الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نوبات الرفض عند الأبناء يروضها الحوار

نوبات الرفض عند الأبناء يروضها الحوار
9 أكتوبر 2014 23:00
كيف يتعامل الأهل مع حالات الرفض عند الأبناء ولاسيما عندما تصبح كلمة «لا» على لسان الواحد منهم أمام كل ما يطلب منه؟ وما هو الأسلوب الأنسب للتعامل مع الأطفال منذ الصغر لكسر حاجز العناد لديهم، وفتح باب الحوار بما يضمن اقتناعهم بما يقوله الآباء؟ يقدم الأهل النصائح والإرشادات لأبنائهم بقصد تقويم سلوكهم وتنبيههم لتصرفاتهم وتذكيرهم بجدول التزاماتهم اليومية. ومع كل الحرص على إحاطة أبنائهم بالظروف الصحية التي ترسم مستقبلهم السوي، يجد الآباء أنفسهم أحيانا كثيرة أمام معضلة حقيقية. وهي الممانعة المسبقة لكل توجيهاتهم، وذلك لمجرد أنها تصدر في أوقات يعتبرها الأطفال والمراهقون من حقهم وحدهم، وهذا لا يعجب أولياء الأمور الذين يتمنون دائما الأفضل لفلذات أكبادهم، ويشعرون بضيق عندما لا تؤخذ تعليماتهم على محمل الود والاهتمام. بل يعتبرها الأبناء على أنها أوامر وحسب. ردود فعل مع كل هذه التجاذبات المعنوية ما بين المتابعة الحثيثة من جهة وعلامات الرفض وكلمة «لا» من جهة أخرى، يتدخل علم الاجتماع ليحسم المسألة لمصلحة الحوار البناء. وعن اختلاف المفهوم التربوي ما بين الأمس والحاضر، يقول الدكتور موسى الشلال، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمارات: إن الجيل الجديد لا يمكن التعامل معه على أنه يحتاج إلى التوجيهات الدائمة، وإنما من الضروري النزول إلى هواجسه والاطلاع من قرب على اهتماماته. وبناء عليه يكون من الأسهل إقناعه بالأنسب له، وذلك من باب التحفيز والتشجيع وليس الإجبار والتنفير. ويذكر الدكتور الشلال أن العناد لدى الأطفال هو نتيجة التربية الخاطئة، إذ إن صغار السن يردون كل ما يتلقونه بشكل سلبي. فهم يولدون وبداخلهم فضول كبير لاستكشاف كل ما حولهم من أمور غير مدركين لحجم الخطر المتأتي. وهم عندما يصدمون بكم الاعتراض والكبت الذي يتلقونه منذ نعومة أظافرهم، تولد لديهم ردات فعل تلقائية للدفاع عن النفس بشكل لا إرادي. ويترجمونها بالرفض الدائم وبكلمة «لا» وبالتصرف بعكس ما يشتهيه الأهل، وكأنهم بذلك ينتقمون باللاوعي، ظنا منهم أنهم بمثل هذا السلوك المعاكس ينتصرون لرغباتهم. والتي تختلف وتتغير مع مراحل النضوج والانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة. ويوضح الشلال أن لا الناهية التي يستعملها الأهل عادة بقصد حماية أبنائهم من الوقوع بالخطأ أو من التصرفات السيئة، ترافقها نبرة صوت عالية. وهذا غير محبب لدى صغار السن الذين لا يعرفون مصلحتهم، وإنما يفهمون النهي على أنه غضب وعدم محبة. وهكذا يخزنون غضبهم إلى مرحلة يستطيعون فيها رفض كل ما يقال لهم، مشيرا إلى أن أفضل أساليب التربية هي تلك التي تتبع أدوات الشرح والتحدث بصوت منخفض. فالطفل يميل إلى الاقتناع عندما نطلب منه ما يفيده بطريقة سلسة، وعندما نشرح له أن ما لا يعجبنا قد يؤذيه. ولأننا نحبه ونخشى عليه ونريد له كل الخير، فنحن نمنعه من القيام ببعض الأمور، ونطالبه بفعل سواها لأنها تفيده. ويذكر أن الأطفال أشخاص منطقيون يميلون إلى طاعة الوالدين بشرط أن يقتنعوا. وهنا دور الأهل في تعديل أسلوبهم وفي تقديم النقاش الإيجابي. عالم افتراضي وردا على النصائح التربوية يتضح أن تجارب الأهل في هذا المجال تختلف باختلاف شخصياتهم وقدرتهم على اتخاذ الأمور بهدوء. وتظهر العصبية على أنها العدو الأول للتربية الحديثة، لأنها تتنافى مع مبدأ التحاور والنقاش الصحي والمفيد. وهو أكثر ما يحتاجه الأبناء للخروج من حال العناد لديهم. في هذا الإطار، تقول راوية الحسيني: إنها تجد اختلافا كبيرا ما بين تربيتها لولدها البكر (عمره 16 عاما) وولديها الأصغر سنا. إذ لم تكن تجهد نفسها في مطالبته بأمر ما، ولا بنهيه عن فعل الأمور الأخرى. وكان يفهم عليها من نظرة واحدة، ويخجل إذا ما طلبت منه القيام بأمر ما أمام الناس على اعتبار أنه ولد مهذب ولا ينسى واجباته، في حين أن المشهد مختلف كليا مع أخويه اللذين يرفضان كل ما يطلب منهما. وتؤكد الأم أنها أحيانا كثيرة تفاجأ منهما بالرد بكلمة «لا»، قبل حتى أن تنهي جملتها ويتضح ما تطلبه. وهي تعتبر أن جيل الإنترنت والعالم الافتراضي، يكتسب سوء التخاطب مع الآخرين وخصوصا مع الأم والأب. وهذا ما لم تلحظه عند ابنها الأكبر لأنه لم ينشأ والآي باد بيده كما هو الحال مع أخويه. وتوافقها الرأي مريم العلي (أم لولدين وبنتين)، وهي تعاني من أن كلامها ليس مسموعا على الإطلاق. وكل ما تطلبه لا ينفذ إلا بعد حين، وكأن أبناءها مقتنعون بالإصرار على آرائهم حتى من دون أن يسمعوا وجهة نظرها. وتشير إلى أنها قد تكون ساهمت في حال الرفض لديهم لأنها قاسية في تربيتها ولا تفسح لهم أي مجال للنقاش، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة تأجيل المذاكرة. وتقول: إنها تتعامل معهم بالقصاص وأحيانا بحرمانهم من أكثر الأمور المحببة لديهم، ومع ذلك فهم لا يمتنعون عن قول «لا» بعد كل طلب. لا للمذاكرة، لا لغسل اليدين بعد الأكل، لا لترتيب أغراضهم ولا للنوم باكرا. وهذا كله يصيبها بالتوتر الشديد إلى حد عقابهم بالضرب، ولكن عبثا تفعل. هدوء ووعي يذكر إبراهيم حسن (أب لولد وحيد) أن تربية الأبناء تحتاج للكثير من هدوء الأعصاب والوعي. ومن الخطأ التعامل مع الصغار وكأنهم يعرفون ما يقصده الكبار عندما يمنعونهم من فعل أمور معينة. فهم بالنتيجة عديمو الخبرة، وكل ما في بالهم أن يستكشفوا العالم من حولهم بأقل قدر من الممانعات. ويقول إنه يتصادم أحياناً كثيرة مع تصرفات ابنه التي تنم عن بداية العناد، لكنه يتصدى لهذه الحال بتركه حتى يهدأ. وبعد ذلك يجلس بقربه ويبدأ عن طريق اللعب بشرح وجهة نظره ومحاولة الحصول على موافقات منه بما يتناسب مع قدراته على الاستيعاب. أفضل الطرق يتحدث محمود الصعوب (أب لولد وبنت) عن أفضل الطرق للتعامل مع عناد الأبناء. ويقول إنه بحسب دراسته في علوم الفلسفة، فإن المنطق يغلب دائماً مع التركيز على النزول إلى مستوى تفكير صغار السن. ويعتبر أنه من الخطأ التعامل مع الجيل الجديد بمبدأ الأمر والنهي؛ لأن المطلوب في عصر التكنولوجيا تقديم الأدلة والبراهين. فلا مانع من رفض أمور معينة درءاً لتداعيات غير محببة، لكن في الوقت نفسه، لا بد من قبول أمور أخرى. وفي الحالين يجب الشرح والتفسير حتى تنشأ لدى الأطفال تراكمات منطقية تؤهلهم لاحقاً للتمييز بأنفسهم بين الخطأ والصواب وما يناسبهم وما لا يناسبهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©