الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الأميركية - الباكستانية... شروط تغيير الاتجاه

العلاقات الأميركية - الباكستانية... شروط تغيير الاتجاه
23 سبتمبر 2011 23:04
في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بتخفيض أعداد قواتها وتقليص دورها القتالي في أفغانستان، تجد نفسها أيضاً في حاجة لمواجهة السؤال الملح المتعلق بمستقبل باكستان. ومن المعروف في هذا السياق أن الولايات المتحدة كانت لاعباً أساسياً في باكستان على مدار الستين عاماً الماضية، وأن هذا الدور قد ازداد كثافة وأهمية بعد هجمات الحادي عشرمن سبتمبر. لذلك نجد هناك من يقول إنه إذا صح أن باكستان قد وصلت إلى درجة خطيرة من الخلل الوظيفي أي عدم القدرة على أداء الوظائف المنوطة بها، فإن الولايات المتحدة، وبحكم الدور الذي لعبته في السياسة الباكستانية طيلة هذه العقود، تكون هي المسؤولة -منطقياً- عن إيصالها لهذه الحالة. ولا شك أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، سيجعلها أقل اعتماداً على خطوط الإمداد التي تمتد من باكستان إلى هناك، وهو ما سيمنح واشنطن فرصة نادرة لتنفيذ عملية إعادة مراجعة جذرية لسياساتها وممارساتها في تلك الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى. وتحقيق المصالح الأميركية في باكستان يعتمد في نهاية المطاف على شيء واحد، وهو أمن باكستان الذي يعتبر الإصلاح الداخلي هو مفتاحه الرئيس. فإذا تم حُكم الباكستانيين على نحو أكثر عدالة، وأصبحوا أكثر تعليماً، وتوافرت لديهم المزيد من فرص الحصول على الوظائف، وباتوا بالتالي أكثر قدرة على التعريف، والسعي الحثيث، لتحقيق هوية وطنية بناءة، وأكثر قدرة على تحقيق مصالحهم، وطرد الإرهابيين من أجل ضمان الأمن لأنفسهم. كل ذلك لن يتحقق إذا استمرت الولايات المتحدة في معاملة باكستان بالطريقة التي تعاملها بها حالياً. أي كأداة لشن الحرب، أو التجسس على الأراضي المحيطة بها. فهذه النظرة هي التي أدت - عن غير قصد-ـ وعلى مدار عقود طويلة، إلى تقوية القوات المسلحة الباكستانية الضخمة، وجهاز الاستخبارات العسكرية الفائق النشاط والفاعلية، على حساب قوى المجتمع المدني للبلاد، وعلى حساب التقدم نحو حكومة فعالة ورشيدة. والتغيير الاستراتيجي في باكستان، سيتحقق فقط عندما يحصل الناس الذين لا يتفقون مع العسكريين في السيكولوجية، ولا يتقاسمون معهم المصالح المؤسسية الضيقة على السلطة الحقيقية. ولاشك أن التغيرات الأربعة التالية في السياسة الأميركية في باكستان، سوف تساعد ذلك البلد على إنجاز التحولات المذكورة: أولا: يجب على واشنطن التخلي عن الوهم الذي يصور لها أنها قادرة على تغيير ذهنية، أو طريقة تفكير المؤسسة العسكرية الباكستانية، والتوقف عن تقديم الأموال لها من أجل ذلك (تغيير الذهنية)، على أن تدرك في ذات الوقت أنه لا الأموال ولا التهديد بسحبها سوف يؤثر على المؤسسة العسكرية الباكستانية ويدفعها لمحاربة البشتون، وأمراء الحرب الذين لا ترى تلك المؤسسة فيهم أعداء لها حتى وإن كانوا يهددون كلاً من أفعانستان والهند والولايات المتحدة. ثانياً: قيام الولايات المتحدة بتعزيز التطور الاقتصادي لباكستان، وتحسين درجة احترامها لنفسها، وثقتها في نوايا الأميركيين وذلك من خلال العمل على إزالة كافة العوائق الجمركية، والقيود التنظيمية الأخرى، التي تحول دون دخول منتجات صناعة الغزل والنسيج والملابس الباكستانية للأسواق الأميركية. فزيادة صادرات باكستان لتلك الأسواق، سوف يعزز النمو الاقتصادي الباكستاني، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على تلك الصناعة - بالإضافة بالطبع إلى صناعات أخرى. وهذا الخيار سيكون خياراً مناسباً للغاية خصوصاً إذا عرفنا أن الولايات المتحدة، كانت تقول دائماً إنها تؤمن بأن التجارة خير من المساعدات. ثالثاً: يجب على الولايات المتحدة أن تبذل ما في وسعها لتصحيح الانطباع السائد لدى الباكستانيين، وهو أنها تنظر إلى حياة الباكستانيين ومصالحهم على أنها أقل في القيمة من حياة الهنود ومصالحهم. فعندما يتم قتل هنود على أيدي إرهابيين مرتبطين بباكستان فإن الولايات المتحدة تشجب ذلك العمل، وتنعي فقدان الحياة الإنسانية، وتطالب باكستان بتعقب الجناة، وإحضارهم للعدالة، وضرورة العمل على القضاء على خطر التطرف العنيف.أما عندما يموت المسلمون الباكستانيون سواء في كشمير المتنازع عليها مع الهند - أو في أي مكان آخر على أيدي الجنود الهنود ونتيجة لاستخدام هؤلاء الجنود لمقدار مفرط من القوة فإن الولايات المتحدة عادة ما تلتزم الصمت، أو تكتفي بإصدار بيانات باهتة خوفاً من أن تؤدي إدانة الهند على هذه الأعمال إلى تعقيد علاقاتها معها - مع الولايات المتحدة - التي تسعى جاهدة إلى تدعيمها. رابعاً:، وأخيراً ليس هناك شك في أن واشنطن سوف تخدم المصالح الأميركية والباكستانية من خلال الإقرار بأن برامج المساعدة والتطوير المدني الحسنة النية التي خصص لها الكونجرس الأميركي ما يقدر بـ7.5 مليار دولار عام 2009 لا تعمل على النحو الذي يجب أن تعمل به، ولا تحقق ما كانت الولايات المتحدة تنتويه منها في الأصل. فهناك أموال هائلة تنفق على باكستان، ولكن المشكلة هي أن الولايات المتحدة لا تضع القيود الكافية عليها، كما أن المشرفين على تلك البرامج كثيراً ما يتم نقلهم من باكستان وإعادتهم إليها بشكل متكرر، مما لا يتيح أمامهم الفرصة ولا الوقت الكافي لتحقيق الإشراف الكامل على الطريقة، التي تنفق بها تلك المخصصات، والمخصصة في الأصل لمساعدة باكستان على مواجهة أزماتها الداخلية العادية وكوارثها، وهذا الضعف الرقابي يؤدي في نهاية المطاف لتسرب تلك المعاونات إلى الجهات الخطأ. المؤسسة الأمنية الباكستانية قد تكون عقبة في سبيل إصلاح ومعالجة العديد من مظاهر عدم المساواة الداخلية في باكستان، أو في سبيل حل الصراعات التي حالت بين ذلك البلد وبين تحقيق الآمال التي كان يصبو لتحقيقها منذ استقلاله وحتى الآن. ولكن إذا توقفت واشنطن عن الإضرار بباكستان، وجعلت من دعمها للباكستانيين التقدميين أكثر وضوحا، فسوف تكون هناك بالتأكيد فرصة للباكستانيين يتمكنون من خلالها من التقدم للأمام وإعادة بلادهم مجدداً إلى طريق التقدم الذين حلموا به طويلاً. جورج بيركوفيتش نائب رئيس قسم الدراسات بمؤسسة «كارنيجي» للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©