الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة الأعشى..

عودة الأعشى..
18 سبتمبر 2013 21:34
انطلقت فعاليات سوق عكاظ السنوي مجدداً هذا العام، فاتجه المعنيون والمهتمون نحو سوقهم جنوب السعودية في مدينة الطائف ذات الجو الممطر طيلة العام. نصبت الخيام لقراءة الشعر، وعلقت بردة عكاظ في انتظار شاعر هذا العام 2013. يذكر أن سوق عكاظ أهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق، كانت القبائل تجتمع في هذا السوق شهراً من كل سنة، يتناشدون الشعر ويفاخر بعضهم بعضاً، ولم يكن سوق عكاظ مكاناً ينشد فيه الشعر فحسب، بل كان أيضاً موسماً اجتماعاً قبائلياً له دوره السياسي والاجتماعي الكبير، فقد مثّل عكاظ لقبائل العرب منبراً إعلامياً يجتمع فيه شيوخ القبائل بعشائرهم، وتعقد فيه مواثيق وتنقض فيه أخرى، كما كان السوق مضماراً لسباقات الفروسية، وسوقاً تجارياً واسعاً تقصده قوافل التجار القادمين من الشام وفارس والروم واليمن، ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل وغير ذلك، ومنبراً خطابياً تقال فيه الخطب، وينصت له الناس، ومجلساً للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس. ويعود تاريخ عكاظ إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد، وقد نشط في الفترة السابقة لظهور الإسلام، واستمر في عهد النبوة وصدر الإسلام أيام الراشدين، وزمن بني أمية حتى سنة 129هـ، حيث ثار الخوارج ونهبوه، وقد تأثر سوق عكاظ بتوسع الدول الإسلامية وانتقال مراكز الحضارة من الحجاز إلى دمشق ثم بغداد، حيث المدن الكبيرة، وبدأت الحياة الجديدة في الشام والعراق ومصر تجذب الناس إليها مع الاهتمام بالفتوحات، مما أضعف الحاجة لسوق عكاظ ودوره التجاري خاصة. عكاظ الجديد يرأس حاليا مجلس سوق عكاظ الأمير خالد الفيصل الذي افتتح هذا الموسم بحضور مثقفين عرب من كل قطر وهم أكثر من ألفي مشارك. ويشتمل برنامج هذا العام على عدد من الفعاليات والنشاطات المختلفة في الفكر والثقافة والتراث والفن، وعروض التراث لكل منطقة وثقافة في السعودية وخارجها من البلدان العربية كالأردن ومصر وتونس، إلى جانب الرقصات الشعبية والمسرح والأمسيات الشعرية والندوات والمحاضرات ومعارض التشكيل والفنون البصرية، وبرنامج جادة عكاظ والفولكلور الشعبي، كما تقدم عكاظ هذا العام جائزتها السنوية (جائزة شاعر عكاظ) وحصل عليها الشاعر السعودي عيسى جرابا الذي ارتدى البردة التي زينت بزخارف لكلمات متناثرة رسمت عليها عبارة سوق عكاظ بطريقة فنية، إضافة إلى مزيج مما قدمه الشاعر، حيث تم رسمها بالخط العربي الحر، بينما كانت الزخرفة العامة للبردة عربية مستوحاة من منطقة الحجاز. وبلغ مجموع ما استخدم من الأقمشة 8 أمتار. يذكر أن جائزة شاعر عكاظ قد منحت في السنوات الماضية لكل من السعودي محمد الثبيتي في عامه الأول (2007)، والمصري محمد التهامي في عامه الثاني (2008)، والسوري عبدالله عيسى السلامة في العام الثالث (2009)، واللبناني شوقي بزيع في العام الرابع (2010)، وحجبت الجائزة في العام الخامس (2011)، وحصدتها العام الماضي (2012) أول شاعرة وهي السودانية روضة الحاج عثمان. جوائز أخرى كما منحت جائزة شاعر شباب سوق عكاظ لأكثر من شاعر، وجائزة الخط العربي والتصوير الضوئي، ولوحة وقصيدة التميز والإبداع العلمي، كما كانت مسرحية الأعشى من أهم فعاليات عكاظ هذا العام التي أخرجها السعودي فطيس بقنة، حيث عالج مسرحيا أهم محطات حياة هذا الشاعر العربي الشهير الذي عاش مدة من الزمن في نجد/ اليمامة، وجسد دوره الفنان ياسر المصري وشاركه رياض الصلحاني وخالد صقر وأسامة القص والدكتور نايف خلف وعدد من الشباب المبدعين. وبرغم حدة رأي النقاد والمختصين في المسرح بالعمل فنياً، إلا أنها كانت خطوة جديرة بالتوقف والتأمل. وجاءت المسرحية عن الأعشى كونه أحد الشعراء الذين أجادوا أبواب الشعر وأبدعوا في أغراضه، حيث إن النقاد عدوه أحد الشعراء الأربعة الأوائل ومنهم امرؤ القيس والنّابغة وزهير. إضافة إلى أن العرب وصفوه “بصناجة العرب وطناجة الغرب”، ومن أبرز ما كان يميزه أنه لم يكن يمدح قوماً إلا رفعهم، ولم يهج قوماً إلا وضعهم، لأنه من أيسر الناس شعراً وأعظمهم فيه حظاً ويعدّ أحد أبرز شعراء المعلقات. الجدير بالذكر أن الشاعر العربي ميمون بن قيس الملقب بـ “الأعشى” كان من أحد ألمع الوجوه الشعرية في السوق التاريخي قبل وفاته عام 629م الموافق للسنة السابعة من الهجرة، ولقب بالأعشى لضعف بصره كما أنه عندما بلغ سن الشباب بدأ سياحته الطويلة في الأرض التي تخللها زيارته لليمن ونجران وعدن والحجاز، كما انتقل إلى المشرق والبحرين والعراق، وزار الشام والروم والحبشة. أكاديمية الشعر وضمن هذا الحشد الإبداعي طرحت فكرة أكاديمية عكاظ للشعر، التي يبدأ العمل على تنفيذها بعد نهاية الدورة السابعة لـ “سوق عكاظ”. وكان الأمير خالد الفيصل قد وضع حجر الأساس للأكاديمية، خلال افتتاح فعاليات الدورة السابعة للسوق، مما جعل الشعراء يبتهجون بهذا الخبر ويعتبرونه فرصة لوجود محضن كبير للشعر ومقدمة لوجود أكاديميات أخرى للتشكيل والمسرح. وسيهدف هذا المركز الشعري إلى تعزيز الصلة بين الناس ومفاهيم الشعر المختلفة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، والاستفادة من تقنيات التعليم عن بعد لإتاحة الفرصة لمن شاء الالتحاق بالدراسة بالمركز من البلاد العربية ومن أنحاء العالم، كما ذكر جريدي المنصوري أحد المسؤولين عن عكاظ. كما سيجري إعداد الملتقى الإلكتروني للشعراء على شبكة المعلومات الدولية، الذي سيتيح مشاركة الشعراء العرب مباشرة من بلدانهم ومواقعهم الإلكترونية بوجود فريق في الأكاديمية يولون اهتماماً بنقد الشعر ومدارسه القديمة والحديثة وفريق لتحقيق مخطوطات الشعر تمهيداً لنشرها بكل اللغات والتعرف على كنوز الموروث الشعري وإنشاء قسم للنشر تشرف عليه لجنة مختارة من المهتمين، وتتولى نشر الدواوين الشعرية والدراسات التي تختص بنقد الشعر، والإشراف على مجلة فصلية للمركز، بالإضافة إلى نشرة غير دورية عن الأنشطة ودعم مسيرة التعليم والثقافة بتنظيم فعاليات الأنشطة والبرامج الشعرية عن طريق المحاضرات والندوات والمسابقات والملتقيات الشعرية التي تنظم للشعراء السعوديين والعرب والعالميين. كما سيكون للمركز دور تكاملي مع المؤسسات الجامعية والبحثية ومؤسسات الثقافة والمجتمع المدني المعنية بالشعر أو التي يكون الشعر واحداً من اهتماماتها ومجالات أنشطتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©