الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحريري صاحب المقامات.. الأشهر في الأدب العربي

الحريري صاحب المقامات.. الأشهر في الأدب العربي
11 أكتوبر 2014 02:28
الحريري محمد أبو القاسم بن علي البصري مؤلف المقامات المعروفة باسمه هو الأشهر والأهم بين كتاب القصة القصيرة في الأدب العربي خلال العصور الوسطى، ولد هذا الأديب في بلدة المشان القريبة من البصرة في العام 446 هـ وبها توفي في العام 516 هـ عن عمر ناهز السبعين عاماً. نشأ محمد أديباً بارعاً متبحراً في علوم اللغة العربية، فكان بمثابة شهاب ثاقب في وقت أخذت اللغة العربية في التدهور، وساعده ذكاء فطري ونهم مجبول عليه للإطلاع والقراءة على تعميق ثقافته العربية وزيادة محصوله من المترادفات والمحسنات البديعية حتى إذا تصدى لكتابة المقامات أسعفته حصيلته اللغوية على إخراجها في صورة تامة النضج ففاق بها بديع الزمان الهمذاني رائد فن المقامات ولم يستطع من لحق به من كتاب المقامات مجاراته لتواضع معارفهم اللغوية. أنتج الحريري عدة مؤلفات في علم اللغة لم يقيض لها أن تلقى الرواج الذي صادفته المقامات، فله كتاب «درة الغواص في أوهام الخواص» وملحمة الإعراب والرسالة السينية والرسالة الشينية فضلاً عن ديوان شعر. ابتدأ الحريري مقاماته الخمسين بالمقامة الثامنة والأربعين المسماة الحرامية وجمع فيها بين الأسلوب القصصي وبين التنميق اللفظي وزخرفة العبارات، لكنه لم يخرج عن القاعدة التي استنها الهمذاني لكتابة المقامات من جهة وضعها على لسان أحد الرواة، وكذلك في اتخاذ بطل مقاماته، حيث صوره كرجل يحترف التسول مستغلاً قدراته على التخفي في شخصيات اجتماعية شتى، فهو تارة عالم وتارة أخرى تاجر وفي كل أدواره كان بليغاً فصيحاً وشاعراً مجيداً وذكياً أريباً، فكانت شخصيته أقرب للصعاليك الشعراء تراه حيناً جاداً عبوساً وتارات أخرى هازلاً ضاحكاً. شخصيات البصرة كان الحارث بن همام هو الراوي الذي يقص الحريري على لسانه مقامات أو قصص بطله الذي اختار له اسم أبي زيد السروجي نسبة لبلدة سروج بالعراق وعبر المقامات الخمسين تقمص السروجي تقريباً كافة أنماط الشخصيات التي عرفها مجتمع البصرة في القرنين الخامس والسادس للهجرة «11 - 12 م». استقبل قراء العربية في أرجاء العراق مقامات الحريري بحفاوة تليق بجزالة ألفاظها وحسن سجعها وبراعة كاتبها الأدبية في التلاعب بالألفاظ واستجلاب المحسنات البديعية والحقيقة أن المقامات لم تخل أيضاً من جوانب معلوماتية مهمة نجح الحريري في إدماجها بيسر وسهولة في بنية كل مقامة، وذلك بحسن إطلاعه على أحوال المدن المهمة في الشرق الإسلامي حتى يمكن اعتبار المقامات بمثابة نص أدبي محمل بأبعاد معلوماتية عن واقع وثقافة المدن الأشهر في ديار الإسلام. ومما له دلالته أن النسخ التي وصلت إلينا من مقامات الحريري تفوق ما وصل إلينا من مخطوطات أي نص أدبي مشابه، وهي موزعة اليوم بين عدة مكتبات ومتاحف مثل المكتبة الأهلية بباريس التي تحتفظ بالنسخة الفريدة التي كتبها ورسم صورها يحيى بن محمود الواسطي، وكذلك دار الكتب المصرية والمكتبة الأهلية بفيينا والمكتبة البودلية في اكسفورد وأيضاً معهد الدراسات الشرقية بأكاديمية العلوم الروسية في سان بطرسبرج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©