الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حلفاء أميركا الآسيويون...وغياب الثقة في «الباسيفيكي»

13 سبتمبر 2012
النزاعات الأخيرة بين البعض من أقرب حلفاء أميركا الآسيويين، حول جزر غير مأهولة تقريباً في بحر اليابان، وبحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، تبرز مدى التحديات التي تواجهها واشنطن في التحرك فيما وراء بنية منظومتها الأمنية الحالية المطبقة في منطقة الباسيفيكي الغربي القائمة على مفهوم "المحور الأميركي واستخدام المدن الكبرى لدى حلفائها الآسيويين كمحور للانطلاق"، والعمل بدلاً من ذلك على استنباط مقاربة أمنية أكثر جماعية. وكما أعادت التأكيد مؤخراً في استراتيجيتها الأمنية الوطنية، والتقرير المعروف بـ"تقرير المراجعة الدفاعية " الصادر عام 2010 الذي يتم كل أربع سنوات، والاستراتيجية العسكرية الوطنية، فإن الولايات المتحدة تسعى في الوقت الراهن إلى"تعددية" علاقتها الأمنية في منطقة الباسيفيكي بحيث تصبح مماثلة لتلك الموجودة في أوروبا. وكان القادة الغربيون والأميركيون قد صاغوا بنية أمنية تعتمد على العمل المشترك قبل عقود من دخول مصطلح" توحيد الموارد وتقاسمها" مجال التداول. فقادة دول منطقة شمال الأطلسي قد جمعوا مواردهم الأمنية بموجب معاهدة 1949 التي تم بوجبها تأسيس حلف شمال الأطلسي واقتسموا، وإن على نحو غير متساو، أعباء، ومخاطر الدفاع في مواجهة المخاطر الأمنية المشتركة. مع ذلك أثبتت واشنطن على مدى فترة طويلة عجزها عن إجبار، أو إغراء حلفائها في منطقة الباسيفيكي على الدخول في منظومة أمنية مشابهة لمنظومة "الناتو" أو إقناعهم بالتفاوض حول مائدة مستديرة أو تبني مقاربة متعددة الدول. ومن سوء الحظ أن التحرك لما وراء البنية المطبقة حالياً في منطقة الباسيفيكي محكوم عليه بالفشل، على الأقل في المدى القصير. ففي محور تايوان في مواجهة الفلبين (والصين، وفيتنام، وماليزيا، وبروناي) في بحر الصين الجنوبي... أو محور اليابان في مواجهة تايوان(والصين) في بحر الصين الشرقي، أو محور كوريا الجنوبية في مواجهة اليابان في بحر اليابان، لا يبدي حلفاء أميركا الرئيسيين في مسرح الباسيفيكي، مثل اليابان، وتايلاند، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وأستراليا، سوى اهتمام ضئيل بالتعاون بشكل أكثر وثاقة مع الولايات المتحدة في المسائل الأمنية. وإذا كان هناك شيء واحد يتشارك فيه حلفاء أميركا في الباسيفيكي معها، فإن هذا الشيء يتمثل في القلق الجماعي من الصعود الصيني المستمر، وقدرة بكين واستعدادها اللذين يزدادان وضوحاً على الدوام على ترجمة قوتها الاقتصادية إلى عضلات سياسية. وما زال يتعين على تلك العوامل أن تجبر بطريقة مدوية على تجسيد ذلك النوع من التعاون الذي حفز فرنسا وألمانيا على التغلب لعقود، إن لم يكن عقود من انعدام الثقة والسخط المتبادلين في أعقاب الحرب العالمية الثانية. واحتمال انخراط حلفاء أميركا في الباسيفيكي في نزاعات فيما بينهم بدلاً من التركيز بشكل جماعي على التحديات الأمنية المشتركة التي يواجهونها يضع الولايات المتحدة في موقف لا يبشر بإمكانية تحقيقها أي كسب. ويمكن لواشنطن من خلال هذا النوع من الحيادية تجنب الانجرار إلى مثل تلك النزعات والخلافات التي ستندلع بين تلك القوى الحليفة ولكن ذلك لن يمنعهم من الدخول في منازعات فيما بينهم. وإذا حدث ووجدت الولايات المتحدة نفسها منحازة لهذا الطرف أو ذاك في تلك النزاعات فإنها سوف تجد نفسها مضطرة في مثل هذه الحالة للنظر في أحد طرفي النزاع، وليكن الطرف الخاسر على أنه قد تم إضعافه سياسياً، وعسكرياً واقتصادياً أو أحدهم على نحو لم يكن له أي داع أو ضرورة، وهي محصلة لا تحقق أي نفع أو فائدة ولا تساعد في عصر تواجه في الولايات المتحدة تقشفاً في ميزانيتها العسكرية في الداخل وصعوداً مستمراً للقوة والنفوذ الصيني في القارة الآسيوية بشكل عام والباسيفيكي بشكل خاص. والحال أن الطريق الأمثل الذي يمكن للولايات المتحدة من خلاله تجنب المخاطر السابقة الإشارة إليها غير واضح حتى الآن، وهو ما يرجع جزئياً للطبيعة المختلفة لأنواع الصراعات المبينة أعلاه. ففي الحالات التي يكون فيها لتلك النزاعات علاقة أقوى بالكرامة والعزة الوطنية والثقل التاريخي، أثبتت الولايات المتحدة أنها لا تمتلك سوى مقدرة محدودة على منع القادة الأقليميين من استغلال مثل هذه النزاعات لتأجيج المشاعر القومية تحقيقاً لفوائد سياسية وهو ما تدل عليه تجربتها في البلقان الغربي في عقد التسعينيات من القرن الماضي. وهذا الشيء عند حدوثه تأجيج المشاعر القومية تحقيقاً لمصالح سياسية يؤدي عادة وأدى بالفعل في غرب البلقان إلى صراعات مسلحة ينتج عنه خسائر بشرية تقدر بعشرات الألوف من البشر الذين يتم التضحية بهم من دون أي ضرورة. وبصرف النظر عما إذا ما كانت واشنطن قادرة على تحقيق النجاح في عرض حجتها في هذا الشأن ونزع فتيل التوترات التي تهدد بالتحول لنزاعات وصراعات دامية بين حلفائها في الباسيفيكي، فإن المنظومة الأمنية التقليدية المعتمدة على المحور (أميركا) واستخدام المدن الكبرى في الدول الحليفة كقاعدة للانطلاق تبدو وكأنه مكتوب عليها أن تظل قائمة في المستقبل المنظور على الأقل. والخلاصة التي نخرج بها من كل ذلك أن تعزيز التعاون بين حلفاء أميركا الرئيسيين في مسرح آسيا- الباسيفيكي أمر غير متوقع الحدوث خلال أي فترة قريبة في المستقبل. جون آر. دني أستاذ بحوث الدراسات الأمنية الدولية المشتركة في معهد الدراسات الاستراتيجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة"إم.سي.تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©