الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا: زيادة «الرسوم» وعنف الشارع

17 ديسمبر 2010 22:22
في أكبر اختبار للحكومة الائتلافية في بريطانيا حتى الآن، صوت البرلمان المنقسم على نفسه يوم الخميس الماضي لصالح مضاعفة المبلغ الذي يمكن للجامعات أن تحدده كرسوم بثلاث مرات تقريباً، وذلك على رغم غضب وسخط آلاف الطلبة المحتجين الذين نظموا مسيرات واعتصامات احتجاجية عبر أرجاء البلاد. غير أن المظاهرات خارج مجلسي البرلمان اتسمت بصفة عنيفة في وقت كان فيه المشرعون يناقشون التدابير المقترحة على مدى ساعات؛ حيث هاجم المحتجون مباني حكومية ورشقوا بالحجارة وكرات البلياردو أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون بدلات مكافحة الشغب، وكان بعضهم على صهوات الخيول. كما حطم بعض المحتجين الغاضبين نافذة سيارة كانت تقل الأمير تشارلز وزوجته كاميلا، ولكن الشرطة أعلنت أنهما لم يصابا بأذى. وقد أصيب خلال هذه المواجهات 10 أفراد شرطة على الأقل و40 محتجاً، كما تم اعتقال أكثر من 24 شخصاً. وفي مجلس العموم، شكل التصويت على الموضوع الحساس أكبر تحدٍّ حتى الآن لوحدة الائتلاف الحكومي الذي يحكم بريطانيا منذ مايو الماضي، حيث تم تمرير القانون بـ323 مقابل 302 صوت؛ وإذا كان معظم مشرعي حزب "المحافظين" قد أيدوا زيادة الرسوم، إلا أن شركاءهم في الحكومة -أي الديمقراطيين الأحرار الذين يجنحون إلى اليسار - كانوا منقسمين كثيراً حول المقترح لأنه يتناقض بشكل مباشر مع أحد أهم وعودهم الانتخابية. وفي هذا الإطار، استقال مسؤولان وزاريان من حزب "الديمقراطيين الأحرار" احتجاجاً على الزيادة، وهو ما مثل حرجاً لزعيم الحزب، نائب رئيس الوزراء نِك كليج. كما تنحى مسؤول وزاري من حزب "المحافظين" أيضاً. غير أن الائتلاف الحكومي، وإن كان قد تعرض للاهتزاز، من المتوقع أن يصمد ويستمر دون مشكلة كبيرة. ولكن الطلبة تعهدوا بمواصلة الضغط وبتوسيع حركتهم الاحتجاجية لمعارضة عناصر أخرى من المخطط الحكومي الشامل تروم خفض مليارات الدولارات من الإنفاق العام. وتقول سارة تور، 22 عاماً، وهي طالبة تدرس الهندسة بجامعة كامبريدج خرجت للمشاركة في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان على رغم الجو الشتوي: "لقد كذبوا على الطلبة... أعتقد أنهم أغبياء كليّاً". ويرفع الإجراء الجديد سقف الرسوم السنوية بالجامعات الإنجليزية من حوالي 5200 دولار إلى 14200 دولار؛ حيث تشدد الحكومة التي يقودها حزب "المحافظين" على أن الزيادة ضرورية كجزء من الإجراءات التقشفية لخفض عجز ميزانية البلاد. ولكن المناوئين يرون أن زيادة الرسوم الجامعية ستحرم الطلبة الفقراء من التعليم العالي وستثقل كاهل الشباب بديون غير معقولة. والجدير بالذكر هنا أن الجامعات الإنجليزية كانت بدون رسوم في الغالب إلى أن أدخلت حكومة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير "العمالية" الرسوم في 2004، في ما كان أيضاً تصويتاً متقارباً جدّاً حيث صوت "المحافظون" حينها ضد المخطط. وقد وضع الإجراء الأخير "الديمقراطيين الأحرار"، الذين حلوا في المرتبة الثالثة في انتخابات مايو الماضي، في وضع أخرق بشكل خاص، وذلك لأن الحزب كان قد وعد خلال الحملة الانتخابية بمحاربة أي زيادة في رسوم الطلبة حيث وقع العديد من المرشحين البرلمانيين، ومن بينهم "كليج"، على تعهدات عامة في هذا الإطار. غير أن زعماء "الديمقراطيين الأحرار"، الذين باتوا مقيدين مع المحافظين في الحكومة، قالوا لقاعدة الحزب إنه لم يعد من الممكن الالتزام بذلك الوعد ودافع "كليج" عن المخطط الجديد باعتباره الخيار الأفضل المتاح في فترة التقشف، ولكن الفوضى في حزبه بلغت مبلغاً ألمح معه وزير التجارة "فينس كابل"، وهو من "الديمقراطيين الأحرار"، إلى أنه قد يصوت ضد زيادة الرسوم على رغم أن من مسؤوليته أن يعرض المقترح على البرلمان. ولكن في النهاية، كان "كابل" من بين 27 من "الديمقراطيين الأحرار" الذين صوتوا لصالح المقترح؛ هذا بينما صوت 21 ضده، مما يقلص بشكل ملموس الأغلبية الحكومية ويوجه ضربةً قوية لجهود "كليج" الرامية إلى الحفاظ على حزبه متحداً وتجنب التصدعات في الائتلاف. وبعد ارتفاع كبير في استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابية، انخفض الدعم الشعبي لـ"الديمقراطيين الأحرار" بشكل سريع منذ انضمامهم إلى "المحافظين" في الحكومة؛ حيث بات العديد من أنصار الحزب مستائين من إذعان زعمائهم لما يعتبرونه أجندة يمينية متشددة تروم تقليص إنفاق الحكومة والتخلي عن السكان الأكثر عوزاً في بريطانيا. وفي هذا الإطار، قال "إيد ميليباند"، زعيم حزب "العمال" المعارض، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي": "لقد ولت فكرة أنهم حزب يمكن الوثوق به؛ تماماً مثلما ولت فكرة أنهم يمكن أن يكونوا حزباً تقدميّاً". وقد شكلت مظاهرة الخميس الماضي المرة الرابعة التي خرج فيها الطلبة إلى شوارع لندن احتجاجاً على زيادة الرسوم. وكانت المظاهرة الأولى قد تحولت إلى العنف أيضاً في العاشر من نوفمبر، مما أسفر عن أضرار لحقت بمقر حزب "المحافظين" في لندن. وبعد التصويت في البرلمان، توجهت مجموعة كبيرة من المتظاهرين من الحي الإداري إلى شارع أكسفورد، الذي يعد إحدى أكبر مناطق التسوق في العاصمة البريطانية، وهاجمت متجراً هناك؛ هذا بينما مرت مظاهرات أخرى عبر البلاد بشكل سلمي نسبيّاً. هنري تشو - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©