الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

شواهد

23 ديسمبر 2006 02:09
حتى الشمس لا تبزغ فجأة يجنح بعض أصحاب الرؤى والمشاريع الفكرية إلى الترويج لأطروحاتهم عن طريق صدمة الآخر، وهم في هذا على قناعة تامة بأنه الطريق الأجدى والأكثر تأثيرا في المجتمع وفي مسلكهم هذا يبدون كمن يُخرج أحد المحبوسين في كهف لسنوات طويلة إلى الشمس وهي في عمق السماء! جميعنا يعرف نتيجة فعل كهذا، فالعمى هو النتيجة الغالبة، وبذلك يعود المصدوم إلى حالته الأولى من العمى التي كان يعيشها داخل كهفه، غير الأكيد أن كهفه سيكون أكثر ظلاما، فحتى تلك الاضاءات الخافتة التي كانت تنير له حبسه سابقا، فقدها بعد أن أصابه العمى· هذا تماما ما اعتقده نتيجة لمسلك الصدمة في التأثير على فكر الآخرين· والصدمة الفكرية التي يفضلها أصحاب مسلك الصدمة تقوم على طرح النقيض تماما لفكر من يريد تغييره، ولا يكتفي بطرح النقيض فجأة بل يتعداه إلى تسفيه الموجود على ارض الواقع، والذي أصبح لسنوات وقرون من المسلمات والثوابت، فيبدو متلقي الفكر النقيض كمصدوم، وبالتالي يتحول -في الأغلب- إلى متحزب ومدافع لأفكاره، بل ومهاجم ومقصي للآخر في طرحه وذاته· هذا الإقصاء يحمل كل الاحتمالات من تهميش وعزل ونفي بل وحتى قتل الآخر، ويبدو الأمر هنا كرد فعل على طريقة معاملة الآخر له عندما هاجم أفكاره وسفه منها· وبدل أن يكون طرح الأفكار المختلفة فرصة للحوار والنقاش والنقد والانتقاء، يتحول إلى معارك وحروب التي لا تعني في نتائجها بغير أرقام القتلى والجرحى· ورغم إثبات الواقع لهذه النتائج الدموية للاختلافات الفكرية بين البشر، يصر أصحاب هذا التوجه على تبرير فعلهم الصادم بدعوى حاجة المجتمع بعد أن تبلد فكره إلى تيار صاعق يحرك جموده ويشعل فكره· هذا الحراك والاشتعال، يبدو وكأنه لدى الصداميين هدف وليس وسيلة، وبدون وعي تتحول الوسيلة إلى هدف، وتخلص مشاريعهم الفكرية إلى أمر واحد مفاده صدمة الآخر· فيتحول أصحاب هذا الفكر إلى متطرفين في أطروحاتهم، اعتقاداً منهم أنهم يملكون الحقيقة، وأنهم أصحاب الشمس وناشرو نورها القوي على الأرض، بينما يتحول الآخرون إلى جماعة من العمي تتخبط بعد صدمة النور في كل اتجاه، أو إلى آخرين يقررون العودة إلى الكهف بظلمته الحالكة مفضلينها على نور الشمس· السعد عمر المنهالي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©