الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مارشال والجدار العازل

11 فبراير 2017 23:28
يمر العالم بفترة حرجة ومزعجة، بعد أن شهد نوعاً من الاستقرار، بعد الحرب العالمية الثانية ومآلاتها التي هزت العالم بمدى بشاعتها، وإنْ تقسم العالم إلى مناطق نفوذ إلا أن المحصلة النهائية كانت قيام الدولة الوطنية وخروج المستعمر وبروز نظام عالمي جديد، وتوازن عالمي تم ضبطه بإنشاء عصبة الأمم ولاحقاً الأمم المتحدة، وإدارة العالم بالعلاقات الدولية التي تراعي مصالح الدول الكبرى، ولكن كان من الواضح مثلاً أن الولايات المتحدة وجدت نفسها الدولة الوحيدة التي لم تتضرر من الحرب العالمية الثانية، ولم تصب بنيتها التحتية بأي ضرر، ولكنها تحتاج إلى أسواق وإلى جدار عازل للفكر الشيوعي آنذاك، فكان مشروع مارشال للنهوض بالدول الأوروبية والآسيوية لحماية مصالحها وتوسعها، خاصة ألمانيا واليابان، ونجحت في ذلك وخلقت التوازن المطلوب لضبط العلاقات الدولية، إلا أننا نجد الآن أن هذه العلاقات أصابها الوهن، كما أن انهيار دول المعسكر الاشتراكي وتفكيكه وسقوط الاتحاد السوفييتي، ساعد كثيراً في تعميق الخلل في العلاقات الدولية، وانتجت العلاقات الدولية ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا فقداناً للسيطرة الأميركية - الأوروبية على العالم، وعدم استقرار في دول العالم النامية بسبب عدم الاستقرار السياسي والتطرف والحروب، ما أدى إلى هجرة واسعة من الدول الفقيرة إلى العالم الغني، ولعل من أفظع النتاجات العلاقات الدولية غير المتكافئة بين العالم الفقير والعالم الغني، وتهديد التنوع الحيوي البيئي واحترار كوكب الأرض. المهم أن محصلة النظام العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، ألقت بثقل على إنسان العالم الثالث، وحسب وكالات التنمية «أن خمسة مليارات نسمة من الستة مليارات نسمة هم سكان العالم، يعيشون في بلاد متوسط دخل الفرد فيها ثلاثة دولارات يومياً»، ويعيش «واحد من كل أربعة أفراد في العالم في فقر مدقع»، أي لا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي بشكل كافٍ، و«إن سوء التغذية يصيب 40% من أطفال العالم الثالث». إن إصلاح النظام العالمي يتطلب الالتفات إلى الدول الفقيرة ومعالجة الخلل البيئي، ولن يتم ذلك إلا بجعل هذين المطلبين هما عماد النظام العالمي المأمول، وثم يمكن معالجة علاقات ومصالح الدول وفقاً للنظام العالمي الجديد المتبلور الآن. إذا كان مشروع مارشال قد قام من أجل النهوض بالدول التي هزمت في الحرب ودمرت، فإن العالم اليوم يحتاج إلى مشروع جديد يستنهض الدول الفقيرة باستثمارات ضخمة، تساعدها على الاستفادة من خيراتها وتفيد العالم في الكثير منها. إياد الفاتح- أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©