الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألعاب الصغار وأصوات الكبار تولد من رحم الموت في هايتي

ألعاب الصغار وأصوات الكبار تولد من رحم الموت في هايتي
14 فبراير 2010 19:46
من بين أنقاض المنازل والمباني المدمرة، وبعد الصمت والسكون اللذين خلفهما الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي الشهر الماضي، بدأت أصوات الناس من الصغار والكبار تخترق حاجز الصمت، منبئة بعودة الحياة مرة أخرى إلى تلك البلاد الواقعة على البحر الكاريبي والتي يقطنها نحو 10 ملايين نسمة. أصوات سكان البلاد تتعالى مجددا في كثير من تلك المناطق.. فقد بدأوا يطوون صفحة الموت والدمار واليأس، ليبدأوا صفحتهم الجديدة مع الحياة، منهم من يتحدث مع رفاقه بصوت مرتفع، ومنهم من يفترش الأرض لعرض بضائع “بدائية” للبيع.. ينتشرون في المواقع التي لم تتضرر من الزلزال ليضعوا “البسطة” وعليها بعض الفواكه والخضراوات المحلية والبضائع البسيطة الأخرى، ينادون بأصواتهم علهم يجدون من بين المارة من يشتري ما لديهم. وفي أماكن أخرى، وتحديدا بين الاحياء السكنية التي كانت مأهولة بالبشر قبل الزلزال، يمكن رؤية الأطفال يعودون للعب مرة أخرى بين ما تبقى من الأزقة والحارات، بعدما رأوا الكثير من الأحداث التي لم يتمكنوا من استيعابها منذ الثاني عشر من يناير 2010، حين اهتزت الأرض تحتهم وتساقطت المباني من حولهم في واحد من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم في العصر الحديث. خلف الزلزال الذي بلغت قوته 7.3 درجة بمقياس ريختر، نحو 230 ألف قتيل، وتشير توقعات إلى أن هذا العدد مرشح للاقتراب من 250 ألفاً، فيما تجاوز عدد الجرحى والمصابين 300 ألف شخص، ويعد الزلزال هو الأسوأ منذ إنشاء الأمم المتحدة في العام 1946. قصص النجاة العجائب تكاد لا تنتهي في هايتي منذ وقوع كارثة الزلزال.. فقصص النجاة الغريبة تبهر العالم كل يوم، وكان آخرها قبل أيام حين عثرت فرق البحث والإنقاذ الدولية على أحد الهايتيين حياً يرزق بعد 27 يوماً قضاها تحت الأنقاض، وقبلها تم انتشال آخرين منهم فتاة قضت 14 يوماً قبل أن تعثر عليها فرق الإنقاذ الدولية. القصص التي يرويها الأطفال وذووهم من الهايتيين وهم في المستشفيات هي من أكثر ما يلفت النظر بعد الكارثة، فشاب يناهز الخامسة عشرة من عمره، استبق فرق الإنقاذ والمنظمات الإغاثية العالمية، ومنذ الوهلة الأولى بعد الزلزال، لم يتوقف عن إزاحة الأنقاض والبحث عن ناجين، وبعد يومين من البحث وجد طفلا لا يتجاوز الخامسة من عمره، توفي جميع أفراد أسرته وبقي حياً.. فانتشله وذهب به إلى أحد المستشفيات وتم نقلهما معا إلى مستشفى آخر في جمهورية الدومينيكان المتاخمة لهايتي، فقد رفض هذا الشاب ترك الطفل وحده دون أقارب.. رضيعة أخرى لم تكمل عامها الأول عثر عليها تحت حطام منزلها بعد 10 ساعات من الزلزال لتكون هي الأخرى واحدة من الحالات الغريبة التي كتبت لها النجاة من الزلزال المدمر.. وبالرغم من عودة الحياة إلى هايتي بشكل تدريجي، لكن مناظر الدمار لا تزال هي أكثر من يلفت النظر لمن يذهب إلى تلك البلاد، فمعظم المباني قد دمرت بشكل كامل أو شبه كامل، أسقف المنازل القديمة التي تشكل الجزء الأكبر من المباني، متساقطة في كل اتجاه، وروائح الغبار والدمار منتشرة في كل مكان، وستحتاج عمليات إعادة إعمار البلاد إلى سنوات طويلة من البناء والإصلاح. ومع أن حكومات العالم والمنظمات الإغاثية الدولية تواصل جهودها للتخفيف عن نحو 3 ملايين هاييتي تضرروا بالزلزال، فإن رؤية الناس وهم يقفون في طوابير طويلة في انتظار عمليات توزيع المياه والأغذية تعد من المشاهد المألوفة في كل يوم، والتزاحم الذي قد يكون عنيفا وخطيرا عند الأطراف الأخيرة من تلك الطوابير لا يعتبر أمراً غريباً. انتشار البعوض ومع أن منظمات الإغاثة العالمية قدمت الكثير من البدائل لإيواء الهايتيين الذين تركوا منازلهم، مثل الخيام والمساكن المؤقتة، غير أن هذه الحلول لا تبدو كافية، فهطول الأمطار يؤدي إلى تبلل الكثير من تلك الخيام وتجمع المياه حولها وانتشار البعوض، وهو ما يؤدي أيضا إلى انتشار أمراض وأوبئة بين السكان في أنحاء البلاد المختلفة. باحثون عن عمل كانت المنطقة المنكوبة تضم 3 مستشفيات رئيسية، دمرها الزلزال بشكل شبه كامل وانهارت على من كان بداخلها، وهو ما دفع منظمات الإغاثة الدولية إلى إنشاء مستشفيات ميدانية لاستقبال الحالات والإصابات الطارئة، كما عملت على نقل حالات أخرى من الإصابات إلى المستشفيات الواقعة في جمهورية الدومينيكان المجاورة، والتي تضم 5 مستشفيات قريبة من الحدود مع هايتي. أما الأوضاع الصحية في هايتي فلا تبدو مبشرة، فالكم الكبير من جثث القتلى التي تم انتشالها خلال أيام طويلة، إضافة الى الافتقار إلى أبسط المتطلبات الصحية بعد الزلزال سواء في الأغذية أو التخزين والتأثر بالظروف المناخية مثل الأمطار والرياح، أدت إلى تضرر الكثير من السكان جراء الأوبئة والأمراض، خصوصاً أن البلاد كانت موبوءة أصلا ببعض الأمراض مثل الملاريا وغيرها قبل وقوع الزلزال. وفي مقابل ذلك، يبدو مشهد آخر في أنحاء مختلفة من البلاد، فالكثير من الهايتيين يبحثون عن أي عمل يتيح لهم كسب لقمة العيش، حيث أدى الزلزال إلى حالة من البطالة بعد إغلاق معظم المؤسسات وجهات العمل بالبلاد. وأصبح الكثير من الهايتيين يعملون على تقديم أي خدمات متاحة مقابل القليل من الأموال، والمحظوظ منهم من يملك سيارة يستطيع السير بها وإيصال أي شخص يراه في طريقه، أما البعض الآخر فيمكنه عرض بعض المواد البسيطة والغذائية التي لديه على الطرق والممرات وبيعها ولو بمقابل بسيط. “عدسة الاتحاد” تواجدت هناك في عاصمة جمهورية هايتي بورت أو برانس، ورصدت الكثير من اللقطات التي تعكس عودة الحياة للبلاد، وحجم الدمار الذي لحق بها وبأهلها نتيجة الزلزال.. هايتي في سطور تبلغ مساحة جمهورية هايتي نحو 27 ألف كيلو متر مربع، وتقع في غرب جزيرة هسبانيولا الواقعة على البحر الكاريبي، حيث تجاورها جمهورية الدومينيكان الواقعة في شرق الجزيرة، فيما تشكل المرتفعات أكثر من 70? من مساحة البلاد. ويقدر عدد سكان هايتي بنحو 10 ملايين نسمة، 95? منهم من أصول إفريقية، وتعتبر الفرنسية هي اللغة الرسمية، إلى جانب اللغة الكريولية “الهايتية”، ويدين الغالبية العظمى من السكان بالمسيحية وهناك انتشار لديانة الـ”فودو”، إضافة إلى أقلية من المسلمين يوجد أغلبهم في العاصمة بورت أو برنس. يعتمد النشاط في هايتي على الزراعة بالدرجة الأولى، حيث يشكل العاملون في هذا القطاع نحو 60% من السكان، فيما يعمل ما يقارب 25? منهم في القطاعات الخدمية المختلفة ونحو 10 % في المجال الصناعي، إضافة للقطاعات الأخرى المتاحة بالبلاد. ويعتبر البن هو أبرز المحاصيل الزراعية في هايتي، يليه قصب السكر والأرز والذرة، وبعض المنتجات الزراعية الأخرى.
المصدر: هايتي والدومينيكان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©