكون مؤقتة، ولا تمثل إغلاقاً للحدود، ويقوم ضباط الشرطة بدوريات توقيف وتفتيش في المنطقة الحدودية. ثالثاً، ألمانيا تحتاج مزيداً من الوقت، وليس هناك فقط انقسامات داخل أوروبا، بل أيضاً بداخل ألمانيا: ففي يوم الاثنين الماضي، ذكر نائب المستشارة الألمانية «سيجمار جابرييل» إنه يتوقع أن يصل حتى مليون لاجئ إلى البلاد بنهاية هذا العام، وقبل شهرين فقط، كانت ألمانيا تتوقع حتى 400 ألف شخص فقط، ونظرا للزيادة الهائلة، فإن المدن الألمانية والمجالس المحلية المسؤولة عن استيعاب اللاجئين لديها القليل من الوقت للاستعداد، ويتم استضافة الكثير من المهاجرين في الخيام وسيتعين نقلهم قبل بدء فصل الشتاء. وعلاوة على ذلك، فإن أسعار المساكن في المدن الألمانية ترتفع بالفعل بسبب النسبة المنخفضة للغاية للوحدات المتاحة. وتبحث السلطات الألمانية عن الوحدات السكنية غير المأهولة والتي يمكن استخدامها كمراكز استقبال، لكن اللوائح الألمانية تبطئ هذه العملية، وفي علامة أخرى على أن ألمانيا تفرط في التفكير في رد فعلها الحالي على أزمة اللاجئين، أعلن حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» الذي تتزعمه ميركل يوم الاثنين إنه يفكر في تمرير أول قانون للهجرة في البلاد لتوفير مبادئ توجيهية أوضح وتسريع العمليات الإدارية – وهي الخطوة التي طالما طالبت بها أحزاب المعارضة. رابعا: إن تعليق معاهدة شنجن يعتبر الوسيلة القانونية الوحيدة والمجدية للحد من التدفق، فالقدرة على طلب اللجوء تعتبر حقاً أساسياً في الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن ألمانيا لديها ثلاثة خيارات فقط حالياً: بإمكانها انتهاك القانون، أو إعادة اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي حيث وصلوا أول مرة، أو أن تجعل من الصعب بالنسبة للاجئين الوصول إلى ألمانيا حتى تصبح السلطات أكثر استعداداً لتناول مشكلة التدفقات. خامساً، تسعى ميركل لتهدئة شريكها البافاري في الائتلاف، وبصرف النظر عن إرسال إشارات للخارج، ربما تحاول ميركل موازنة مصالح شريكها الجنوبي في الائتلاف، وهو «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، الذي يعد أقوى حزب في ولاية «بافاريا» القريبة من الحدود النمساوية، فهذا الحزب يميل إلى أن يكون أكثر تحفظا وأقل تأييدا لإيواء اللاجئين. ريك نوك* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيو سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©