الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسباب رفض الخطوبة.. بين التلميح والتصريح

أسباب رفض الخطوبة.. بين التلميح والتصريح
13 سبتمبر 2012
العثور على فتى الأحلام وشريكة المستقبل هو أمر يشغل بال الكثير من الفتيات والشباب. فحين يقرر الشاب خطبة فتاة يرى فيها شريكة حياته، تبدأ أكثر المراحل صعوبة تسبب القلق للشاب؛ ففيها يكون مشدود الأعصاب وفي أقصى حالات التوتر، في حين تستغرق الفتاة وقتها للتفكير والاستقرار على رأي بالموافقة أو بالرفض. وإذا ما رفضت الفتاة المتقدم، تبدأ إشكالية في غاية الصعوبة وهي نقل الخبر من قبل أسرتها للشاب. فكيف يمكن نقل خبر رفض ابنتك للخاطب بدون أن تسبب أية إحراج لك وله؟ وهل من المفروض أن تشرح له أسباب الرفض، وإن كانت غير مقنعة؟ أم تكتفي "بما حصل نصيب"؟ في هذا التحقيق، نسلط الضوء على طريقة نقل خبر رفض الفتاة للخطوبة ونستعرض تجارب البعض منها. تروي مريم سعيد (22 عاما) طالبة في كلية الهندسة تفاصيل خطبة أخيها، حين تقدم لطلب الزواج من فتاة قد سبق وأن سمع عن طيب أهلها وكرمهم، فذهبت أسرتها لطلب "يد الفتاة" حيث استقبلوا بالترحيب الكبير لدرجة أنهم ظنوا أن هذه الفتاة ستكون من نصيب أخيها. فطلب أهل الفتاة مهلة للتفكير. بعدها بأسبوعين، ظلت أمها تتصل بأم الفتاة ولا من مجيب. وبعدها بفترة، قامت أسرة الفتاة بإرسال رسالة نصية قصيرة "مسج" تعتذر فيه على الموافقة. تقول مريم: "لم تتقبل أسرتي هذا التصرف واعتبروه تصرفا فضا ومعيبا. فكان من الأفضل أن يتم إخبارنا مباشرة بأن الفتاة ترفض الزواج وما من نصيب، ولا داعي للمماطلة". ويسرد (ع.ع 25 عاما) متزوج حادثة مشابهه لما حصل لأخ مريم. فحين كان يبحث عن زوجة المستقبل، اقترحت عليه أمه فتاة تنتمي لأسرة معروفة ذات سمعة طيبة، فلم يتردد في طلب ابنتهم للزواج. وبعد أن تقدم لهم، طلب منه أن ينتظر فترة حتى تفكر الفتاة. ومن ثم سيرد على طلبه بالقبول أو الرفض. وبعد انتظار لمدة أسبوعين اتصلت أمه للتأكد من رد الفتاة، فأخبروها بأنها ما زالت في فترة تفكير ولكنهم لمحوا لأمه بموافقة الفتاة المبدئية. فقامت والدته بشراء "الشبكة" من باب خير البر عاجله فكما كانت تقول "لا داعي للانتظار إذا ما وصل خبر تأكيد الموافقة"، ولكن الفتاة طالت في التفكير. وفي أحد الأيام، فوجئ بصديقه يخبره بأنه تقدم لخطبة الفتاة نفسها وبأنها وافقت عليه دون أن يعلم أن (ع.ع) تقدم لخطبتها قبله وبأنه مازال ينتظر الرد!. لقد أحس حينها بالمهانة. فماذا كان سيحدث لو أنهم اخبروه برفضها بدل من الانتظار كل هذا الوقت؟، فالزواج قسمة ونصيب ولا أحد يحصل إلا على نصيبه، فمن المعيب أن تجعل أحدهم ينتظر بينما أنت تخطط للموافقة على آخر. كما تروي (أ،ب 26 عاما) متزوجة، قصة حدثت لها قبل أن تتزوج حين تقدم لها خاطب. وبعد النظرة الشرعية، نقلت لها أخته عدم موافقته على الزواج منها حرفيا حيث قالت "إنه لا يريدك لأنك كما يقول "قصيرة، ومتينة وسمراء وخشمج عود". ووقتها لم تجد (أ،ب) نفسها إلا غارقة في الضحك لأنها خلاف ذلك تماما ولكنها شعرت بالغيض في داخلها. وظل الأمر يزعجها كثير إلى أن أخبرتها أخته أنه قد تقدم للكثير من الفتيات ورفضنه وأنه قرر أن يتقدم لها مرة أخرى، فوافقت (أ،ب) لغاية في نفسها. وحين حضوره لمنزلها للاتفاق على أمور الخطبة والزواج، ردت له الصاع صاعين فقالت له بأنها لاترغب بالزواج منه أبدا لأنه ضخم كالفيلة، وطويل كالزرافة وأن أنفه يذكرها بمنظر ملعب كرة القدم وأنه أسمر اللون لدرجة أنه لو كان في الظلام لضاع. بالطبع، هي لم تقصد ذلك حرفيا ولكن كانت تريد أن تعطيه درسا في الأخلاق بعد أن خدش كبريائها ووصفها بأمور لا تليق، فالبادئ أظلم دائما. بينما تقول (س،م 21 عاما)، الفتاة الجامعية إنه مهما كان الشخص المتقدم جيدا أو لا فهو يستحق الاحترام ووجب التعامل معه بلباقة، ليس لشخصه فقط بل لأن احترام الغير من احترام النفس. وتذكر (س،م) أن أمها دائما ما تتعامل مع الخطاب بلباقة، وإذا لم يحدث نصيب فتكتفي أمها بالقول "ابنتي استخارت ولست من نصيبها"، حينها يستسلم الجميع ولا يطلب أحد تفسيرا للرفض؛ لأنه لا اعتراض على قضاء الله. وتؤيدها مريم المطروشي، الطالبة في كلية العلوم في أنه يجب احترام الخاطب وعدم التقليل من شأنه وإهانته. فحين تقدم لها شاب ورفضته بسبب ظروف دراستها، فضّلت أمها التي تربطها علاقة جيدة مع أم الشاب أن يكون هناك وسيط يخبر أم الشاب بالرفض. فلقد خشيت أن تنقطع العلاقة فيما بينهما، فأوصت إحدى النساء الحكيمات في عائلتهم أن توصل خبر الرفض بطريقة مناسبة. وهكذا، حافظت أمها على العلاقة. أما أم سالم ربة المنزل والأم لستة من الأبناء، فتقول: "حين يتقدم أحدهم لخطبة إحدى بناتي ولا توافق عليه، تصبح مسألة نقل خبر الرفض أمرا ثقيلا. خصوصا إذا كنت على علاقة وطيدة بأهل الشاب. لذلك، أكون حريصة على أن أنقل رفض ابنتي بطريقة ودية لا تسبب خدشا لكبرياء أحد. ولأني أعتبر كل شاب كابن لي، فأنا لا أرضى أبدا أن يهان ابني أو يجرح. لذلك، أعامل الجميع كما أحب أن أعامل ويعامل أبنائي". وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة هبة شركس استشارية نفسية وخبيرة أسرية وعضو هيئة تدريس بالأكاديمية الأمريكية للعلوم والتنمية، أن الزواج رابط مقدس خصّه الله عز وجل بقدسية عظيمة، ولما كانت الأسرة هي لبنة المجتمع الأولى فلابد من أن تؤسس لها أسس قوية ومتينة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال اختيار صائب وسليم للزوج والزوجة لتنجح هذه الأسرة وتقوم على التآلف والتناغم، ولذلك سن العرف والدين للزواج طقوس ومقدمات تضمن حسن الاختيار من أهمها الخطبة التي تتمثل في طلب الزواج. وتشير شركس إلى أن المأزق في الخطبة حينما يكون الخاطب غير مناسب، ويهم الأهل برفضه. ففي بعض الحالات، يسبق الخطبة عمليات استطلاعية أو استكشافية يحاول من خلالها بعض الأفراد من الأهل والمعارف جس نبض أهل العروس وهل هناك شئ من التوافق المبدئي من عدمه تجنبا لحرج الرفض. كما أن الخاطب يكون، أحيانا، على درجة عالية من الوعي والنضج تمكنه من تقبل الموضوع ببساطة فيمضي في طريقه للبحث عن عروس جديدة. وتنصح شركس أهل العروس بالتريث وعدم التعجل في الرد والتفاهم حول أسباب الرفض، والتأكد من أنها أسباب حقيقية تعيق الزواج، ومن ثم تقييم الوضع ككل من شخصية الخاطب ووجود وسيط من عدمه وتأمل مدى إمكانية مصارحة الخاطب بأسباب الرفض. أما عن تبليغ الخاطب بالرفض فتقول شركس بأنه يستحسن أن يسبق الرفض استخدام بعض العبارات مثل "للأسف، كان بودي،...."، ليعكس للخاطب مشاعر الاحترام لشخصه بالرغم من رفض فكرة الزواج منه، ثم يتبع هذا الأسف بذكر بعض محاسن الخاطب، ويليها مباشرة يقوم بتبليغه الرفض ويذكره بأن كل شئ نصيب. وإذا كانت هناك بعض الأسباب التي يريد إيضاحها يحاول أن يتلطف في القول في ذكر الأسباب، ويختم الحوار بأمنياته الصادقة للخاطب بأن يجد ضالته ويرزقه الله بالزوجة الصالحة والذرية التي تقر عينه. وتختم شركس كلامها برسالة لولاة أمر الفتاة بأن يتقوا الله وأن يسيروا على حديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". فعليهم أن يختاروا الرجل الصالح لدينه وخلقه لا لأملاكه الدنيوية التي لا تدوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©