الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«واسط» حاضرة الحجاج الثقفي.. أول مدينة إسلامية بسور دفاعي

«واسط» حاضرة الحجاج الثقفي.. أول مدينة إسلامية بسور دفاعي
10 أكتوبر 2014 22:10
وحيـدة نائيــة تقـف أطـلالها اليوم بوسط الصحراء بعد أيام عـز ومنعـة رافقتـهـا منذ تأسيسها على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، إنها مدينة واسـط أو «واسط القصب» كما كانت تعرف عند نشأتها. وقصة واسط تبدأ مع الحجاج بن يوسف الثقفي الذي ولاه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، العراق أملاً في أن يقر الأمن في ربوعه بعد أن أصبحت مدينة الكوفة مسرحاً لنشاط المتمردين، ووقعت البصرة المدينة الكبرى الثانية تحت رحمة غارات الخوارج التي لا ترحم مخالفيهم، وبعد أن تردد الحجاج ذهاباً وجيئة بين المدينتين، وبفضل سياسة الحزم التي اتبعها استقرت الأمور في العراق للأمويين، ومن ثم قرر الحجاج أن يؤسس مدينة جديدة تتوسط المسافة بين الكوفة والبصرة، ومن أجل ذلك عرفت بواسط أو واسط الحجاج. معسكر للجنود شرع الحجاج في تشييد المدينة في العام 78 هـ على الضفة الغربية لدجلة مقابل مدينة كسكر على الضفة الأخرى، لتكون قاعدة إدارية ومعسكراً لجنوده وأتمها في العام 86 هـ بإنشاء سور حصين حولها حماية لها من الهجمات المباغتة من المعارضة في البصرة أو الكوفة، فكانت واسط بذلك أول مدينة إسلامية النشأة تتم إحاطتها بسور دفاعي وإنْ كان الغرض منه داخلياً محض وليس لدفع عدوان خارجي. دار لسك النقود اشتهرت واسط كمركز للحكم الأموي بالعراق وتمتعت بازدهار كبير بفضل عناية الأمويين بالزراعة في إقليم السواد، وقد شيدت بها منذ اللحظة الأولى دار لسك النقود، وازدادت أهمية هذه الدار خلال عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك الذي قرر حظر ضرب الدراهم الفضية لإقليم العراق في غير دار ضرب واسط، فأخذت الدراهم تسك فيها بأسماء مدن العراق المختلفة، بل إن هناك دراهم سكت في واسط بأسماء مدن في الشام والأندلس، وذلك لتوحيد طراز النقود الفضية والتحكم المركزي في أوزانها، ولدينا تقريباً في المتاحف والمجموعات العالمية دراهم فضية تغطي الفترة الواقعة بين نشأتها عام 78 هـ ونهاية العصر الأموي في عام 132 هـ. ولكن مركز واسط تعرض لبعض التراجع مع بداية العصر العباسي، وسرعان ما استردت مكانتها مع العناية التي أولاها أبو جعفر المنصور وابنه المهدي بالزراعة في السواد وكسكر، وعندما أخذت عناصر الترك في السيطرة على الخلافة العباسية منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، عادت واسط لواجهة الأحداث كإقطاع لبعض القادة من الأتراك. ولكن هذا الازدهار لم يدم طويلاً، إذ هجرها سكانها تدريجياً بدءاً من عام 834 م بسبب هجمات عناصر الزط القادمة من جنوب العراق، وما لبثت أن تعرضت لهجمات الزنج بالبصرة في عام 871 م، ولكنها استعادت ازدهارها تدريجياً بدءاً من القرن الرابع الهجري، بل وتمكنت من صد جيوش هولاكو بعد ذلك، ولكن بتضحيات بشرية كبيرة. دخلت واسط في حوزة إيلخانات المغول، ثم الجلائريين الذين أعادوا تشغيل دار سك النقود بها، وجـاءت غـزوات قبائل التركمان المعروفة بأصحاب الخراف السوداء لتحمل الخراب لواسط الحجاج، ولكن القسم الجديد من المدينة واصل ازدهاره إلى أن سيطر العثمانيون عليها في القرن العاشر الهجري، وبعدما تحول مجرى دجلة بعيداً عن واسط هجرها أهلها، وتركوا أطلالها قابعة وسط الصحراء. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©