السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

عبد السّلام عبد الله.. اندماج في اللوحة إلى حد البكاء

23 ديسمبر 2006 01:52
دمشق ـ عمّار أبو عابد: يُعتبر الفنان السوري عبد السلام عبد الله المولود في عام 1961 الوحيد بين الفنانين التشكيليين السوريين الذي أفرد فنه كله للورود، ولفصل الربيع تحديداً، دون سواه من فصول السنة· وفي معرضه الأخير الذي أقيم في صالة السيد بدمشق، قدم لجمهوره (غابة) من الورود التي توزعت على جميع لوحات هذا المعرض· يقدم عبد السلام نفسه عاشقاً للوردة، ومحتفياً بها إلى حد الوله، فهو يعتبر أن للورود أرواحاً، مثل أرواح الأطفال، وأن لوحاته الفنية المملوءة بها إنما تعبر عن حياة حية جياشة· والورود بالنسبة له هي كل شيء· فقد بدأ بها، وانصب اهتمامه عليها بكافة أشكالها وألوانها وتكويناتها· يقول: أنا أتمسك بالورد كما تمسكي بالطبيعة· الطبيعة الطبيعة تشد عبد السلام منذ طفولته، فهو من بيئة ريفية، تحتل الطبيعة فيها الحيز الأكبر، ولهذا فإن الورود لم تفارق عينيه، وظل متعلقاً بها، وينحاز إلى فصل الربيع وألوانه، وهذا لا يمنعه من التعامل مع الفصول الأربعة، فهو يرى أن كل لوحة من لوحاته تحكي قصة التجدد الأبدي للطبيعة، حيث يقول: اللوحة مشهد واحد، لكنه ينطوي على كل المشاهد في كل الفصول، ومن خلال الوردة التي تجدد نفسها في كل فصل، تكتشف تجدد الطبيعة وقوتها· ومع ذلك فأنا متطرف تلقائياً لفصل الربيع، لأنه يرمز للفرح والحب والعطاء، وهذه المشاعر والأحاسيس تنعكس على الإنسان، فنحن في الربيع غيرنا في بقية الفصول· ويعترف عبد السلام بأنه لا يستطيع الابتعاد عن البيئة التي عاش فيها، وعن الطبيعة التي تلهمه،كما يقول: أنا أشعر بأنني أفقد ذاتي وتوازني الشخصي إذا ابتعدت عن هذه الأجواء· البداية كان عبد السلام يستوحي لوحاته من بيئته الريفية، مشدوداً إلى وجه الفلاح، وتجاعيد المسنين التي تعكس تاريخ الأرض وأجمل الحكايا· لكنه في دمشق، وجد أن الورود هي أداة تعبيره الفضلى، ومن الطرائف أنه في عام 1977 رفضت أكثر من صالة أن تعرض أعماله عن الورود، وكان سبب الرفض تكرار عنصر واحد في جميع اللوحات، إلا أن صالة الفنان الكبير نصير شورى قبلت أعماله، وأقامت له معرضاً، شكل بداية انطلاقة، حتى بلغت معارضه الفردية عشرة معارض، بينما شارك في سبعة معارض جماعية، وأصدرت له مؤسسة البريد السورية خمسة طوابع من أعماله في معرض الزهور الدولي· اصطياد المشهد عن مدرسته في الرسم يقول عبد السلام: أرسم بشكل انطباعي، أو بواقعية محدثة أحياناً، أركض كي أصطاد المشهد الذي أريد، وأندمج مع اللوحة لدرجة أنني أشعر برغبة في البكاء! وعندما أخرج إلى الطبيعة أعمل على أن تكون لوحتي ترجمة مباشرة، ومحاكاة للطبيعة، وفي أحيان أخرى أرسم ''اسكتشات'' سريعة، ومن ثم أنقلها في المرسم إلى لوحة كبيرة، وإذا كنت أركز على مشهد في الطبيعة فإنني في النهاية أصنع له كتلة في المقدمة لتحريض المشاهد، وجذبه إلى عناصره· ويعتبر عبد السلام أن اللوحة مكتملة، عندما يشعر بأن اللمسات اللونية فيها قد تكاملت، وهو ينظر إليها كقصيدة يتفاعل فيها مع المشهد بعيداً عن الرسم التقليدي، ويقول: (أظنني أتوقف بعد إحساسي بأن اللون قد وصل إلى مداه، وأعطى التأثير المطلوب منه، عندها أتوقف رغم إحساسي بأن اللوحة لم تنته، لكني أرتوي منها، فأتوقف، وأعتقد أنه لا توجد لوحة منتهية في الفن)· بالرغم من براعته في (المائيات) يحب الفنان التعامل مع الألوان الزيتية لأنها تقدم له العجينة الزيتية التي تمكنه من مزج (السماكات) في اللوحة، فتمنحه القناعة أكثر من المزج اللوني المائي، وهو يتفاعل مع الألوان كأنها موسيقى، لكن سيد الألوان عنده هو اللون البنفسجي، لأن فيه إثارة بالنسبة له (أعتبره لون الحكمة والاتزان، وهو معتدل وحار وبارد في الوقت نفسه)· لقد تمسك عبد السلام عبد الله الذي ولد عام 1961 بتجربته في رسم الورود، وتجلياته عبر لوحات جميلة، حتى أثبت تجربة متميزة وشبه فريدة في هذا الفن الذي لا حدود له· فهو الآن ملك لوحة الورد في سوريا بلا منازع·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©