الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

روسيا تستعرض عضلات الطاقة لكسب مزيد من النفوذ

25 ديسمبر 2006 23:34
موسكو - (د ب أ): قامت روسيا مع صبيحة اليوم الأول لعام 2006 بخفض درجة الضخ في الأنابيب التي تحمل الغاز الطبيعي الروسي من حقول سيبيريا· وكانت أوكرانيا قد رفضت قبول رفع أسعار وارداتها من الغاز الطبيعي الروسي بنسبة 500 بالمئة· وأمضت كييف جراء ذلك الأيام الثلاثة الأولى من العام ببردها القارص دون غاز روسي· واستهلت موسكو، التي توفر لأوروبا ربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي، عام 2006 بصورة أرادت من خلالها أن تؤكد أنها استعادت معظم النفوذ الذي كان لها خلال الحقبة الشيوعية بفضل إمدادات النفط الضخمة التي تملكها· وبعد ذلك باثني عشر شهرا مارست البلاد عادة سوفييتية أخرى ألا وهي ''سياسة التعنت'' حيث لم يقدم الكرملين إجابات شافية على أكثر الأسئلة التي طرحها العالم فيما يتعلق بمقتل الصحفية آنا بوليتكوفسكايا والجاسوس السابق ألكسندر ليتفينينكو، وكان الاثنان من المنتقدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين· وشهد العام تولي روسيا رئاسة مجموعة الثمانية التي طالما خططت لها، وتحرك الكرملين في هذا الإطار بطريقة متشددة رغبة منه في تأكيد أن روسيا قوة عالمية· ويقف خلف هذه النهضة الروسية شركة جازبروم التي تحتكر إنتاج الغاز الطبيعي وهي العملاق الذي تحول خلال 6 سنوات من لاعب صغير إلى ثالث أكبر شركات الطاقة في العالم، وهي تطمح لان تكون الأكبر في مجالات عديدة· وأمضت الشركة عام 2006 في تعزيز أصولها ونطاق نشاطها، وهو في الغالب على حساب الشركات الأجنبية الكبرى التي بدأت تستشعر ما تلاقيه من مضايقات على الأراضي الروسية· فقد شنت هيئة حماية البيئة الحكومية في روسيا حملة تفتيش على مشروع ساخالين 2 المملوك لشركة (رويال داتش شل) البريطانية- الهولندية وكشفت عن عدد من الانتهاكات البيئية في أكبر مشروع في العالم لتطوير الطاقة· ومثلت هذه الخطوة تهديدا بوضع نهاية لمشروع تبلغ تكلفته 20 مليار دولار في المحيط الهادئ قبالة السواحل الروسية ويعتقد أن الدافع وراءها كان رغبة جازبروم في بسط سيطرتها على حقول ساخالين· وفي منتصف ديسمبر الجاري، أفادت وسائل الإعلام الروسية بأن ''شل'' عرضت على جازبروم 50 بالمئة من أسهم المشروع· وما زالت المفاوضات جارية والعام يلملم أوراقه للرحيل في خلال أيام قليلة· ومع تصعيد بوتين دعواته خلال عام 2006 لاقتصاد يعتمد على ''الأبطال القوميين'' أو الصناعات الاحتكارية المملوكة للحكومة التي تستطيع المنافسة بالخارج لعبت جازبروم دور حامل اللواء الاقتصادي للبلاد· وشهد العام اندماج كل شركات صناعة الطائرات الكبرى في شركة الطيران المتحدة التي يرأسها وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء الروسي سيرجي إيفانوف· ومع اقتراب روسيا من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية عبر التوقيع على اتفاقية حيوية للتجارة مع الولايات المتحدة شهدت قطاعات المعادن والصرافة وصناعة السيارات والطاقة النووية اندماجات أيضا· وفيما ينتقد العديد من اقتصاديي السوق الحرة هذه الاندماجات فإن معظم الروس يعتبرونها ضرورية بعد عقد التسعينيات من القرن العشرين الذي خربت الخصخصة خلاله صناعة البلاد ولم يستفد منها سوى القلة على حساب معظم أفراد الشعب الروسي· بيد أن محور الخطط السياسية والاقتصادية الروسية هي جازبروم التي يصفها العديدون في الغرب برافعة نهوض السياسة الخارجية لموسكو· وجاء قطع جازبروم لإمدادات النفط لاوكرانيا بعد أن رفضت الحكومة التي يدعمها الغرب في كييف دفع 230 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز· وبعد سقوط الحكومة الاوكرانية برئاسة يوليا تيموشينكو عقب إخفاقها في العام الجديد قامت جازبروم بتخفيض أسعار الغاز لصالح حكومة فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا إلى 130 دولارا لكل ألف متر مكعب· وشهدت جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي خرجت من الفلك الروسي وبينها جورجيا أيضا زيادات كبيرة في الأسعار فبعد أن سجنت جورجيا الجارة الجنوبية لموسكو أربعة ضباط بالجيش الروسي بتهمة التجسس قررت روسيا قطع الاتصالات وخطوط المواصلات مع تبليسي· كما سحبت سفيرها لدى جورجيا التي تمضي قدما باتجاه الانضمام لحلف شمال الاطلسي (الناتو)· ودعا الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة الاطراف المعنية بالتزام الهدوء· وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الأسبوع الماضي: ''لا نستشعر أي تحول نحو الأفضل''· وطفت على السطح المزيد من الخلافات مع الاتحاد الاوروبي في شهر نوفمبر الماضي عندما فشلت المحادثات بين الجانبين بشأن توقيع اتفاقية شاملة للسياسات والتي كان مقررا أن تبدأ بسبب المخاوف البولندية إزاء رفض روسيا توقيع ميثاق الطاقة الأوروبي· وقال المسؤولون الروس وبينهم لافروف آنذاك إنهم ليسوا تواقين أكثر من الاتحاد الأوروبي لبدء المحادثات، وإنهم سينتظرون حتى يعود الاتحاد للمعايير التي تتبناها موسكو· ومع انتهاء الفترة الأخيرة لحكم بوتين دستوريا عام 2008 ومحاولة الرئيس ضمان انتقال سلس للسلطة يرى الكثيرون هجوما عنيفا على الجماعات المعارضة التي ينتمي معظمها لجماعات قومية متطرفة· وتم استدعاء أكثر من 8000 ضابط وجندي من الشرطة للسيطرة على حشد لا يتجاوز الألفين شارك في مسيرة للمعارضة وسط موسكو يوم 16 ديسمبر· وفي ظل استمرار الإيقاع السريع للنمو الاقتصادي، حيث يقدر أن تبقى أسعار النفط أعلى من 60 دولارا خلال العام الجديد، فإن روسيا تملك القدرة على تأكيد قوتها سواء كان ذلك داخل البلاد أو خارجها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©