الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحوكمة المؤسسية: هل هي شأن عائلي فقط

19 سبتمبر 2013 21:00
بقلم بدر جعفر * تعتبر الشركات العائلية المحرك الأساسي لاقتصادنا العالمي. وقد بدأت العديد من كبريات الشركات المتعددة الجنسيات كشركات عائلية، وحوالي 90% من الشركات العالمية يمكن تعريفها بأنها شركات عائلية. وفي منطقة الخليج، تبرز الأهمية القصوى للشركات العائلية، حيث تشكّل 80% من الناتج المحلي الإجمالي المتأتي من خارج قطاع النفط. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، لم يستند نجاح هذه الشركات إلى اقتناعها، بل مباركتها، لضرورة العمل على تبني سياسات النزاهة وتطبيق أفضل ممارسات الحوكمة. وبدأت الشركات الرائدة في منطقة الخليج بتبني وتنفيذ قواعد سلوكية صارمة من شأنها أن تسهم في نشر مقومات الالتزام، لتصبح فيما بعد جزءا لا يتجزأ من ثقافة الشركة. ولا يخفى علينا أهمية مشاركة أفضل الممارسات بين الشركات لما تلعبه من دور مهم في تشجيع الشركات الأخرى لتحذو حذوها، مما يعزز من ثقة المستثمرين في أسواقنا الإقليمية. وإذا نظرنا إلى المسار الذي اتخذته الشركات خلال السنوات القليلة الماضية، نجد أن نجاح الشركات لم يعد يتوقف على مجرد قبولها فحسب، بل هنالك حاجة لأن تتبنى هذه الشركات سياسات تكاملية ذات صلة، وأن تعمل على تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة، إلى جانب تنفيذ قواعد سلوك صارمة، ونشر ثقافة الالتزام في جميع أقسام المؤسسة. وثمة اقتناع متزايد بأن تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة يمكن أن يساعد الشركات على اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية، وتعزيز قاعدة عملائهم وشركائهم التجاريين. ومع ذلك، فإن الضغوط الرئيسية لتبني هذه الممارسات تكمن في خطر مواجهة الشركات العائلية لمخاطر تشرذم وانهيار القيمة في حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة تضفي الطابع المؤسسي والاحترافي على هياكل الشركات التنظيمية. ونشير هنا إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الشركات العائلية في المنطقة تدار من قبل الجيل الثاني، الأمر الذي يشير إلى أنه سيتم نقل أصول تزيد قيمتها على تريليون دولار إلى الجيل القادم خلال الخمسة أو العشرة أعوام المقبلة. وينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن متوسط نسبة الشركات العائلية التي ستتمكن من المحافظة على قيمها إلى ما بعد الجيل الثالث تبلغ 15% فقط، وهذه النسبة دفعت العديد من الشركات لاتخاذ إجراءات عاجلة تضمن بقائها في دائرة المنافسة والنمو. ومن أجل فهم أفضل لكيفية عمل الشركات، فإنه من الضروري الإحاطة بالنواحي الثقافية ذات الصلة بالمجتمعات التي تنشط فيها الشركات العائلية. وأولى المسائل التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار هي ارتفاع عدد أفراد الأسرة الواحدة في عالمنا العربي. فقد يصل عدد أفراد الأسرة عند الجيل الثالث إلى ثلاثة أرقام، مما يقلل حصة كل فرد من أرباح الشركة، ويخلق مزيدا من الضغوط لتلبية احتياجات أفراد الأسرة. كما يخلق هذا الوضع تسلسل هرمي حاد مع تغييرات بسيطة نسبيا للقرارات الصادرة من الأعلى. وقد تحدث بعض المشاكل بين أفراد الشركات العائلية قد تهدد استقرار الشركة، وذلك بأن يهمل أصحاب الشركة من كبار الأعمار الدور التوجيهي والتعليمي لمن هم أصغر منهم. وإضافة إلى ذلك، يجب إيلاء مسألة إشراك المرأة في الإدارة العليا أهمية قصوى لتخليص الشركات من السيطرة الذكورية السائدة تقليدياً، مما يدفع إلى جني الشركات العائلية لفوائد جمة، وخلق القيمة داخل الشركات والعائلات على حد سواء. وعلى الرغم من احتمالية حدوث صراع في الشركات العائلية، إلا أن الشركات العائلية في عالمنا العربي يمكنها تجنب هذا الأمر بنشر القيم الأخلاقية. فتقييم الشركات لا يعتمد على قيمة أصولها فحسب، بل على القواعد الأخلاقية المطبقة في الشركة. لذلك يجب الحرص على نقل الأخلاقيات الحميدة ليس للجيل القادم في الشركة فقط، بل لأصحاب المصلحة أيضاً. وتدخل القواعد السلوكية الأخلاقية في صميم حوكمة الشركات الناجحة، وتأخذ أهمية تتعدى مجرد تحقيق الأرباح. إن نجاح الشركات هو نجاح أمتنا، لذا تقع على عاتقنا مسؤولية تعزيز مكانة الشركات العائلية، وتقديمها في صورة شاملة لما فيه من خير للمجتمع ككل. * مؤسس مبادرة بيرل والعضو المنتدب لمجموعة الهلال في دولة الإمارات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©