السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أولاد حارتنا في القاهرة لأول مرة بعد 50 عاماً

26 ديسمبر 2006 00:56
القاهرة - حلمي النمنم: أخيرا·· وبعد نصف قرن من الصمت حينا والجدل حينا آخر، صدرت في مصر رواية نجيب محفوظ ''أولاد حارتنا'' واقتضى نشرها محاولات عدة قام بها الناشر ابراهيم المعلم· كان المعلم قد حصل على حق طباعة جميع اعمال محفوظ بالعربية وتوزيعها داخل مصر وخارجها، بما فيها ''أولاد حارتنا'' واعترض محفوظ وكان اعتراضه أدبيا لتمسكه باتفاق غير مكتوب تم عام 1959 بينه وبين الرئيس عبدالناصر وبمقتضاه (لا يتم اعتراض رسمي على الرواية ولا تطبع داخل مصر) وتدخل كثير من الادباء والنقاد لاقناع محفوظ واخيرا وافق على ان يحصل الناشر على موافقة مسبقة من شيخ الأزهر د· محمد سيد طنطاوي· وتعرض محفوظ لانتقاد من الكتاب والصحفيين لهذا الشرط الذي رأى فيه النقاد سطوة شيخ الأزهر والمؤسسة الدينية على الابداع· واقترح الناشر ابراهيم المعلم ومحمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر على محفوظ ان يكتب المفكر الاسلامي د· أحمد كمال ابوالمجد عضو مجمع البحوث الاسلامية مقدمة الرواية، وكتب ابوالمجد المقدمة ثم تعثر النشر فلم يكن محفوظ مستريحا، وبعد وفاته زار المعلم وسلماوي اسرة محفوظ ارملته وابنتيه ليستأذنا في نشر الرواية فأبدين تحفظا لأنها لم تنشر في حياته وصارحهن المعلم بأن ابوالمجد كتب المقدمة وان د· محمد سليم العوا رحب بالنشر وتعرف ابنتا محفوظ اسم د· العوا باعتباره واحدا من علماء الاسلام فوافقن على الفور وتم الاتفاق على ان يكتب د· العوا الامين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كلمة الغلاف الخلفي للرواية والتي تحمل عنوان ''هذه الرواية'' وكان مقررا ان تصدر الرواية يوم 11 ديسمبر الماضي -عيد ميلاد محفوظ- لكن حدثت مشكلة في الطبع اذ ظهر الغلاف بلا كلمة العوا فطلب المعلم وقف الطبع لاستكمال تلك الجزئية وظهرت الرواية يوم السبت الماضي 23 ديسمبر· دفاع عن محفوظ ودافع د· العوا في كلمته عن الرواية وصاحبها قائلا ''والرمز كله يحتمل التأويل، وما كان محتملا للتأويل يجب حمله على احسن وجوهه'' واستند العوا على شرح محفوظ لروايته وما يقصده من انها تصور حارة مصرية تماما ووقفا قديما لصالح ابناء الحارة يتصارع عليه فريقان احدهما شرير والآخر طيب· ويضيف العوا: ''السؤال الذي كان يحاول توجيهه الى حكام مصر من رجال الثورة هو: مع أي فريق انتم؟ وقد قال محفوظ نفسه ''الأمر الذي لاشك فيه أنني في حياتي لم يتطرق اليّ شك في ديني واذا كنت قد بدأت افهم الدين فهما خاصا في وقت المراهقة فإنني قد فهمت الاسلام على حقيقته تماما بعد ذلك بل اعتقد جازما وحازما انه لا نهضة حقيقية في بلد اسلامي إلا من خلال الاسلام· وينتهي العوا الى القول ''فلتمض المعركة الادبية في طريقها الى منتهاها أو لتستمر الى غير نهاية لكن ايمان الكاتب ورمز الرواية الى الله سبحانه وتعالى والى رسوله قطعت فيهما جهيزة قول كل خطيب فليقرأ القارىء كيف يشاء وليفهم كيف يشاء ولكنه مطالب بألا يكذب رجلا مسلما أفضى الى الله سبحانه وتعالى بما قدر وقد قدم للغته وثقافته خيرا كثيرا نرجو ان يجزيه الله به خيرا''· الامر الثاني الذي توقف عنده د· ابوالمجد يتعلق ايضا بمبدأ عام وهو حرية التعبير والموقف الذي يجب ان نتخذه منها اذ يقول '' ان الاصل هو الحرية وان التقييد استثناء تمليه الضرورة والضرورة انما تقدر بقدرها ومن شأن الاستثناء الا يقاس عليه أو يتوسع فيه· وقال الناشر إبراهيم المعلم ان اصحاب المكتبات طلبوا في اليوم الأول الف نسخة من الرواية ثم طلبوا المزيد في اليوم الثاني ولعلها تكون المرة الاولى التي يباع فيها من رواية عربية الف نسخة في اليوم الاول لطرحها خاصة بالنسبة لمحفوظ الذي شكا ناشره السابق - مكتبة مصر- من ان رواياته يطبع منها 3 آلاف نسخة ولا يتم توزيعها إلا في سنوات وقد أغضب ذلك التصريح محفوظ كثيرا ودفعه الى فسخ تعاقده مع مكتبة مصر· وعلى الجانب الآخر فإن نسخ الرواية طبعة دار الادب اللبنانية والتي كانت تباع على الارصفة في الشهور الاخيرة هبط سعرها من 75 الى 35 جنيها ثم وصلت الى 20 جنيها بعد ان تأكد اصحاب المكتبات من ان الطبعة المصرية على وشك الظهور· الطبعة الجديدة تباع بمبلغ 30 جنيها ''حوالي 5 دولارات'' وتقع في 590 صفحة وكانت ''دار الشروق'' قد اصدرت طبعة من نفس الرواية قبل حوالي الشهر ولكن ضمن مجلدات الاعمال الكاملة لمحفوظ ·قصة المنع ''أولاد حارتنا'' هي اول رواية يكتبها محفوظ في عصر ثورة يوليو 1952 وكان محفوظ قد توقف عن الكتابة منذ ابريل 1952 حين انتهى من كتابة الثلاثية وحتى عام 1957 حتى يأس تماما وتصور انه لن يعود الى الرواية ثانية وسجل نفسه ككاتب سيناريو في نقابة الفنانين وانتهى من ''أولاد حارتنا'' وبدأ نشرها في صحيفة ''الاهرام'' عام 1959 ورأى بعض الكتاب والادباء ان الرواية بها مساس بالرموز الدينية ونشر المحرر الثقافي بصحيفة ''الجمهورية'' خبرا بهذا المعنى ووصلت شكاوى مجهولة المصدر الى الأزهر ورئاسة الجمهورية والنيابة العامة تطالب بوقف نشر الرواية والتحقيق مع صاحبها وقد علم محفوظ فيما بعد ان الشكاوى التي وصلت الى النيابة العامة كانت من بعض الادباء وطلب الرئيس عبدالناصر من 3 علماء بالازهر ان يوافوه بالرأي حولها وكان عبدالناصر قد راجع محمد حسنين هيكل في نشر الرواية ولما علم هيكل بما يدور حول الرواية حول النشر من حلقة اسبوعية الى يومية، وانتهى رأي العلماء الى ان الرواية بها مساس بالذات الآلهية واعترف الشيخ محمد الغزالي فيما بعد انه كان صاحب هذا الرأي وعلى هذا تم الاتفاق على عدم طبعها داخل مصر· نوبل بعد فوز محفوظ بجائزة نوبل هاجم التيار الاسلامي الرواية واعتبروا ان الجائزة كانت مكافأة دولية على رواية تمس بالاسلام واصدر الشيخ عبدالحميد كشك كتابه ''كلمتنا في الرد على أولاد حارتنا'' وكفر فيه محفوظ ثم افتى امير الجماعة الاسلامية في الثمانينيات د· عمر عبدالرحمن بأن محفوظ كافر ويجب قتله· وفي اكتوبر 1994 ارتكب محمد ناجي احد اعضاء الجماعة محاولة اغتيال محفوظ بمطواة أمام بيته ونجا محفوظ من الموت ولكن أصيبت يده اليمنى بالشلل، وفي تحد لهذا الموقف طالب المثقفون بنشر الرواية واصدرتها صحيفة ''الاهالي'' المعارضة في عدد خاص ونشرتها صحيفة ''المساء'' على حلقات لكن بقيت طباعتها في الكتاب معلقة حتى صدرت أخيرا·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©