دبي- ''الاتحاد'': عندما تدور دفةُ الحديث عن النساء الإيرانيات، تقفز إلى أذهاننا صورة نساءٍ منزويات ومعتكفات في البيوت لكن وبالقرب من عالم الفن الإيراني كصناعة السجاد اليدوي والتطريز وأعمال الغزل والنسيج والخياطة، نرى أنها تقع على كاهل المرأة الإيرانية وتزدهر على جهدها المضيء وحسن ذوقها وربيع أعوامها التي تهدرهُ ليل نهار في الدهاليز والكواليس دون كثير تقدير أو مردود مادي·
وفي الوقت الذي يعتبر فيه السجاد الإيراني اليدوي رمزا حضاريا وعلامة فارقة تسجل لهذا البلد عبر تقلبات الأزمان، يجهل العديد من محبي ذلك السجاد أنه لم ينسج إلا على عمر فتيات ونساء أفنين حياتهن لأجله، وأنه يعتبر المصدر الوحيد لرزق العديد من الأسر الوارثة لهذا الفن·
في زاوية متجرها على شارع السيف في سوق البازار تجلس صفية عمرو الأصفهانية إلى نولها تداعبه بأناملها لترسم لوحة حريرية تحكي فيما تحكي قصة حياة بكل تفاصيلها، يقف المار مذهولا من سرعة يدها وهي تلف الخيوط وتقطعها وتسحبها، ومن طريقة دمج الخيوط الملونة لرسم لوحتها على سجادتها·
قالت صفية: ورثت حياكة السجاد وصناعته منذ كنت في السادسة من عمري من أمي وأبي وجدتي، فنحن أسرة معروفة بصناعة السجاد اليدوي، وترعرعت على حبها أحدثها وأفشي لها أسراري، فهي صديقتي منذ الطفولة·
وأضافت: جئت إلى دبي كي أشارك في المهرجان الذي طالما سمعت عنه من قبل صديقاتي في إيران، وتحدثنا عن القطعة التي تحيكها بقولها يبلغ طول هذه التحفة مترا واحدا وعرضها52 سنتيمترا، ويشتمل كل سنتيمتر مربع منها على 36 عقدة و400 خيط من الخيوط المكونة لها، وأقوم بتزيينها بصور تحمل ألوانا هادئة، ويتطلب انجاز هذه القطعة بين شهرين وثلاثة أشهر من العمل المتواصل·
وحول الفارق بين السجاد اليدوي والآلي أضافت بأن الفارق بين السجاد اليدوي والآلي هو أن الأصباغ المستخدمة في حياكة السجاد اليدوي أصباغ طبيعية وتستخرج عادة من الأعشاب أو قشور بعض الفواكه كقشور الرمان والجوز والبصل، ما يضفي على الرسوم المطبوعة على هذا النوع من السجاد بهاء خاصا، في حين يتم تحضير الأصباغ الخاصة بالسجاد الآلي من مواد كيميائية، وهو فارق يسهم في نوعية السجاد وثبات الألوان وبالتالي ارتفاع أسعار السجاد اليدوي عن الآلي·
وأوضحت بأن الفارق الأكبر هو عامل الوقت حيث تتم صناعة السجادة الواحدة التي تصل مساحتها 12 مترا في فترة لا تتجاوز 24 ساعة، بينما يتفاوت ذلك بالنسبة للسجاد اليدوي تبعا لعدد الخيوط المستخدمة فيه ونوعيتها، فهناك السجاد السميك الذي يتضمن أكبر عدد من الخيوط وهو 600 طبقة، وهو أفضل أقسام السجاد اليدوي لاشتماله على كمية كبيرة من الخيوط والأنواع الأخرى 400 طبقة و300 طبقة وهي أقل سعرا من الأول·
وأشارت إلى إن غزل السجاد ظهر أول الأمر في المنازل وفي بيوت الشعر ولدى الرعاة الرحل الذين كانوا يمتلكون قطعانا كبيرة من الأغنام، وكانت قطع السجاد التي يصنعونها من وبر وصوف ماشيتهم صغيرة بداية الأمر، وتستخدم في عمليات تبادل المواد الغذائية والسلع للحصول على ما يحتاجه حائكوها من الغذاء والدواء واللباس·
وقالت: ما تزال هناك العديد من العشائر الرحل من الأكراد والتركمان والبلوش يمارسون هذه الصناعة ويستخدمونها في بعض القرى النائية لتبادل المواد الغذائية والحصول على حاجاتهم الضرورية·
عدد اليوم
