الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل تنقلب الاستراتيجيةالأميركية رأساً على عقب؟

23 ديسمبر 2006 02:07
الاتحاد- خاص: أين هي نقطة التقاطع بين ''روبرت جيتس'' الذي يقال إنه قد يقلب الاستراتيجية الأميركية رأساً على عقب، و''جيمس بيكر'' الذي يتردّد أنه قد يخلف ''ديك تشيني'' في منصب نائب الرئيس، ولكن هل بإمكان الإدارة أن تتحمّل صدمة ثالثة بذلك الحجم؟ لاريب أن ثمّة أكثرمن نقطة تقاطع· والاثنان يعتبران أن حل المشكلة في العراق قد يبدأ من حل مشكلات أخرى تراكمت في المنطقة· ولكن هل ما زال الوقت متاحاً للرئيس ''جورج دبليو بوش'' الذي لم يبق من ولايته الثانية سوى سنتين؟ وهل أنّ إسرائيل، باهتزازاتها الراهنة، قادرة أن تنخرط في أي رهان دبلوماسي أميركي؟ نظريات وأخلاقيات عبارة ''انقلاب في البنتاجون'' قد تكون فضفاضة جداً، وإن كان الجنرال المتقاعد والبارز ''انتوني زيني'' قد اعتبر أن خروج ''دونالد رامسفيلد'' من هناك يعني وقف ''الحرائق الاستراتيجية'' في ذلك المبنى الذي يفترض أن يكون ملاذاً للرؤوس الباردة، على الأقل من أجل التوازن مع الرؤوس الساخنة التي لا بد أن تتكاثر في ظل التوترات الأيديولوجية والاستراتيجية التي تتقاطع في أكثر من مكان في هذا العالم· كل الذين دخلوا، وبالأشعة ما تحت الحمراء، إلى شخصيتي ''دونالد رامسفيلد'' و''روبرت جيتس'' قالوا إن الرجلين مختلفان تماماً· قد يتبادلان الابتسامات، ولكن من الصعب أن يتبادلا الأفكار· وحين انتقل ''بول ولفوويتز'' من منصب نائب وزير الدفاع إلى منصب رئيس البنك الدولي، اقترح الرئيس ''جورج بوش الأب'' الإتيان بـ''جيتس'' محله· هذا الأخير رفض، بصورة قاطعة، فيما كان رأي ''دونالد رامسفيلد'' أنه لا يريد رجلاً غارقاً في النظريات، وأحياناً في الأخلاقيات داخل البنتاجون· لكن ''روبرت جيتس'' هو الآن وزير الدفاع· وجوه كثيرة، وبارزة، خرجت من ذلك المبنى الذي يُعتبر الأهم في الكرة الأرضية: ''رامسفيلد'' لم يعد هناك، ''ولفوويتز''، ''دوغلاس فايث''، ''دون زخايم'' وحتى ''ريتشارد بيرل'' الذي كان يرأس المجلس الاستشاري الذي يضم شخصيات هائلة اختفى أيضاً، وإن فضائحياً· مَنْ بقي، إذاً، من رجال نائب الرئيس ''ديك تشيني''؟ لا أحد تقريباً، مع توقع إحداث تغييرات حتى على مستوى الجنرالات لاسيما في الشرق الأوسط الذي وصفه القائد السابق للقيادة المركزية الجنرال ''هنري كينغستون'' بالمكان الذي تختبر فيه العبقرية الأميركية· شبح في البنتاجون في جلسة الاستماع أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، لم يختبىء ''غيتس'' وراء الكلمات· قال بمنتهى الشفافية ما قاله حول العراق· وقيل في واشنطن انّ أهم ما فعله الرجل هو أنه أمر بإخراج ''ذلك الشبح'' من البنتاغون· التعبير للديبلوماسي المخضرم ''ريتشارد مورفي''· الشبح هو ''تشيني'' الذي زرع رجاله في وزارة الدفاع كي يكون هو مَن يتولى هندسة المسائل الاستراتيجية في الإدارة· هذا يحدث، للمرة الأولى ربما، عادة يبقى نائب رئيس في الظل· يُستشار في بعض الأحيان، لكنه لا يقفز، ولا يتسلل، ولا يلتف· هناك تجارب لا تحصى: ''جورج بوش'' الأب مع ''رونالد ريغان''، ''آل غور'' مع ''بيل كلينتون''، ''جيرالد فورد'' مع ''جيمي كارتر''، ''ريتشارد نيكسون'' مع ''دوايت ايزنهاور'' و''هاري ترومان'' مع ''فرنكلين روزفلت''· الرئيس، وليس نائب الرئيس، في كل مكان، فيما يتهم ''تشيني'' بأنه هو مَن رفض أي دور لـ''الكرادلة'' من فريق الأب مثل ''جيمس بيكر'' و''برنت سكروكروفت'' وصولاً إلى ''روبرت غيتس'' لأنه، وحسب تعبير الـ''نيويوركر'' لا يحب الديكة التي تصيح· يفضِّل أن يتعاطى مع ذلك الطراز من الرجال الذين يرون فيه رجلاً خارجاً للتو من الميتولوجيا الاغريقية· في هذا السياق، يعتبر ''توماس فريدمان'' أن العراق لم يعد مجرّد حالة عسكرية، يتم تغيير الأسلوب فيحدث تبديل على الأرض· المسألة هي أبعد من ذلك بكثير· لا بد من إحداث تعديل في الرؤية، مع وقف العمل بـ''الرؤيا'' لأن الولايات المتحدة، وإن كانت دولة تقوم أساساً على التقوى، وهذا ما يتبين من مناظرة بين ''توماس جيفرسون'' و''جيمس ماديسون'' و''بنيامين فرنكلين''، وهم نجوم الدستور الذي كاد ''جيفرسون'' يصفه بـ''الانجيل الخامس''، لا تستطيع أن تُدار ''ميتافيزيقياً''، فالبراغماتية هي السبب الفلسفي لتفوّق الفرد، بالتالي لتفوّق الامبراطورية· افهموا العرب·· جيتس عمل في الاستخبارات المركزية· يفهم في الشرق الأوسط جيداً· عقل مركز، وطوال السنوات الماضية كان يقرأ ويحلل، وإن آثر البقاء بعيداً عن الضوء، فهذه ''عادة'' أميركية مميزة، حيث لا كلام إلا في الوقت المناسب· يقال إنه الرجل الذي يعرف ماذا يعني الشرق الأوسط· العرب لا يكرهون أميركا· إنه تصريح قديم لـ''غيتس''، ولكن ''يفترض أن نفهمهم''· بالتأكيد لم تكن هذه نظرية ''دونالد رامسفيلد'' ولا ''بول ولفوويتز'' ولا ''ريتشارد بيرل'' الذي كان يدعو إلى ''تفجير'' المنطقة، وإعادة تركيبها وفقاً للمعايير الأميركية· هذا حمل ''جيمس زغبي'' على التعليق ساخراً: ''هل يريد السيد بيرل إعادة تصنيع العرب في شركة جنرال الكتريك؟''· ثمة أزمة هائلة في العراق· قال ''غيتس'' ان أميركا تربح هناك· هذا لا يكفي، فالرجل يتفق مع الكثير من القادة العرب الذين حذروا من تفاعلات، وتداعيات، الوضع هناك على المسار المستقبلي للمنطقة· وزير الدفاع المعني أطلق التعبير الدقيق، معتبراً أنه إذا لم تتم معالجة الوضع خلال سنتين، فقد يندلع حريق اقليمي· بعبارة أخرى، رفض ''غيتس'' الاختباء وراء مصطلح ''الفوضى الخلاقة''، لا بل أنه أزاح هذا التعبير جانباً· لم يؤتَ به بالصدفة، بل انّ لديه أفكاراً ناقشها، في الظل، مع بعض الجنرالات·· سوبر جهنم منذ أكثر من عام، تردد انه يوافق الجنرال ''زيني'' في أنّ الجيش الأميركي في نقطة الانهيار· عادة الجيوش لا تواجه مثل هذا الوضع إلا إذا كانت السياسات خاطئة· بالطبع، لا مجال لاتخاذ قرار بالانسحاب، ليس فقط لأن العراق يتحوّل إلى جهنم· إنه جهنم الآن، كما يقول ''اندريه فونتين''، وكما حذر، في حينه الرئيس ''جاك شيراك''، قد يصبح ''سوبر جهنم''، ولكن الأولوية هي لإنقاذ المصالح الاستراتيجية الأميركية· يعرف ''غيتس'' انه عندما دخلت الولايات المتحدة إلى العراق، فمن أجل تحويل هذا البلد، بامكاناته الهائلة، وبموقعه الجيو ـ ستراتيجي البالغ الحساسية (فهو لا يتاخم 4 دول عربية فحسب، بل انه يتاخم أيضاً دولتين اقليميتين محوريتين هما تركيا وإيران)، إلى غرفة عمليات لإقامة ''الشرق الأوسط الكبير''· غريب كيف تم تصوير الأمور على ذلك النحو· يعتبر ''غيتس'' انه كان بالإمكان ''ترويض'' طهران في وقت لاحق، لا فتح الملف النووي عشية الحرب، كما أنّ السوريين جاهزون لانتهاج سياسات مرنة، وبدلاً من استدراجهم إلى مثل هذه المواقف، راح قانون محاسبة سوريا يتدحرج من غرفة إلى غرفة في تلة الكابيتول حتى استقر في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض· المسؤول مجهول وزير الدفاع المعيّن يعتقد أنه كان بالإمكان فك التحالف الاستراتيجي بين دمشق وطهران مخملياً· هذا لا يزال ممكناً، ربما إذا أخذ بتوصيات لجنة ''بيكر ـ هاملتون'' حول العودة إلى مؤتمر مدريد الذي عقد في خريف عام ،1991 وهو ما حمل ''ادوارد جيرجيان''، وهو مَن يدير معهد ''جيمس بيكر''، على التساؤل: مَن يقتل الزمن في الشرق الأوسط؟ لا يمكن لأحد القول إنّ تل أبيب التي اعتمدت أسلوب المماطلة (والتسويف الدموي)، والقفز فوق القرارات الدولية هي المسؤولة· المسؤول يفترض أن يبقى مجهولاً· ولكن مما لا شك فيه أن ما ورد في تقرير اللجنة أثار حفيظة ''ايهود اولمرت'' الذي لعله تساءل: ''ومن أين نبش بيكر القرارين رقم 242 و338 اللذين بدا كما لو أنهما دُفنا في الرياح الكثيرة التي هبّت على المنطقة''· نظرة بانورامية إلى التقرير· ببساطة إنه دعوة إلى انقلاب استراتيجي في السياسة الأميركية حيال الشرق الأوسط· البعض وصفه بـ''خارطة الطريق''، وكان قد سبق لـ''لي هاملتون''، وقال إنّ مكافحة الإرهاب تتم بوسائل أخرى أيضاً: لماذا لا تشنّ الولايات المتحدة غارات ديبلوماسية على ذلك الملف الذي يدعى··الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي؟ الوقت بات قصيراً جداً أمام الرئيس ''جورج دبليو بوش''· ثمة مَنْ يقترح في واشنطن إزاحة ''ديك تشيني'' من منصب نائب الرئيس وتعيين ''جيمس بيكر'' خلفاً له· هذا قد يريح كثيراً ''جورج بوش'' الأب الذي رفض في عام 1991 الدخول إلى بغداد· ابنه فعل ذلك بعد اثني عشر عاماً، ولكن ليغرق في تلك النيران المتحركة· فرصة الانقاذ باتت محدودة، وتقتضي تغييراً شاملاً في العديد من السياسات· هذه مسألة معقدة جداً، والرئيس ''بوش'' الذي أقصى وزير دفاعه ''دونالد رامسفيلد'' ومندوبه لدى الأمم المتحدة ''جون بولتون''، لا يريد أن يظهر أمام الملأ وكأن الفريق الذي اختاره ليكون إلى جانبه ''يتمتع'' بذلك القدر من السذاجة ليدفع به إلى المأزق الذي لا مجال للخروج منه إلا بمعجزة· التقرير لا يضيء الطريق إلى المعجزة، بل إلى التقهقر·· المشرّف· أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©