الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غدا في وجهات نظر..الخليج وأزمة اللاجئين

غدا في وجهات نظر..الخليج وأزمة اللاجئين
16 سبتمبر 2015 22:30

الخليج وأزمة اللاجئين
يقول د.محمد العسومي: الغريب أن أزمة اللاجئين استغلت من قبل أكثر من طرف لمهاجمة دول مجلس التعاون الخليجي في تشويه للحقائق جاء جزءاً منه من «إمبراطورية الشر الإيرانية».
اكتسبت قضية اللاجئين أبعاد جديدة بعد نشر الصورة المؤلمة للطفل السوري «أيلان» ملقاة على الشاطئ التركي، فبالإضافة إلى الجوانب الإنسانية، فإن هناك جوانب أخرى لا تقل أهمية، فبلدان الأزمات العربية التي أطلق عليها تهكماً «الربيع العربي» دمرت اقتصاداتها بالكامل تقريباً وفقد السكان الخدمات الأساسية التي كانت متوفرة لهم في العراق وسوريا وليبيا واليمن وتحولت بلدانهم إلى جحيم لا يطاق. كيف يمكنك العيش في بلد لا يوفر لك التعليم والخدمات الصحية والكهرباء والمياه النظيفة، وقبل ذلك الأمن والاستقرار؟ بل امتدت يد التخريب إلى مكوناتك الثقافية من آثار وتراث عريق ومؤسسات علمية وجامعات ومتاحف تحولت إلى أطلال وخرائب بعد أن كانت مراكز لتخريج الكفاءات ومواقع سياحية تدر الكثير من الخير على هذه الدول.
ماذا تبقى بعد ذلك؟ ما تبقى هو الإنسان، الموارد البشرية من كفاءات مؤهلة ومتعلمة في مختلف جامعات العالم ومهنيين مبدعين يعيشون في مخيمات توفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة، ما العمل إذن؟ وكيف التصرف تجاه هذه الموارد البشرية؟ الحكمة تقول استقطابها والاستفادة منها وإعادة تأهيل بعضها وفرز الموهوبين من أبنائها، فهؤلاء ثروة لا تقدر بثمن، خصوصاً أن أوروبا الغربية تعاني نقصاً في أعداد المؤهلين والكفاءات بسبب تدني الخصوبة بين سكانها، والذي يترافق مع النمو الاقتصادي المرتقب، هذا الفهم الصحيح لمحت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهذا ما لم يفهمه زعماء أوروبا الشرقية الخارجون من عباءة النظام الاشتراكي السابق ليتحولوا إلى مسيحيين متزمتين يديرون اقتصاداً يعتمد على الله وعلى مساعدات أوروبا الغربية، علماً أن شعوبهم الأكثر هجرة للغرب، مما يعكس أنانية مقيتة.

العبقرية الألمانية

يقول محمد عارف: «إرثان خالدان يمكن توريثهما لأطفالنا؛ أولهما جذور، والثاني أجنحة»، قالها الشاعر جوته. وعجزت عن تخريب ذلك حربان عالميتان دَمّرتا ألمانيا، وقطّعتا أوصالها. واليوم يتابع العالمُ مشدوهاً إعلان ألمانيا قبول 800 ألف لاجئ هذا العام، معظمهم عرب ومسلمون. وكتمتُ دموعي على حال كِرام قوم أذلّهم اللجوءُ، لكن أجهشتُ عندما رأيت كيف يستقبلهم الألمان بالتصفيق والزهور ولُعب الأطفال. سوريون وعراقيون فرّوا من بلدان تنحرهم، ومات بعضهم غرقاً في البحر المتوسط، وحاصرتهم الشرطة الهنغارية بالأسلاك الشائكة، والهراوات، وإذا بالألمان يحتشدون لاستقبالهم في مداخل مدنهم وقراهم، وبعضهم يشاركونهم منازلهم، إلى أن توفر لهم الدولة سكناً.
«خمسة طرق ملهمة يدعم بها الألمان اللاجئين»، عنوان مقالة في «واشنطن بوست». وأول الطرق هي الطبخ مع اللاجئين. وحصيلة ذلك كتاب وصفات الأطعمة في البلدان التي قدموا منها، وحكاياتهم عن الطعام. وأعلنت 60 جامعة وكلية، بينها جامعة النخبة «ميونيخ»، استعدادها لاستضافة الطلاب اللاجئين، والسماح لمن لم يستكمل بعد إجراءات لجوئه بحضور المحاضرات الخاصة باختصاصه، وتعلم اللغة، والاندماج في المجتمع الألماني.
وأقوى الدوافع الإنسانية هي التي تدعمها المصالح، وقد التقيا في موقف «ميركل» الذي أيدّه اليسار واليمين الألمانيان، ويذّكر بحقائق منسية، وهي أن ألمانيا ليست الغرب، ومع ذلك فهي القوة العظمى الأوروبية، ليس في الاقتصاد فحسب، بل في السياسة أيضاً، وفي الفكر والفن والعلم. يعرض تفاصيل ذلك كتاب «العبقرية الألمانية»، وعنوانه الإضافي «ألمانيا أشادت عصر النهضة الأوربية الثانية والثورة العلمية الثانية». ويسخر المؤلف الإنجليزي «بيتر واتسن» من جهل الإنجليز بعبقرية الألمان، والتي لا تقتصر على أدبائهم مثل: غوته وشيلر وهاينه.. وموسيقييهم مثل: باخ وبتهوفن وبرامز وفاجنر وشتراوس.. وفلاسفتهم مثل: هيغل وكانط وماركس وكلاوزفيتس.. وعلمائهم مثل: كبلر وهامبولد وبلانك وأنشتاين وبراون.. بل عبقرية الشعب الألماني الذي حقق المعجزة الاقتصادية بعد دمار بلده بالكامل، وأعاد توحيدها بعد تجزئتها.

دور الاستفزاز في الجرائم الطائفية
يقول أحمد أميري: يعد ارتكاب الجريمة بناءً على استفزاز خطير صدر من المجني عليه بغير حق، عذراً مخففاً يستفيد منه الجاني في تخفيف عقوبته. والاستفزاز هنا، كما يعرّفه فقهاء القانون، هو: «كل موقف جارح يتخذه المجني عليه بقصد إثارة غضب الجاني». ومثال ذلك أن يقرض شخص زميلاً له في العمل مبلغاً من المال، ثم يأخذ المدين في المماطلة في السداد عند حلول الأجل، ثم ينكر في فترة لاحقة القضية، ويكذّب الدائن، فيهتاج الأخير وينهال عليه بالضرب.
ولم يرتّب الفقه الجنائي هذه القاعدة عبثاً، ففي النهاية نحن كائنات من أعصاب، ولسنا رجالا آليين. ومع هذا، فالقاعدة المذكورة لا تبرئ الجاني، ولا تشرع له أخذ حقه بيده، ولا تتسامح معه إذا أخطأ في حق غيره، لكنها تراعي أنه إنسان.
وكأنّ تلك القاعدة تلقي باللوم على المستفِز وهي تخفف عقوبة المستفَز، فلو كانت عقوبة الجاني الحبس سنة واحدة، في حال تعرض لشخص لم يستفزه، فإنه لو حصل على حكم مخفّف بالحبس تسعة أشهر لتعرّضه لشخص استفزه، فكأنّما القاعدة تقول للمجني عليه: لوّم نفسك لمدة ثلاثة أشهر!
وفي هذه المنطقة المبتلاة بالطائفية، فإننا في كل مرة نشهد فيها حادثاً طائفياً، نقعد ندين الفاعلين ونتعاطف مع الضحايا، وينتهي الأمر عند هذا الحد، ولا نلتفت إلى أن أحد أهم أسباب العنف الطائفي هو اتخاذ المواقف الجارحة تجاه بعضنا بعضاً.
ويلبّس على الناس من يقول إن الاستفزازات تتحرك في اتجاه واحد، فنحن نجرح ونهزأ ونسخر ونزدري ببعضنا بعضاً، ونكفّر ونفسّق ونبدّع، صراحة أو ضمناً، بكلام واضح ومباشر أحياناً، وبالمداورة في الأساليب والتلاعب بالكلمات في أحيان أخرى.
ومع هذا، يبقى للاستفزاز مستويات، إذ الجرح الذي يخلفه شخص في روحي إذا شتمني في عرضي، يختلف عن الألم الذي قد أشعر به إذا سخر من كتاباتي. ولا أعتقد أن هناك استفزازاً أخطر من شتم الرموز المقدسة، خصوصاً تلك التي تدور حولها أسس العقائد والمذاهب.
ورغم أنه يصعب عملياً إلزام الجميع بالتوقف عن تخطئة عقائد بعضهم بعضاً، فإنه يمكن التوقف عن النيل من رموز الآخرين واعتبار ذلك ديناً، خصوصاً أن ذلك لن يزيد أو ينقص في معتقدات المسيئين والمستفزين.

لاجئون بالأرقام!

يقول د. أحمد عبدالملك: مشكلة الذهنية العربية كونها عاطفية، وبالتالي يصعب عليها التحليل العقلاني، كما أنها مسكونة بنظرية المؤامرة، وبالانحياز الأعمى للذات. لقد ظهرت عدة عناوين في الصحف العربية تتهم الدول الأوروبية بالتقاعس عن استقبال اللاجئين السوريين، وتؤكد أن لدى تلك الدول عقدة «الشعور بالذنب» لقاء تعاملها مع اليهود. ويغض بعض الكتبة الطرف عن مشاهد الحفاوة والتقدير التي قوبل بها اللاجئون السوريون في أغلب البلدان الأوروبية، مما لم يحدث له نظير في بلاد «الأقربين».
لقد تضامنت العديد من الفعاليات السياسية والثقافية الأوروبية مع محنة اللاجئين السوريين، كما أُنشئت جمعية باسم «أهلاً باللاجئين» في ألمانيا التي استقبلت نحو 450 ألف لاجئ منذ بداية 2015، ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 800 ألف مع نهاية العام. لقد هبّت منظمات المجتمع المدني لتنظيم حملات الترحيب والإيواء لللاجئين السوريين، ومن أجل تهيئة الرأي العام لقبولهم. كما سجلت الأرقام أن مواطناً من كل 5 مواطنين ألمان قام بتقديم مساعدة لهؤلاء اللاجئين. وقد خصصت ألمانيا 6 مليارات يورو لعمليات الإيواء. وستقوم تقوم المفوضية الأوروبية بتوزيع 180 ألف لاجئ سوري على دول الاتحاد الأوروبي، حيث ستستقبل ألمانيا وحدها ربعهم، وإن كان وزير داخليتها قد أعلن في مارس الماضي أن أغلب طلبات اللجوء التي سيوافق عليها ستكون لأهل الديانة المسيحية، مبرراً ذلك بوجود ضغوط تُمارس على هؤلاء، في إشارة لاستهدافهم من قبل الجماعات الإرهابية، خصوصاً في مدينة حلب التي كان يبلغ عدد مسيحييها 160 ألف شخص، قبل نشوب الحرب.
وكانت المفوضية الدولية الخاصة للاجئين قد أعلنت عن توزع اللاجئين السوريين على النحو التالي: لبنان (1.2 مليون)، الأردن (630 ألفًا)، العراق (25 ألفاً)، مصر (133 ألفاً)، شمال أفريقيا (24 ألفاً).
وبلغ عدد طلبات اللجوء السورية التي قبلتها الدول الأوروبية عبر الطرق الرسمية، وحتى الثالث من سبتمبر الجاري: ألمانيا (555ر47 طلباً)، السويد (025ر32 طلباً)، فرنسا (640ر20 طلباً)، إيطاليا (630ر20 طلباً)، سويسرا (575ر15 طلباً)، بريطانيا (065ر14 طلباً).

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©