الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثماني سنوات الأولى من عمر الطفل الأكثر تأثيراً على مستقبله

الثماني سنوات الأولى من عمر الطفل الأكثر تأثيراً على مستقبله
21 سبتمبر 2013 20:45
أوضح خبراء أن السنوات الثماني الأولى من حياة الطفل تعتبر أهم مرحلة في حياة الإنسان، بحيث ينمو الجزء الأكبر من خلايا الدماغ والخلايا العصبية في هذه المرحلة بشكل يفوق السنوات العشرين التي بعدها، واعتبروا التغذية الجيدة والبيئة الداعمة والآمنة من أهم الوسائل لنمو صحي للدماغ، لافتين إلى أن الضغط السلبي من البيئة المحيطة بالطفل من توتر ونزاع وعنف يؤثر بشكل كبير في سنوات عمره الأولى، مما يؤثر سلباً على مستقبل الطفل وتعليمه وصحته الجسدية والعقلية والنفسية. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - خلال الاجتماع الدولي للخبراء الذي نظم تحت بعنوان «الاتجاهات العالمية والأجندة الإقليمية»، واختتم مؤخراً في أبوظبي، تحت الرعاية الكريمة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والذي نظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بأبوظبي وبالتعاون مع مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» الإقليمي بيروت وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونسييف»، تم التطرق إلى التحديات التي تواجه الطفولة في العالم العربي، خاصة في الشرق الأوسط والعالم العربي، وخرج الاجتماع بتوصيات عدة ستكون الدول المشاركة ملزمة بتطبيقها، ووضع آليات لتدريب المعلمين والآباء للتعامل مع الطفولة في سن مبكرة، خاصة في المناطق التي تعرف أزمات وطوارئ. وشارك في الاجتماع خبراء ومسؤولون ومنظمات دولية وإقليمية في مجال الطفولة المبكرة. ويهدف الاجتماع، الذي شارك فيه خبراء ومسؤولون ومنظمات دولية وإقليمية في مجال الطفولة المبكرة، إلى وضع قضايا تنمية الطفولة المبكرة أولوية على الأجندات الوطنية في المنطقة العربية، وحشد الدعم لإعداد سياسات وبرامج للأطفال الذين يعيشون في حالات الطوارئ ومناطق الأزمات، كما يهدف إلى تدريب مجموعة من المسؤولين في مجال الطفولة لحشد الدعم لقضايا تنمية الطفولة المبكرة وإعداد خطة عمل من جانب المجموعة العربية لهذا الغرض. إغفال تطوير مهارات الأطفال وفي سياق متصل، قالت ثائرة علي شعلان، مديرة البرامج في المجلس العربي للطفولة والتنمية في القاهرة، وهي منظمة عربية، في حوار خاص لـ«الاتحاد»: إنه يجب التفكير والتأكيد على نوع التربية والرعاية في الفترة المبكرة من حياة الطفل، مؤكداً أن الكل يجمع على أهمية الرضاعة الطبيعية، والجميع ينصح بالتدريس، لكن القليل من يولي عناية بكيفية الرضاعة، ونوع التدريس والرعاية التي يجب أن يتلقاها الطفل في جميع مراحل دراسته، سواء ما قبل التمدرس أو بعد التحاقه بالصفوف الأولى، لافتة إلى أن تطوير الذات يبدأ من المراحل العمرية الصغيرة»، وبما أننا نتحدث عن الطفولة المبكرة وأهميتها في تنشئة الطفل العربي، لابد من التطرق إلى التغذية والرضاعة الطبيعية، لكن غالبا ما نغفل ناحية تطوير مهارات الطفل، بحيث أنه ليس يهمنا الرضاعة الطبيعية بقدر ما يهم طريقتها، فخلال هذه الفترة يجب على الأم أن تحتضن وليدها وتتحدث معه، وأن تجعل هذه اللحظة فترة سعادة وليست مهمة تنجزها، كما أنه ليس مهما أن يذهب الطفل للمدرسة بقدر ما يهم التفاعل في المدرسة والتأسيس لحياة الطفل المستقبلية من خلال تعليمه مهارات جديدة في الحياة والتركيز عليها، كتعليمه إبداء رأيه وأسلوب النقاش وقبول الرأي الآخر، وغيرها من المهارات الحياتية. وأوضحت ثائرة شعلان أن هناك دراسات تؤكد أن نمو دماغ الطفل يبدأ في مرحلة عمرية صغيرة، مما يوجب التركيز على هذه المرحلة التي يغفلها بعض الآباء والمربين، فمن خلال تقنيات التصوير يتم إظهار تطورات نمو دماغ الطفل، وقد أثبتت أن حركة دماغ الطفل في نمو بشكل سريع، وعليه لا يجب اعتبار الطفل غير فاهم أو غير مدرك لما يدور حوله، وبالتالي فإن المرحلة العمرية الأولى حتى 8 سنوات تعتبر من أخصب المراحل العمرية التي تنعكس على حياة الطفل في المستقبل، حيث إن الصغير يتمتع في هذه المرحلة بقدرة عالية على تعلم المهارات الحياتية الأساسية. قيم مستدامة وفيما يخص الأنشطة التي تدعم وتقوي تفكير الطفل وتغني تجاربه، ترى ثائرة أن المهارات مكتسبة، فالعزف على آلة معينة أو ممارسة رياضة أو نشاط فني يدعم مهارات الصغار، بل يعتبر رافدا مهما في تطوير ذواتهم، كما اعتبرت الرحلات للبر والطبيعة عاملاً مساعداً على فهم الحياة ودوراتها، لافتة إلى أن الطبيعة تعلم الأشخاص على أرض الواقع، وتضيف أن الرحلات المرتبطة بالطبيعة تساعد على الاستكشاف، وتطوير المعرفة، كما أن التشارك والحوار جزء من التطور الإنساني، لأن الحوار وتبادل أطراف الحديث مع أهله أو معلميه يؤسس لديه نوع من الانتماء، لأنه يدرك أنه مشارك، ويسمح له ذلك التعبير عن رأيه بكل جرأة، وبالتالي يصعب انتهاكه أو استغلاله، بحيث إن من يتعرض لذلك هم الأطفال المنزوون، الذين ليست لديهم القدرة على توصيل المعلومة والدفاع عن ذواتهم، كما أن من يتعلم الأشياء الصحيحة تكون لديه القدرة على العطاء، ومن جهة أخرى فإن هناك مجموعة من القيم إذا تعلمها الطفل، تظل معه طوال الحياة. الخادمة ودورها المأساوي وتوضح ثائرة شعلان: مما لا شك فيه أن التربية تشاركية بين الأب والأم، مما يخلق توازنا نفسيا وروحيا لدى الأطفال، فمن أخطر القضايا في العالم العربي أن الأب يتنازل عن دوره في تربية أولاده، ويقتصر دوره على سد الاحتياجات المادية، ويعتبر التربية من مهام الأم، «وإذا نظرنا إلى نسبة الأمية في العالم العربي فإنها متفشية في صفوف النساء اللائي يؤسسن الأجيال، وبالتالي تنقل ثقافة ضعيفة للأطفال، أما إذا تركنا مسؤولية الطفل للخادمة فهذا يعتبر مأساة كبيرة تظهر مشكلاتها مستقبلاً، فالخادمة غير مثقفة، وليس لديها مهارات حياتية في مجال التربية، كما أن ثقافتها غريبة على المجتمع،وتكون غير مرتبطة وجدانياً بالطفل، وبالتالي تقوم بواجب ميكانيكي كتغيير ملابسه، تحميمه، إطعامه وغيره، ولكن تظل قدراته ناقصة فيما يخص التواصل معه، إلى جانب تعرض أغلب الأطفال الذين تعتني بهم الخادمة إلى العنف المعنوي، وأشارت ثائرة شعلان إلى أن تلقي الطفل لأسلوب تربية خاطئ يؤثر على مستقبله، في تعامله في بيته، ومع أهله ووالديه وزوجته، بحيث يتسم هؤلاء بجفاف المشاعر، ويفرز ذلك شكل ظواهر خطيرة في المجتمع، منها التفكك الأسري، الطلاق المبكر، الفشل الدراسي، التعاطي المبكر للمخدرات، وعقوق الوالدين، كل ذلك بسبب حرمانه من الحنان في فترة الطفولة المبكرة. التسرب.. رافد للأمية من جهته، قال الدكتور أحمد المعمري، أمين عام اللجنة الوطنية اليمنية للتربية والثقافة والعلوم: إن هناك خصوصية في بلده، تستدعي التدخل في مجال الطفولة المبكرة، موضحا أن بعض المناطق التي تعرف الأزمات تشهد هجرة العائلات والأسر، مما ينعكس على الأطفال وتربيتهم، ما أدى إلى تدخل مجموعة من المنظمات المحلية، ومنها «اليونيسيف» في مجال الصحة والرعاية والدراسة، وغيرها من المواضيع المرتبطة من الأطفال، وتشمل أيضاً أطفال الشوارع الذين يقصد بهم الباعة المتجولون الصغار الذين يعيشون على الهامش، ويضيف: نعمل على إجراء دراسات في «اليونيسكو»، كان آخرها حول الفقر والأزمات والتسرب من المدرسة، وقد تم إثبات أن التسرب من المدرسة يصل إلي 50 ?، ويعتبر هذا الموضوع شائكاً، خاصة أن التسرب يعتبر رافدا كبيرا للأميين الجدد، واليمن يعاني زيادة في أعداد السكان. وأضاء المعمري على إحصائية تتعلق بعدم الالتحاق بالمدرسة، فقد أجرت إحدى المنظمات العاملة في مجال حقوق الطفل دراسة في إحدى قرى المحافظات الفقيرة باليمن ووجدت أن هذه القرية لم يلتحق بالمدرسة بها إلا 10 ? أو أقل، والسبب يرجع إلى الفقر وظروف الأهل الاقتصادية مما انعكس على مستوى الأطفال الفكري، وظهر ذلك في نواحٍ عدة، منها الصحية كالهزال الناتج عن سوء التغذية.. وفي سياق الحديث عن مشاركة بلاده في الاجتماع، قال المعمري إن الهدف هو الاضطلاع على تجارب مشابهة، خاصة من البلدان التي تعيش أزمات وحالات طوارئ، كالتجربة السورية واللبنانية والعراقية وغيرها، بحيث نستفيد من كيفية معالجتهم لهذه المشكلات في جانبها المتعلق بالطفولة المبكرة. الأزمة المخبوءة لدى الصغار قدمت ميسون شهاب، مستشار إقليمي لبرنامج التعليم الأساسي، مكتب اليونسكو الإقليمي للدول العربية، شرحاً عن أثر حالات الطوارئ على الأطفال وأسرهم، موضحة أن حالات الطوارئ تتضمن الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل أو الحروب والعنف، وأن ما يحدث للأطفال بين عمر الصفر والثامنة في حالات الطوارئ يعرف بالأزمة المخبوءة، فالأطفال الصغار لا يكونوا مرئيين، حيث يعانون حالات الطوارئ وكل حالة لها تأثير مباشر كالجروح والحروق والكدمات، وتأثير غير مباشر كالنزوح وانخفاض معدل الحياة، كما أنهم الضحايا الأكثر معاناة، فالأثر السلبي يكون مضاعفاً عليهم، ويؤثر على تطورهم المعرفي والنفسي والسلوكي، وقالت إن الطفل في هذه العمر يعيش تجربة غير طبيعية، إذ يتعرض إلى مجموعة من التأثيرات التي تدمره اجتماعيا، ونفسيا وتربويا، بحيث تكون ردود أفعال الصغار في هذه المرحلة متشابهة، ومن تجليات ذلك افتقادهم للثقة بالنفس، وبالمحيط، نتيجة إصابتهم باضطرابات سلوكية ونفسية، تترجم في الانزواء والعدوانية، وهؤلاء يسهل انتهاكهم، وفي هذا الإطار فإننا نؤكد ضرورة التدخل وتقديم الرعاية لهم في سن مبكرة من جانب الأهل الذين تقع عليهم مسؤولية تخليصهم، من هذه المخاوف. دراسات تهم الطفل قالت ثائرة شعلان، مديرة البرامج في المجلس العربي للطفولة والتنمية بالقاهرة: إن استراتيجية هذه المنظمة التي يوجد مقرها بالقاهرة لثلاث سنوات مقبلة تتعلق بتنشئة جديدة للطفل العربي، ونحن نعمل على إنجاز دراسة في 10 دول عربية، لمدة سنتين، حول أساليب التنشئة في العالم العربي، حيث تم الاستماع للأسر والمدرسين والقائمين على تربية الأطفال، وعبر هذه الدراسة سوف تنبثق معايير وأدلة تدريبية، وسنعمل على تدريب الأهل والمجتمع المدني، والمدرسين والاختصاصيين الاجتماعيين والإعلاميين والمثقفين والبرلمانيين، وسيتم إشراك هذه الفئة، لأن الموضوع يحتاج إلى إعادة النظر في التشريعات الموجهة للأطفال، وفي برامج التوعية لقضية التنشئة، كما أن المؤسسة الثقافية يجب أن تلعب دوراً مهماً في هذا المجال، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني، الذي أعتبره الأقدر تواصلاً مع الأهالي، والأطفال أنفسهم. وأشارت ثائرة إلى أن إمكانية التواصل متوافرة من خلال موقع المنظمة، المتاح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و14 سنة، والذين يسمح لهم بمناقشة كل الأمور المتعلقة بهم، وفتح حوارات حول قضايا تهمهم، والتعليق عليها، مدعمة بالصور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©