الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحج.. نداء إلى الإيمان بالله وتذكير بيوم البعث

الحج.. نداء إلى الإيمان بالله وتذكير بيوم البعث
19 سبتمبر 2013 20:42
في مثل هذه الأيام المباركة من كل عام، تحنُّ قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى بيت الله العتيق، لتأدية فريضة الحج، ولمشاهدة الأرض المباركة وليطوفوا بالكعبة المشرفة، ولزيارة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وهذا الشوق الذي يملأ قلب كل مسلم إلى بيت الله الحرام، إنما هو تحقيق لدعوة أبي الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حينما أسكن ابنه إسماعيل - عليه الصلاة والسلام - وأمه هاجر في رحاب البيت العتيق وتركهما، ثم اتجه إلى ربه يناجيه ويتضرع إليه (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، «سورة إبراهيم: الآية، 37». نداء للبشرية إن الحج ركن من أركان الإسلام، وهو آخر ما فرضه الله على عباده من العبادات، ومن سُوَرِ القرآن سورة سُمِّيت باسمه (سورة الحج) افتتحت بنداء البشرية قاطبة إلى الإيمان بالله وتذكيرهم بيوم البعث وما فيه من الهول العظيم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)، «سورة الحج: الآية 1 - 2»، وَخُتِمَت السورة بما امْتَنّ الله به على عباده المسلمين ومنهم حجاج بيت الله، أن اصطفاهم من بين البشر فوفَّقَهم للإيمان وسمَّاهم مسلمين ورفع عنهم الحرج وأمرهم بالاعتصام بحبل الله ليكونوا شهداء على الناس يوم القيامة، بل وفي الدنيا لما عندهم من العدل والإنصاف. الأخوة الإيمانية في الحج يجتمع المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها في مهبط الوحي الذي عمَّ البلاد أثناء تأديتهم لمناسك الحج، مستجيبين لدعوة أبيهم إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - عندما أمره الله سبحانه وتعالى بقوله: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، «سورة الحج: الآية، 27»، فتنصهر جميع الأجناس في بوتقة إيمانية واحدة، فقد جمع ديننا الإسلامي الحنيف بين أبي بكر القرشي الأبيض، وبلال الحبشي الأسود، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، فجعلهم إخوة متحابين بعد أن كانوا أعداء متخاصمين، وفي الحج يتجلى معنى الوحدة الإنسانية، وتتجلى المساواة في أقوى صورها فلا عنصرية ولا عصبية للون أو جنس كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبيرٌ)، «سورة الحجرات: الآية 13»، فها هم ضيوف الرحمن قد جاءوا من كل حدب وصوب ليعلنوا للبشرية جمعاء، بصوت واحد وعلى مستوى واحد وصعيد واحد، أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى للبشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، جاءوا إلى مكة المكرمة ليتساووا على صعيد الحج، لا فرق بين أبيض وأسود وكبير وصغير وغني وفقير، لباسهم واحد وتوجههم واحد وصوتهم واحد، فتتحد الألسنة وتتآلف القلوب وتخرج الإجابة من حناجر صادقة وأفواه طاهرة: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». من المعلوم أن الحج من أفضل العبادات وأجل الطاعات، وهو أحد أركان الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، والتي لا يتم دين العبد إلا بها، قال الله تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)، «سورة الحج: الآية 25 - 26». ? الحج من أفضل الأعمال: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «سُئِل: النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور»، (أخرجه البخاري). ? الحج سببٌ في غفران الذنوب: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من حج لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»، (أخرجه البخاري). ? الحج يعدل الجهاد في سبيل الله: عن عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لكنَّ أفضل الجهاد حج مبرور»، (أخرجه البخاري). ? الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة: عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، (أخرجه الشيخان). كما أن العمرة عبادة عظيمة فيها منافع كثيرة نذكر منها: ? العمرة تنفي الفقر والذنوب: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفى الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة»، (أخرجه الترمذي). ? عمرة في رمضان تعدل حجة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم-: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «عمرة في رمضان تعدل حَجَّة»، (أخرجه الترمذي)، وفي حديث آخر قال - عليه الصلاة والسلام-: «فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي»، (أخرجه مسلم). ? العمرة تكفر الذنوب: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، (أخرجه البخاري). ? الحجاج والعمّارُ وفدُ الله: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «الحجاج والعمّارُ وفدُ الله، إن دعَوْه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم»، (أخرجه ابن ماجه). حجاجنا الكرام: يا من يسّر الله لكم الحج في هذا العام، أسأل الله أن يتقبل حجكم، وأن يردكم سالمين إلى أوطانكم، وكلنا ثقة وأمل فيكم وأنتم تنعمون بالصلاة في المسجد النبوي الشريف والطواف حول الكعبة المشرفة، أن تتذكروا أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، المسجد الأقصى الأسير، وأن تتضرعوا إلى الله بالدعاء بأن يفك أسره، كما تسألوه سبحانه وتعالى أن يجمع شمل الأمتين العربية والإسلامية، وأن يوحد كلمتهم، ويؤلف بين قلوبهم، إنه سميع قريب. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©