الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيصل الهاشمي: السفر للدراسة اختبار يتطلب الاعتماد على النفس

فيصل الهاشمي: السفر للدراسة اختبار يتطلب الاعتماد على النفس
25 سبتمبر 2011 19:55
بتشجيع من الوالد، ثم الطموح في الحصول على الدراسة في جامعة عريقة، بالإضافة إلى حب الاعتماد على النفس لصقل الشخصية، كلها كانت مجتمعة لاتخاذ قرار المبتعث فيصل الهاشمي للدراسة في الخارج. فبعد الحصول على الثانوية العامة قرر، وبإلحاح من والده، أن يقدم طلب الابتعاث للحصول على منحة الدراسة في الخارج، علماً بأن السفر لم يكن أحد خياراته في البدء، فهو لم يخضع لاختبار الاغتراب والابتعاد عن الوطن والأهل من قبل. (دبي) - حول قرار الدراسة في الخارج يشير الهاشمي إلى أن السبب في ذلك تشجيع الوالد وإصراره على أن يكمل دراسته في الخارج لما تتمتع به من ميزات، منها الحصول على شهادة متميزة، ويضيف: “إلى جانب أن والدي اقنعني بالدراسة خارج الدولة، حيث لم يخطر ذلك على بالي، فإن ولعي في الاعتماد على النفس، كان أحد الأسباب الرئيسية كي اتخذ قراري وأحدد اختياري في دراستي بالخارج، بحيث لو واجهتني أي مشاكل مستقبلية في حياتي المهنية والشخصية، سيكون لدي الخبرة في الوصول إلى حلول إيجابية”. حلم حياتي ويدرس فيصل حالياً في أستراليا في جامعة ديكن بمدينة جيلونق، وهي الجامعة التي استقطبت الكثير من طلبة الإمارات الدارسين في المنطقة نفسها، وهو في السنة الثانية، حيث يدرس هناك تخصص المحاسبة، ومع أن حلمه كان في أن يدرس ويتخصص في هندسة الطيران لكنه لم يستطع الالتحاق بها. يتحدث المبتعث الإماراتي فيصل الهاشمي عن ظروف اختياره للجامعة، بالإضافة إلى المعايير والمقومات التي اعتمد عليها في البحث عنها، ويقول: “بحثت في العديد من الجامعات، كما استعنت بالإنترنت، ولكن عندما قررت دراسة المحاسبة، أقنعني أحد أصدقائي بالدراسة في جامعة ديكن، لما تتمتع به من سمعة قوية، خاصة في مجال المحاسبة، فعقدت عزمي على الانتساب إليها، وتم قبولي فيها، علماً أن هدفي وحلم حياتي كان التخصص في هندسة الطيران، ولكن لا تجري الرياح دوماً بما تشتهي السفن”. صعوبات وقلق لم يكن الأمر سهلاً في البدء، عند اتخاذ قرار الدراسة خارج الإمارات، وكثيراً ما يواجه المرء صعوبات، قد تبعث على الإحباط والتردد، لكن ذلك لم يثن الهاشمي عن المضي قدماً فيما قرر، فالخوف من الابتعاد عن الوطن والأهل والعيش وحيداً، كان أحد الهواجس التي تراكمت في ذهن الطالب فيصل، وهو طري العود لم يختبر بعد من أعباء الحياة إلا ما قل منها. ويؤكد الهاشمي أن اللغة قد تكون أحد أكثر التحديات التي تواجه المبتعث وتجعله يشعر بالارتباك، كذلك الخوف من المجهول في العيش ضمن محيط وثقافة لا يعرف عنها إلا ماشاهده في التلفاز من خلال الأفلام والمسلسلات، أو ما قرأ عنه في القصص، إلا أن الإيمان بالله والأخذ بنصائح ذوي الخبرة، كان له الأثر البالغ في تجاوز ما يسميه بمحنة الاختبار في أول خطوة عملية قد تواجه الشاب الحديث العهد بالغربة، وعن ذلك يقول الهاشمي: “لقد واجهتني العديد من الصعوبات، وكانت تتمحور في السفر لأول مرة وحيداً، وهذا أهمها، كما أن اللغة الإنجليزية التي أجيدها، لن تكفيني للتعامل والتواصل مع الناس في أستراليا، مع يقيني بأن عاداتهم تختلف كلياً عن عاداتنا، وثقافتنا مغايرة لثقافتهم”. وعن التحدي في التغلب على ذلك يضيف الهاشمي: “بالتوكل على الله تعالى، والاستماع إلى نصائح الأصدقاء، خاصة من كان لهم خبرة في التعامل مع مثل هذا المتغيرات التي تحدث في الحياة، سهل لي التواصل ومحاولة الاندماج مع الوضع الجديد، ومع مرور الأيام تصبح الأمور أكثر اعتيادية، والأهم من ذلك وضع الهدف الحقيقي في سبب الابتعاث، ألا وهو النجاح والتميز والعودة إلى البلد سالماً غانماً متسلحاً بشهادة تعينني على تحمل أعباء الحياة والدخول في معتركها بشكل عملي، كل ذلك ساهم في اجتيازي المرحلة الأكثر صعوبة والفاصلة في إكمال الإبتعاث من عدمه”. تعتمل الكثير من المشاعر في النفس لحظة الوصول إلى مطار المغادرة، ويشعر المرء بثقل مضاعف للحقائب التي يحملها، ويعيش المرء على أمل تأخر السيارة في الوصول إلى محطة المغادرة بغض النظر عن سبب التأخير، كما أن سرعة نبضات القلب قلقاً وفرحاً وتوجساً من المجهول، كلها عوامل وأحاسيس تتضارب في النفس بعد العلم بمكان وزمان السفر. ويشير الهاشمي إلى ذلك في حديثه عند وصوله للمطار قائلاً :” كان هناك مزيج هائل وغريب من شعور الحزن والفرح، يتضاربان مع بعضهما بعضاً، ولم يستطع أحدهما التغلب على الآخر، حزني لابتعادي عن أهلي وبلدي، وفرحي لبداية مشوار جديد في حياتي، وأول لبنة في بناء مستقبلي، لكن حانت ساعة المغادرة ولن يوقفها شيء، سأحقق هدفي وأعود إلى بلدي الحبيب لأساهم في بناء مجده، من خلال دوري، والذي سيكون أحد أدوار أبناء الإمارات الغالية”. حياة جديدة أهم ما كان يفكر به الهاشمي، وهو في الطائرة التي استقلها الى أستراليا، هو معرفة سياسة الجامعة الدراسية، وتساؤله عن مدى سرعة التأقلم في هذا المحيط الجديد، خاصة أنها المرة الأولى التي يسافر فيها وحيداً في مهمة هي الأهم في حياته، ويقول المبتعث فيصل: “لقد وصلت إلى مكان دراستي، وأنا مفعم بشعور من نوع خاص، عنوانه التفاؤل والحيوية في كشف خبايا جديدة في حياة جديدة، ولكن أهم ما كان يشغل بالي هو معرفة استراتيجية الدراسة في الجامعة، وسرعة التأقلم مع ذلك، كنت قد عقدت العزم أنه لا تراجع، ولكن كنت أتساءل عن الفترة التي سأستغرقها في الوصول إلى تلك المرحلة”. أصدقاء الغربة وبعد الوصول إلى المكان المنشود، واستقرار النفس، يشير الهاشمي إلى ما قد يواجهه المبتعث ما بعد هذه المرحلة، وقد اختبر المرء مواجهة بعض الصعوبات في مرحلة التجهيز للابتعاث، إلا أنه التحديات بعد ذلك قد تكون أصعب، نظراً لقلة خبرة الطالب في اختيار أصدقاء الغربة، وبدء الدراسة، كما أن هناك بعض المواقف التي قد يصطدم بها الطالب، وهو لم يكن مهيأ لذلك، خاصة في انهاء الإجراءات الخاصة بالسكن والبنك واستكمال أوراق الجامعة. ويؤكد الهاشمي أن ذلك قد يبعث على اليأس في بعض الأحيان ولكن من كان له هدف واضح فلن يلق بالاً لذلك، ويقول : “هناك صعوبات عدة قد تواجه المبتعث بعد السفر، ولن تنتهي بوصوله إلى الجامعة، منها الحصول على السكن المناسب، واختيار الصحبة الصالحة التي ستحميه بالضرورة من الوقوع في إغراءات البلاد التي ندرس فيها، خاصة أن ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا تختلف كلياً عنهم، ودائما ما يكون هناك حاجز في الانغماس بطريقة حياتهم، إنها أمور صعبة وصراعات تعتمل في نفس الطالب”، ويضيف: “بجانب اللغة أو اللهجة واختلافها عما درسناه في المدرسة، هناك عدم خبرة في الاعتماد على النفس، للقيام بإنهاء الإجراءات على اختلافها” وفي المرحلة الدراسية أحيانا ما تتكون علاقات صداقة حقيقية ومتينة لما تحمله هذا العلاقات من أبعاد اجتماعية بعيدة عن المصالح التي يهدف البعض إلى إنشائها، ومع ذلك قد تنقطع أواصر هذه العلاقات وينقطع التواصل لاختلاف الثقافات فيما بين الطلبة، ويؤكد الهاشمي ذلك حيث يقول إنه كثيراً ما كون العديد من الصداقات مع طلبة مبتثعين من جنسيات غير عربية مختلفة، ولكنها انقطعت بحكم عودة هؤلاء الطلبة إلى بلدانهم، ولم يجمعه معهم أي رابط آخر. ويتعامل المبتعث الهاشمي مع محيطه الجديد بكل عفوية، وكما يتعامل مع أي شخص في الإمارات، ولكن مع حرصه في بعض الأحيان محاولاً تجنب أي فهم خاطئ له من قبل الآخرين بحكم اختلاف العادات والتقاليد، ويشير إلى أنه قليلاً ما عانى نظرات العنصرية كونه مسلماً ومن دولة عربية، ولكنه يتجاهل هذه التصرفات ويترفع عن الرد عليها.? حادثة لا تنسى كثيرة هي الحوادث ولكن قد يعلق في الذهن منها ما لا يمكن نسيانه، أحدها عندما اجتاز سائق أسترالي كان في حالة لاوعي شديدة إشارة المرور وهي حمراء، فاصطدم بسيارة الهاشمي مسببا أَضراراً بالغة للطرفين، اختصرت في السيارات فقط، وعند مغادرته المكان أراد الهاشمي ركوب القطار، وعند وصوله للمحطة ليذهب للجامعة، وجب عليه الذهاب للجانب الآخر من المحطة ليصل الجامعة، ولم يعرف كيفية الانتقال ولم يشاهد أي مخارج لارتباكه، فلم يجد حلاً إلا الانتقال قفزاً من خلال السكك الحديدية بعد تأكده من خلوها، وبدأ المسافرون الصراخ محذرين إياه من خطورة ذلك، وهم يجهلون بأنه لا يعرف كيفية الانتقال، ما زاده ارتباكاً، إلى أن اكتشف وجود نفق تحت الأرض ليمر منه إلى الجهة المقابلة. كما أن إحدى المفاجآت التي واجهت الهاشمي، والتي لن ينسى صدمته بها، حين وصوله إلى مطار ملبورن، فقد شاهد الكثير من الصينيين وذوي العرق الأصفر لدرجة أنه سأل في المطار عما إذا كان في أستراليا أم أن الطائرة هبطت في الصين بالخطأ. حنين إلى الطعام الإماراتي يكون الطالب المبتعث وبشكل تلقائي مجبراً، على أن يقوم بجميع الأعباء التي كان لا يلق لها بالاً بنفسه، ولكن أكثر ما يستمتع الهاشمي بالقيام به حالياً هو الطبخ، حيث لم يكن يقوم بذلك أبداً، وهو في الإمارات بين أهله، كما يمارس هوايته المفضلة في لعب كرة القدم، ويتفرغ أسبوعياً لممارستها مرة واحدة على الأقل، كما يذهب إلى الصالة الرياضية للحفاظ على لياقته، ويلعب “البلاي ستيشن” في المنزل للترويح عن نفسه. ويبلغ عدد طلبة الإمارات الذين يدرسون في المدينة نفسها حوالي عشرين طالباً، يتواصل معهم إما عن طريق الهاتف أو من خلال الزيارات الدورية التي يقوم بها الطلبة لبعضهم بعضاً، خاصة في الفعاليات والأنشطة الطلابية. وأكثر ما يفتقده الهاشمي خارج الوطن هو الأهل الأصدقاء، بالإضافة إلى الطعام الإماراتي والعربي، ولكن كثيراً مايشتاق إلى الصلاة في المساجد، ويحن إلى صوت الأذان.ويزور الهاشمي البلاد والأهل حوالي ثلاث مرات سنوياً، ويعتمد ذلك على ظروف الدراسة، كما يطمح إلى الالتحاق بوظيفة يساهم من خلالها في خدمة الوطن الذي منحه هذه الفرصة الذهبية في الدراسة بالخارج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©