الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغذاء الصحي يزيد الإدراك في الصغر ويحمي من مخاطر الشيخوخة

الغذاء الصحي يزيد الإدراك في الصغر ويحمي من مخاطر الشيخوخة
14 سبتمبر 2012
إذا كان جسم كل إنسان يحتاج منذ صغره إلى نظام غذائي صحي ومتوازن، فإن عقله لا يحتاج إلى حمية بقدر ما يحتاج إلى غذاء فكري وافر يكون بمثابة الوقود الذي يشحنه ويشحذه لينتج طاقة. ولعل موسم العودة للمدارس هو من المناسبات الجيدة التي يُفترض بالآباء أن يغتنموها ليعززوا طاقة عقول أبنائهم وأدمغتهم، وهم بذلك ينشطون أيضاً عقولهم الراشدة التي يحسبون خطأً أنها مكتملة النمو! يقول عالم الأعصاب ماجد فتوحي، رئيس معهد علم الأعصاب لصحة ولياقة الدماغ في مدينة بالتيمور، “الغذاء يمكن أن يؤثر على الدماغ في دقائق معدودات. فأنت لا تحتاج لدليل علمي لتُدرك أنك إذا تناولت قطعة “دونات”، فإنك ستشعر بعد ساعة أو دقائق قليلة بالتعب بسبب ارتفاع سكر الدم، وأنت تعرف طبعاً أنك عندما تجوع فإن صفو مزاجك يتعكر، وتصبح غير قادر على اتخاذ قرارات جيدة”. تأثير العادات تقول ميجان بارنا، اختصاصية حمية في المركز الوطني الطبي للأطفال “تؤثر العادات الغذائية للأطفال على مستوى الطاقة في أجسامهم، وعلى مزاجهم، وحتى تحصيلهم الدراسي”. وتضيف أن الأطفال الذين درجوا على تناول وجبة فطور صحي كل صباح ترتفع معدلات التركيز لديهم في الصف، وتتحسن سلوكياتهم بالمقارنة مع أقرانهم الذين لا يأكلون أطعمة صحية في الفطور، أو يتناولون أطعمة ذات جودة منخفضة. ويقول فتوحي، الذي يعمل أيضاً أستاذاً مساعداً في كلية الطب بجامعة جونز هوبكينز، إنه “على الرغم من أن التأثير قصير المدى لاستهلاك الطعام على الدماغ هو أمر محمود بحد ذاته، لكن الكثير من الناس لا يُدركون أن التغذية لها أثر كبير جداً على وظيفة الدماغ، ليس على مدار الأيام والأشهر، بل طوال سنوات وعقود من عمرهم”. ويضيف فتوحي “ما تأكله الآن من حيث الكمية والجودة يمكن أن يكون له على المدى البعيد تأثير كبير على وظائفك الإدراكية، وعلى مخاطر تعرضك في مرحلة الشيخوخة لأمراض كالخرف والزهايمر”. ويفيد البروفيسور فتوحي بأن النظام الغذائي رديء الجودة له صلة مباشرة بما يُصطلح عليه بالأمراض “القاتلة للدماغ” مثل الجلطة القلبية والسكتة الدماغية، وكذا السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكوليسترول والالتهاب، وهي أمراض لها تأثير سلبي على وظيفة الدماغ وأدائه. فما هي إذن أنواع الوجبات التي تساعد على جعل أدمغة جميع أفراد الأسرة ثاقبة ونافذة على المديين القصير والبعيد؟ ويقول فتوحي إن “الدماغ هو عضو مفرط في النشاط يحتاج إلى الكثير من الدم، والكثير من الأوكسجين، والعديد من المغذيات”. ويرى أن أفضل نظام غذائي يناسب الأطفال هو الغذاء المتوسطي الذي يشمل الكثير من فيتامينات “بي” وفيتامينات “سي” و”إي” المؤكسدة، بالإضافة إلى فيتامين “دي”. فكل غذاء يحوي هذه المجموعة من الفيتامينات يُعد غذاء مفيداً للدماغ بامتياز، ويكون بمثابة الدرع الواقي الذي يحميه من الأمراض. صحة الدماغ يفيد فتوحي بأن الحفاظ على الوزن هو أمر بالغ الأهمية. فالسمنة يمكنها الإضرار بالدماغ بطرق عديدة من قبيل تقليل تدفق الدم وزيادة مخاطر انقطاع النفس أثناء النوم. كما أنها مرتبطة بصغر حجم الدماغ وانكماشه. وهذا يمكنه أن يؤثر على الإنسان على مستوى ذاكرته قصيرة المدى ومخاطر إصابته بالخرف. وينصح بتجنب تناول الأغذية الغنية بالدهون فهي مصدر المشاكل الصحية، ولها علاقة مباشرة بصغر حجم الدماغ وتراجع وظائفه. ويُجمع معظم خبراء الغذاء والتغذية على أن الحمض الأميني أوميجا 3 الموجود في سمك السلمون والسردين والإسقمري (الماكريل) والتروتة وبعض الأسماك الأخرى، والذي يضطلع بدور مهم في ترميم خلايا الدماغ والحفاظ على لياقتها هو المكون الغذائي الأهم والأبرز لصحة الدماغ. وسبق لدراسات أن أظهرت أن تزويد الأطفال بمكملات أوميجا 3 يفيد في تحسين وظيفة ذاكراتهم، وقدرتهم التعليمية، وأدائهم الإدراكي. وأشارت هذه الدراسات نفسها إلى أن انخفاض مستويات أوميجا 3 في الجسم يؤدي إلى انكماش الدماغ وزيادة مخاطر الإصابة بالزهايمر، علاوةً على اضطرابات سلوكية أخرى في مرحلتي الطفولة والمراهقة. ولا يوجد أوميجا 3 في الأسماك فقط، بل إن الكثير من المكملات الغذائية أوميجا 3 المتوافرة في الأسواق مستخلصة من الطحالب البحرية. ويقول فتوحي إن التوت الأزرق والسبانخ لهما فوائد جمة على الدماغ من بينها تعزيز وظيفته الإدراكية والحركية. ويضيف أن عدداً من الباحثين يعتقدون أن حبوب الكينوا لها مفعول مماثل، وهم يعكفون حالياً على إيجاد دليل علمي يثبت ذلك. وعلى الرغم من أن فوائد الأسماك والأغذية الغنية بأحماض أوميجا 3 الأمينية أصبحت من البدهيات التي توقن بأهميتها لدماغ الطفل الغالبية العظمى من الباحثين، فإن تناول أوميجا 3 عبر أي غذاء يفيد الطفل دوماً ولا يضره. ادعاءات تسويقية من جهة أخرى، يقول فتوحي إنه ليست هناك أدلة كافية تُثبت صحة الفوائد الموجودة فيما يُصطلح عليه بمغذيات الدماغ، مثل الشاي الأخضر وزيت جوز الهند ونبات الجنكو. ويُحذر خبراء آخرون من مغبة الانخداع بادعاءات الإعلانات التسويقية والترويجية التي تسرف في تعداد فوائد نوع من الفواكه، وتفضيله على غيره لغايات ربحية في نفوس أربابه. وفي هذا السياق، يقول عالم الغدد الصماء الدكتور توماس شيرمان من كلية الطب بجامعة جروج تاون “ما تقوم به هذه الإعلانات يشبه غسيل الدماغ، فهي تجعلك تفكر بأنه إذا أكثرت من تناول التوت الأزرق، مثلا فإن ذكاءك يتقد تلقائياً، وذهنك يشتعل نبوغاً، وهذا كلام عار عن الصحة”. ويوضح “صحيح أن العديد من مغذيات الدماغ هذه لها فوائد صحية على مستهلكها بشكل عام باعتبارها تحوي سلسلة من الفيتامينات والمغذيات التي لا يحصل الكثير من الناس على ما يكفــي منها، لكن هذا لا يعني أنه يجب عليك أن تذهب للبيت وتُتخم بطنك كل يوم بكميات كبيرة من التوت الأزرق!”. ولا بد من الإشارة إلى أن الفوائد العظمى لكل نظام غذائي صحي لا تقف على عتبات المدارس، بل تتعداها إلى حياة الإنسان الصحية في مراحله العمرية الحالية واللاحقة، وتنعكس على مدى مناعته أو هشاشة صحته، وعلى مدى قابلية إصابته بالأمراض أيضاً. ويقول فتوحي “من الأشياء المذهلة حول الدماغ أنه يتسم بالمرونة والقدرة على النمو في أية مرحلة عمرية”. ناهيك عن كون معظم الأغذية تُعد مفيدة للعقل ولصحة القلب والشرايين، ومغذية للبشرة. ويختم فتوحي تعليقه على هذا الموضوع بالقول “آخر بحث حول هذا الموضوع يشير إلى أن تغيير النظام الغذائي في الحضانات يؤدي حتماً إلى تغيير نمط العيش والأداء الإدراكي للأطفال”. وتبقى البدهية الثابتة في الأوساط العلمية والبحثية هي أنك “تستطيع دوماً تحسين وظيفة دماغك، بصرف النظر عما إذا كنت طفلاً، أو كهلاً، أو حتى شيخاً”. هشام أحناش عن “واشنطن بوست”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©