الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مارسيل خليفة يطلق مغامرة «كونشرتو الربابة» مع اوركسترا قطر

مارسيل خليفة يطلق مغامرة «كونشرتو الربابة» مع اوركسترا قطر
18 ديسمبر 2010 19:59
كيف خرجت هذه الربابة من قلب الصحراء ونضج صوتها مع الاوركسترا الفلهارمونية، وهل تستطيع هذه الآلة التقليدية المقاومة أمام مئة عازف وعازف في الاوركسترا؟ هذه هي الأسئلة التي طرحها مارسيل خليفة على نفسه وهو يعرض لوكالة فرانس برس فكرته-المغامرة لأول كونشرتو للربابة. فقد قدمت اوركسترا قطر الفلهارمونية للمرة الأولى هذا الكونشرتو مساء الجمعة في دار الأوبرا في الحي الثقافي في الدوحة، وهو مجمع يضم عدة منشآت ومرافق تحتضن المهرجانات الثقافية والسينمائية في قطر. عن تساؤلاته يجيب خليفة “حاولت دراسة الزمان والمكان لهذه الآلة، وحاولت أن اسمع ما غنى العرب في الصحراء بين كثبان الرمل والواحات من قوافل المقامات والإيقاعات. لقد كتبت ومحيت وكتبت ومحيت خلال عام كامل وأبحرت في ميزان وإيقاعات الشعر العربي الرجز والرمل والطويل لأفتح باب المستحيل لهذه الآلة”. على مدى ثلاثين دقيقة هي عمر كونشرتو الربابة، جلس عازف الربابة المصري معتز حسن الملا في قلب الاوركسترا ولم تبد الربابة في يده كائنا غريبا أو دخيلا على الإطلاق، بل احتضنها عازفو الاوركسترا بقيادة توماس كالب باناتها وصهيلها وفرحها، ثم صفقوا مطولا للعازف المنفرد. ويقول خليفة عن عازف الربابة “هو شخص لديه ثقافة مزدوجة بالموسيقى، عربية وعالمية. هو عازف تشيلو وعازف اساسي في الاوركسترا الفلهارمونية القطرية واستطاع من خلال أصابعه النافذة كونه عازف تشيلو قديرا أن يعطي حضورا لهذا العمل ولا يستطيع اي عازف تقليدي ان يعزف ما كتبته”. فبحسب خليفة، إن أي عازف تقليدي يحتاج الى تأهيل كي يقرأ النوتة الموسيقية ويتعامل مع الأوركسترا. ولا يخفي خليفة وجود رهبة لدى العازفين من هذه المزاوجة غير التقليدية. ويقول “حين أبلغت حسن أنني سأكتب له كونشرتو الربابة بدا الأمر وكأنني أتحدث عن رحلة إلى المريخ”. ويضيف “عندما كتبت جعلت الربابة تستسلم بين الموسيقى التي كتبتها وبين نبرة اخرى تضيق بها قاعة الاوبرا بحيث تريد نقلك للصحراء وللجو الأصلي للربابة، وتنقلك الى الرحب والسعة في ملاذ آمن للمتعبين من السفر بحيث تشتم رائحة الصحراء”. ويتكون كونشرتو الربابة من ثلاث حركات، الحركة الاولى ترافق فيها الربابة جميع عازفي الاوركسترا، وتنفرد الربابة في الحركة الثانية بينما تشاركها مجموعة من الالات الوترية، خاصة التشيلو بضبط الايقاع من خلال طرق العازفين على خشب الآلة وليس اوتارها، أما الحركة الثالثة فتعزف الربابة مرة اخرى مع الاوركسترا. ولدى خليفة رواية لكل حركة. ويوضح “في الحركة الأولى نسمع كيف كان يحمل العربي معه في ترحاله ربابته كي تدل عليه في وحشة الليل ونتخيل بهذا الكونشرتو كيف تكون الربابة ايضا ديوان العرب كالشعر تماما، كالماء والنار التي لا يمكن الاستغناء عنها. كما نتخيل كيف استقى الشعراء والمغنون من رنين الربابة لترتيل الشعر وقد كانوا دائما يكتبون شعرهم من رنين هذه الربابة وهذا واضح جدا في الكونيرتو وهذا ما بنيته فيه”. ويتابع الموسيقي اللبناني الذي سبق أن ادخل العود بكل أبهة الى الاوركسترا السمفونية، “في الحركة الثانية نسمع رنينا ما وقعته حوافر الخيل واطلقته الى المدى بين خشب الوتريات فآلات التشيلو والباصات يتم النقر فيها على الخشب وليس على الاوتار وهنا يكون دور التشيلو الايقاع على الخشب ومساعدة الربابة بالإيقاع ونسمع في صوت الربابة في كل العمل ترحال الصحراوي والموسيقى التي وقعها لكي يتسلى ونسمع فيها تلاوة الشعر برفقة الربابة من خلال مرافقة الاوركسترا”. وبحسب خلفية، “لا يوجد شاعر قال قصيدة دون ان يغنيها مع الربابة”. وعن الحركة الأخيرة في الكونشرتو يقول خليفة “يبتعد صوتها في بيداء الالحان، تورد مع الابل وترقب الخوف من جفاف الينابيع واطلقت في الليل حبا ورغم هذا الجفاف والقيظ في الصحراء والشظف كانت دائما تنطق بالحب”. ويضيف “الربابة تشبه امرأة ساحرة نتبادل معها الدلال في ليلة مقمرة. إن فيها غزلا. هي شهية في مساء الشهوة”. خليفة لا يتحدث عن علاقة خاصة بالربابة بقدر ما يبحث عن مخزون الذاكرة العربي. ويقول في هذا السياق “انا كموسيقي أبحث عن مخزون ذاكرة موجودة لدينا وهناك عدة أمور يمكن التفكير فيها. فالكونشرتو الأول الذي قدمته للفرقة الفلهارمونية “الكونشرتو العربي” منذ ثلاث سنوات قدمت فيه التخت الموسيقي العربي مع الموسيقى الفلهارمونية وكان اقتراحا مهما لانه أعطى للفرقة بريقا في العالم حيثما ذهبنا”. وعزف الكونشرتو العربي في ايطاليا وواشنطن وباريس ولندن. وبحسب خليفة، فإن الربابة مثلها مثل العود تربط المنطقة العربية ببعضها وهي موجودة في المشرق والمغرب ومصر والصحراء و”هناك عدة اشكال للربابة”. ويرى خليفة أن المزاوجة بين الموسيقى العربية والغربية حالة ابداع. ويقول “الموسيقى موسيقى وكل الموسيقى العالمية انبثقت من تراثها وبيتهوفن كتب موسيقى تخص فلكلور البلد الذي يعيش فيه وأى موسيقي”. ويضيف “وبرأيي ان الروعة الثقافية العربية الموسيقية موجودة في هذا التنوع الكبير من المشرق للمغرب ولا استطيع تجاهله ولكن موسيقى لديها الطابع الفلهارموني الاوركسترالي”. ويؤكد خليفة أن الغرب متعطش لتجارب ومؤلفات موسيقية جديدة. ويقول “من قاد الكونشرتو العربي هو لورين مازيل وعمره ثمانون عاما وهو من أوائل قادة فرق الاوركسترا الكبار وكان يقدم هذا العمل بفرح كونه مقترحا جديدا للسمع”. ويخلص خليفة الى القول “ان العالم بحاجة لشيئ جديد فهم يستطيعون سماع بيتهوفن من فرقة اوركسترا برلين او البوليرو من الاوركسترا الوطنية الفرنسية ولكنهم لا يستطيعون سماع الأعمال النابعة من بيئتنا وتراثنا إلا إذا كان هناك مؤلفون لها”.
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©