قلعة المربعة·· برج للمراقبة وحماية للوطن

سجل التاريخ لا يزال حافلا معطرا بقصص أهله البسطاء العفويين الذين ماتوا، وما ماتت حبات التراب الممزوجة بعرقهم وتعبهم، والتي نلمسها في كل بيت قديم أو قلعة تاريخية أثرية ··· فقد تعددت قلاع العين وتوزعت على مختلف الأماكن لعدة أسباب منها تباعد قراها، إذ تتكون العين من عدة قرى متفرقة، منها الهيلي، والقطارة، والمعترض، والمويجعي، والجاهلي، والمسعودي، وهذا ما جعل بعض القلاع تحمل أسماء القرى التي أنشئت بها، مثل قلعة المويجعي وقلعة الجاهلي، بينما يحمل بعضها اسم منشئها مثل قلعة سلطان علي، كما سمي بعضها وفقا لشكلها مثل قلعة المربعة· وتوجد مسافة بين كل قلعة وأخرى تتفاوت ما بين ثلاثة وعشرة كيلومترات، وتقع جميعها جغرافياً داخل منخفض البريمي· وأقام في هذه القرى قبيلة الظواهر من بني ياس فسكنوا هيلي والقطارة والجيمي والمعترض، وسكن آل بوفلاح المويجعي والمعترض والعين، وقدر عدد السكان في بداية القرن العشرين بـ 5500 نسمة، ووفقاً لتعداد عام 1975 وصل العدد إلى 51 ألف نسمة· ويعود تعدد القلاع والحصون في العين الى أنها كانت البوابة الشرقية لأبوظبي، والمجاورة لواحة البريمي محط أنظار العديد من القوى المجاورة، وهو ما استلزم تأمين الإمارة من هذه الجهة، ونظراً لأن جبل حفيت كان يوفر قلعة طبيعية للمدينة من جهة الشرق، كان يجب تأمين الجهة الغربية، وهكذا نرى الحصون والقلاع على شكل قوس ممتد لحماية المدينة، التي كانت محط أطماع العديدين، وجاءت تلك الحصون والقلاع لتشكل خطاً طبيعياً لحدود أبوظبي·؟؟ وقد ساعدت الموارد الطبيعية ووفرة المياه والزراعة في العين على توفير القوة المادية اللازمة لبناء القلاع والحصون، وهو ما ساعد على تطوير وبناء العديد من القلاع على فترات مختلفة· ومن هذه القلاع ''قلعة المربعة'' الكائنة وسط مدينة العين وقد اشتقت اسمها من شكلها المربع فهي تعني الحصن أو المجلس المربع الشكل أو المستطيل ''جوازا''، وقد عرفها العرب منذ فترة طويلة وتتعدد استخداماتها فهي إما لأغراض عسكرية أو كمقر لإقامة الحكام، أو نقاطا للمراقبة مزودة بوسائل دفاعية كفتحات الرمي والبنادق· وتتكون القلعة من البرج الكبير والمستطيل الشكل المكوّن من ثلاثة طوابق أو أدوار ويحيط بها سور من جميع الجهات وتحوي الشرفات أو المسننات ''الطرابيش'' المثلثة التي يتم استخدامها للرمي· ويشمل كل دور من هذه الأدوارعلى عدد من الغرف ومجلس في الدور العلوي كما أن القلعة مدعمة بأربع دعامات وهي مبنية من اللبن والطين والجص· وقد تم بناء القلعة سنة 1948 بتوجيهات من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، عندما كان حاكما للمنطقة الشرقية وقد اختار لها موقعا بارزا فهي تقع وسط مركز مدينة العين ويحدها من جهة الغرب والجنوب الشارع العام ومن الشمال المنازل السكنية ومن الجنوب مركز الشرطة وكانت القلعة في بادئ الأمر برجا للمراقبة وقاعدة للحرس· كما كانت تشكل نقطة تجمع لسكان المدينة، حيث كانت تشهد تنظيم الأعراس والاحتفالات والمناسبات الدينية واللقاءات الرسمية· كما استخدمت القلعة في فترة من الفترات كسجن ومركز للشرطة التي سميت باسمها ''شرطة المربعة''· يتميز القوس المموّج عند المدخل الرئيسي للقلعة بسقف تقليدي مصنوع من أغصان النخيل والحصائر المنسوجة من سعف النخيل· أما العريش الذي تم بناؤه حديثا والذي يمكن رؤيته من أحد جانبي البرج الرئيسي، فيعتبر مثالا جيدا للهندسة الإماراتية التقليدية·