إعداد - محمد عبد الرحيم:
واصلت أعمال الإنشاءات والتشييد في كامل منطقة الخليج مسيرة الازدهار خلال العام الحالي على خلفية ارتفاع أسعار النفط التي بلغت في المتوسط 60 دولاراً للبرميل حتى الآن حيث تشير آخر البيانات الى أن إجمالي قيمة المشاريع المخطط لها والتي تمضي قدماً في دول مجلس التعاون الخليجي قد بلغت في أواخر شهر ديسمبر حوالي 1,2 تريليون دولار بزيادة 88% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي·
وفي حال استمرار ارتفاع اسعار النفط بنفس الوتيرة فإن التوقعات تشير الى تحقيق فائض في ميزانية دول مجلس التعاون الست مجتمعة بنحو 500 مليار دولار في خلال فترة السنوات الخمس المقبلة·
ومن المتوقع ان يستمر النمو في قطاع الانشاءات لسنوات عدة مقبلة غير ان العام الحالي اتسم بنصفين مختلفين وفقاً لبيانات المشاريع الخاصة بمجلة ''ميد'' حيث ان القيمة الاجمالية للمشاريع المخطط لها أو تلك التي قيد الانشاء في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت ارتفاعاً بمعدل 57 في المئة في الأشهر الستة الأولى من العام مقارنة بمعدل ارتفاع لا يزيد على 20 في المئة في النصف الثاني من العام·
إلا ان من المرجح ان يشهد هذا النشاط المزيد من الازدهار في أوائل العام 2007 وخاصة في شهري يناير وفبراير حيث يتطلع المقاولون الى المزيد من عمليات المناقصات في منطقة الخليج·
ويعكس الاختلاف في الاداء في هذا العام ذلك التباطؤ في النشاط الذي حدث في موسم الصيف وخاصة في شهر رمضان الذي ادى الى التراجع في النصف الثاني من العام· اذ يقول أحد كبار مقاولي الهندسة والشراء والانشاء في المنطقة ''ما زلنا نشهد المزيد من المشاريع في الأفق ولكننا نشعر بأن تنفيذ هذه المشاريع اصطدم بالتأخير بسبب النقص في كل الموارد المتعلقة بالمشروع وبعضها قد تأجل بسبب نقص التمويل لتغطية التكاليف المرتفعة بينما علق البعض الآخر بسبب النقص في الحفارات وفي المناقصات المشتركة''·
الا ان بعض المؤشرات تدل أيضاً على ان الازدهار في نشاط الانشاءات في منطقة الخليج ربما وصل الى ذروته في عام 2006 كما ان المعوقات التي صاحبت السعة بدأت تلقي بآثارها على النمو، حيث تشير الارقام الربعية الى حدوث تراجع في معدل النمو الخاص بنشاط المشاريع في دول مجلس التعاون في الربعين الثالث والرابع لعام 2006 مقارنة بنفس الفترتين في عام ·2005
فقد بلغ معدل النمو في المشاريع في الربع الأخير من عام 2006 حوالي 12 في المئة مقابل 35,4 في المئة قبل عام من تلك الفترة بينما بلغ النمو في الربع الثالث من هذا العام حوالي 8,4 في المئة مقارنة بمعدل 21,5 في المئة في الربع الثالث من عام 2005 · وظل النقص في المواد والعمالة يدفع بتكلفة المشاريع الى أعلى في كامل منطقة الخليج حيث يقول كويتز ''أتوقع ان تقفز تكلفة المشاريع في الخليج بمعدل 8 في المئة حتى الآن في الاشهر التسعة الأولى من هذا العام كما نتوقع نمواً برقمين في تكلفة المشاريع بنهاية هذا العام مقارنة بزيادة بلغت حوالي 15 في المئة في عام 2005 وبمعدل يتراوح ما بين 10 و15 في المئة في عام ·''2004
ووفقاً لبحث اجراه مكتب ديفيس لانجدون لمصلحة ميد فإن دول الامارات العربية والسعودية والبحرين وقطر شهدت زيادة تصل الى 45 في المئة في أسعار الاسمنت والخرسانة الجاهزة وفولاذ التسليح في عام ·2006
بل ان السعودية شهدت أكبر ارتفاع في هذه الاسعار بعد ان وصل سعر الاسمنت الى مستويات قياسية في سبتمبر الى 6 دولارات للكيس بارتفاع بمعدل 50 في المئة في بداية العام·
ووصلت اسعار الخرسانة ايضاً الى مستويات قياسية بحوالي 76 دولاراً للطن في سبتمبر بزيادة بمعدل 20 في المئة في هذا العام بينما ازداد سعر حديد التسليح بمعدل 10 في المئة منذ يناير من هذا العام، أما دول الامارات والبحرين وقطر فقد عانت من ارتفاعات مماثلة في أسعار المواد خلال هذا العام·
وتزامن الارتفاع المتسارع في تكاليف المعيشة مع النقص في العمالة الماهرة مما تمخض عن زيادة حادة في تكاليف العمالة والمهن الاحترافية الأخرى في دولة الإمارات وقطر خلال السنوات القليلة الماضية· الا ان هذا الارتفاع قد شهد نوعاً من التراجع في منتصف العام 2006 بسبب تمكن المقاولين من الحصول على مصادر جديدة للعمالة وكذلك بسبب تباطؤ النمو في نشاط الانشاءات في منتصف العام قبل ان ترتفع تكاليف المهندسين ومدراء المشاريع الوافدين مرة أخرى في دولة الإمارات في الربع الأخير من العام·
يقول أحد المقاولين في دبي ''ان ارتفاع تكلفة السكن بدأت تلقي بآثارها السلبية بعد ان ارتفعت الايجارات بنسبة لا تقل عن 15 في المئة هذا العام وهو الأمر الذي يشكل حوالي 25 في المئة من تكلفة اعماله''·
ومن المتوقع ان تظل دولة الإمارات العربية المحرك الذي يدفع بالنمو في قطاع الانشاءات في منطقة الخليج بعد ان انضمت أبوظبي الى دبي كنقطة ساخنة للاستثمارات في العقارات والبنية التحتية· وسوف تشهد قطر ايضاً نمواً قوياً في الوقت الذي ظلت فيه الدوحة تستثمر عائداتها من احتياطيات الغاز الهائلة في الدولة· وعلى كل فإن معدل النمو في انشطة المشاريع في المنطقة بات من المرجح ان يشهد العودة الى مستوياته السابقة مع احتمال تراجع الاسعار والتكاليف· حيث يقول مقاول في دبي ''اعتقد اننا شهدنا السخونة المفرطة لصناعة الانشاءات في هذا العام ولكن الامور سوف تبدأ في البرودة التدريجية في عام ·''2007 واضاف ''انني أتوقع انخفاض تضخم التكاليف في عام 2007 ليصبح في مستوى 6 في المئة ولدي معلومات تؤكد ان أسعار حديد التسليح سوف تشهد الاستقرار كما آمل في انخفاض الايجارات بعد دخول شقق ومنازل جديدة الى السوق''·
عدد اليوم
