الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التاريخ ومن يصنعه

5 فبراير 2018 23:04
هناك مقولة شهيرة انتشرت بعد الحرب العالمية تقول إن «التاريخ يكتبه المنتصرون»، حيث يميل المنتصر عادة إلى إلغاء تاريخ من كان قبله أو تسفيه ما لا يستطيع إلغاءه قدر الإمكان، فمنذ الحضارة الفرعونية واليونانية والبابلية تم تشويه تاريخ بعض الفراعنة والملوك على جدران المعابد والتي كانت هي بمثابة الكتب المحفوظة لمن يأتي من بعدهم، ومن يشاهد الأفلام العربية القديمة التي أنتجت قبل ثورة يوليو يرى كيف أن هناك بقعة سوداء تهتز خلف الأبطال في كثير من المشاهد، فقد صدرت الأوامر بعد ثورة الضباط الأحرار بمحو صورة الملك فاروق من على الأفلام، كأنه لم يكن هناك ملك قبل الثورة، كما سلط عدد كبير من الكتاب ليكتبوا عن الملك المراهق ونسائه وسهراته وتبذيره، حيث لم تذكر حسنة واحدة له، ثم ظهر بعد ذلك من أنصف الرجل فذكر ما له وما عليه، بعيداً عن الشيطنة التي أرادت أجهزة ما بعد الثورة أن تمارسها عليه. وهنا يظهر لنا سؤال من الذي يكتب التاريخ وكيف يكتبه ولماذا يكتبه؟ وكيف تؤثر قراءتنا للتاريخ على رؤيتنا للواقع؟ وهل يجعلنا التاريخ نرى المستقبل؟ التاريخ عبارة عن الذاكرة الجماعية للمجتمعات ورصيد الخبرة التي يواجه بها الإنسان الحياة. وبدأ التاريخ في القدم على شكل أساطير تجمع بين الحقيقة والخرافة، ولكن مع تطور الإنسان العقلي والعلمي، صار يمحص الأقوال، ويستخلص الحدث الحقيقي، وأنتج منها ضوابط علمية، عرفت باسم «منهج البحث التاريخي»، وهو المنهج الذي يفرق به المتخصصين في الكتابات التاريخية وبين ما دونها من التجميل وتعديل وتغيير، لذلك لا تصدق كل ما يقال وتبصم عليه بالعشرة لمجرد أن الحدث وضع في كتاب وإنما عليك أن تسأل عن الكاتب وما هي خلفيته؟ وما هي ظروف المحيطة به أثناء الكتابة؟ فالمرتزقة والمطبلون والشاتمون والشامتون كثر «وكله بحسابه» والصادقون الصدوقون قلة وقس على ذلك أسلوب الإدارة الجديد في كافة المؤسسات، حيث تجد التصفيق والتهليل لكل إدارة جديدة والشتم والازدراء لكل إدارة سابقة وقد يكون في ذلك جزء من الصحة، ولكن المصالح تلعب لعبتها في ذلك ويتوجب على كل إدارة «جديدة» أن تعلم بأنها بعد فترة سوف تصبح إدارة «سابقة» وسوف يخسف بكل إنجازاتها ليبنى على أنقاضها إنجازات الإدارة الجديدة، ولكن للأسف بعض البنيان يصبح هشاً وضعيفاً وقابلاً للهدم لأنه مبني على أنقاض وركام الإدارات السابقة، لذلك من يريد التعمير والوصول إلى السحاب عليه استيعاب ما مضى ولا يهدمه ولكن يبني عليه ليصعد إلى الأعلى وإلا سوف يكون الوضع (محلك سر).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©