السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حسن الحمادي: مبادرة التكريم تمثل احتفاءً بمغامرة طويلة ملأى بالنجاحات والإخفاقات

20 سبتمبر 2013 23:32
إبراهيم الملا (الشارقة)- على الرغم من مرور عهد طويل على ملامساته الأولى والضاجّة بالشغف والتوق لعالم المسرح، وعلى الرغم من زحام الذكريات وتشابكها في أصداء روحه وفي بصيرته المتأرجحة بين وداعة وقلق، وبين حلّ وترحال، وبين مكوث وسفر، ضمن مغامرة فنية ومهنية فائضة وجامحة بدأت في فترة الستينات بالكويت واستمرت وتوهجت في الثمانينات بخورفكان، وامتد صهيلها لأكثر من خمسين عاماً، فإن المسرحي الإماراتي حسن مصطفى الحمادي، ما زال لصيقا بهذا الهوى الفرجوي الذي يعشقه، وما زال مخلصاً لفضاء الخشبة، وبالتحديد لكواليسها وظلالها، بعيداً عن الضجيج والأضواء، وجاذبية الشهرة والإعلام، ولعل في اشتغاله وانشغاله بهذه المنطقة الخاصة والمتوارية، ما يشفع له من غياب وانزواء عن واجهة المشهد المسرحي المحلي، وخصوصاً في فترة التسعينات وما بعدها، والتي شهدت قفزة نوعية وطفرة غير مسبوقة في الحراك المسرحي بالدولة، استشهاداً بالمهرجانات العديدة والفعاليات المتنوعة في هذا السياق، وعلى رأسها المهرجان العتيد المتمثل في أيام الشارقة المسرحية. وفي هذه الأيام سوف يعود اسم هذا المسرحي الفطري والمخضرم إلى الواجهة التي هجرها لزمن بعيد، عندما يتم تكريمه في الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي ينطلق غداً في مدينة كلباء بالمنطقة الشرقية. ويأتي هذا الاحتفاء الثقافي والفني المهمّ ضمن مرئيات وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بأهمية تكريم رواد المسرح الإماراتي، وضمن المبادرة التي أطلقتها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة في الدورة الأولى من المهرجان العام الماضي، لتقدير الجهود الواضحة للفنانين والناشطين المسرحيين القدامى والمؤسسين لفن المسرح بالمنطقة الشرقية، وجاء في حيثيات تكريم «ثقافية الشارقة» للحمادي اعتبارات كثيرة، أهمها دوره المباشر في إنشاء جمعية خورفكان للفنون الشعبية والمسرح، حيث كان مسؤولاً عن الجمعية، ومنشطاً لفعالياتها المتعددة، وأسس في مطلع تجربته أول أستوديو للتسجيلات الموسيقية في خورفكان، وحقق نقلة مهمة في ذاكرة الموسيقى والغناء بمدينة خورفكان حينذاك. وفي وقت لاحق انهمك بتقديم العديد من البرامج الثقافية والاجتماعية التي استثمر فيها خبرته الإدارية ومواهبه الشعرية والتمثيلية. وللتعرف إلى أصداء هذا التكريم، ولاسترجاع جوانب وتفاصيل تاريخية وأرشيفية مهمة في ذاكرته الثرية والمتخمة بالمشاهد والمحطات والمواقف الفنية والإنسانية، التقت «الاتحاد» بحسن الحمادي الذي أشار بداية إلى أن تكريمه في الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة هو وسام يعتز به وتاج يكلّل مسيرة حياة بأكملها، تشكلّت وسط مناخ من التنوير والنهضة الثقافية في المنطقة، وأضاف أن هذه المبادرة تمثل احتفاءً بمغامرة طويلة، ملأى بالإخفاقات كما بالنجاحات، وهي تكريم للمسرح الإماراتي نفسه، الذي قاوم الصعوبات والتحديات التي واجهته في بداياته، قبل وبعد نشوء دولة الاتحاد. وقال الحمادي، إن هذا التكريم يؤكد أن صاحب السمو حاكم الشارقة هو صديق مخلص ومتابع للمبدعين كافة في الإمارات، وخصوصا رواد المسرح والمشاركين الأوائل في تكوين ملامحه المبكرة، من أجل دفعه باتجاه التطور والتكامل الذي يمسّ التفاصيل كافة الداعمة لهذا المسرح. الارتباط بالمسرح وحول بدايات ارتباطه بخشبة المسرح أشار الحمادي إلى أن ملامح هذا الارتباط أو هذا الشغف الذاتي اتضحت في بداية الستينات وامتدت حتى أواسط السبعينات عندما كان يعمل بديوان الموظفين بدولة الكويت، وقال إن صديقه الفنان الكويتي الكبير إبراهيم الصلال كان يعمل معه في الوزارة، وكان يأتيه بعروض التذاكر المسرحية في وقت كانت فيه الكويت تشهد انطلاقة واثقة وقوية باتجاه تكريس فن المسرح آنذاك، والقيام بدور ريادي في هذا المجال مقارنة بدول الخليج الأخرى. وأضاف الحمادي أنه شاهد وتفاعل مع مسرحيات فنية وجماهيرية مهمة، عرضت في تلك الفترة بالكويت مثل: «بخور أم جاسم»، و«الملّالة» و«قنديل أم عنبر»، و«على هامان يا فرعون»، وغيرها. وأوضح الحمادي إلى أنه بعد عودته إلى خورفكان في عام 1975 قام مع عدد من المهتمين بالمسرح باستئجار منزل في منطقة الشرق بخورفكان، وتأسيس جمعية خورفكان للفنون الشعبية والمسرح، كأول مقرّ لهواة المسرح وللمهتمين بالفنون التراثية في تلك الفترة. وعن النشاطات الفنية الأولى التي شهدتها الجمعية، أشار الحمادي إلى أن أول نشاط للجمعية بدأ في عام 1978 مع زيارة الوفد الأفريقي الذي شهد مع صاحب السمو حاكم الشارقة افتتاح أول قاعة مسرح ومؤتمرات مجهزة بالإمارة، وهي قاعة أفريقيا في مدينة الشارقة، ونوه الحمادي إلى أن صاحب السمو حاكم الشارقة أمر بعد مشاهدته لهذه الاحتفالية الأولى للجمعية بنقل مقرها إلى نادي الشعب بخورفكان، وساعد اتساع المقر ــ كما ذكر الحمادي ــ في تكوين فرقة مسرحية من الهواة بدأت بالإسكيتشات والعروض الارتجالية، وكان المشرف على هذه الفرقة عدنان حمد الذي اشتهر بعد ذلك في مجال التعليق الرياضي، ثم ظهر وتأسّس بعد تكوين هذه الفرقة ما أطلق عليه رسميا مسرح خورفكان الشعبي، وتم الاستعانة بالمخرج السوداني «الأمين جماّع»، وقام أعضاء الفرقة، ومنهم المسرحي على مسعود الختال، بزيارة إلى الراحل الشيخ صقر بن محمد القاسمي الذي دعم المسرح والجمعية مادياً ومعنوياً، وأصبح هو الرئيس الفخري لها. مواقف ومفارقات وعن المواقف والمفارقات الغريبة التي أحاطت بالعروض المسرحية الأولى في خورفكان، أشار الحمادي إلى أن العرض الأول للفرقة، والذي أقيم في عام 1978، وحمل عنوان «الغواص والجرجور»، جوبه برفض واعتراض شديدين من قبل كبار السن، وتدخلت الشرطة بتوجيهات من الراحل الشيخ صقر، وقامت بحماية الممثلين والطاقم الفني، ومع بدء العرض في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني الذي كان مخصصـاً للنسـاء، هـدأت خواطـر المعترضين ـ كما أوضح الحمادي ـ بعد أن استوعبوا الرسائل الاجتماعية والقضايا التوعوية الهادفة التي طرحتها المسرحية. واستطرد الحمادي قائلاً «العرض الثاني للفرقة حمل عنوان (لا يا نهم)، وتناول جشع واستغلال التجار الأجانب وتعدّيهم على الثروات الطبيعية على حساب المواطنين البسطاء والفقراء في تلك الفترة، وقال إن وسائل الإعلام والإعلان عن المسرحية كانت بدائية جدا، وتعتمد على جهود فردية من أعضاء مسرح خورفكان الذين كانوا يجوبون المناطق المجاورة مثل كلباء ودبا لاستقطاب الجمهور. أما المسرحية الثالثة التي قدمتها الفرقة ــ كما ذكر ــ فكانت بعنوان (أشواك على درب الفرح)، وناقشت قضية غلاء المهور، وتوالت بعدها عروض أخرى مثل (الجنون فنون) و(ليش)، وغيرها، والتي ساهم في إخراجها المسرحي السوداني المبدع يوسف خليل، وذلك قبل انفصال المسرح واستقلاله إدارياً ومالياً عن الجمعية في عام 1988». شعراء وكتاب وعن دور مبدعين وشعراء وكتاب أمثال إسماعيل عبد الله والراحل أحمد راشد ثاني في المشاركة والتأسيس لمرحلة جديدة ومتوهجة للمسرح في خورفكان، أكد الحمادي أن دورهما كان مؤثراً وواضحاً، وقال إن إسماعيل عبد الله يمثل قدوة الآن لكل المسرحيين الشباب المتحمسين لتقديم أعمال مبتكرة في محتواها وموضوعاتها ولغتها المسرحية، وقال إن الشاعر الراحل أحمد راشد ثاني كان من الأعضاء المهمين في الفرقة، حيث قدم رؤى مختلفة للعمل المسرحي وكيفية معالجة النصوص، وتناول القضايا المطروحة وقتها من زوايا غير مألوفة، وتتجاوز النمط التقليدي في الأعمال المسرحية السائدة والمكررة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©