الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش».. يقاتل بالأطفال!

15 سبتمبر 2015 22:33
لم يعد صادماً أن نسمع أن شباناً وشابات ولدوا وتربوا في الغرب تركوا منزل الوالدين وشدوا الرحال إلى العراق وسوريا من أجل القتال ضمن صفوف تنظيم «داعش»، غير أننا ما زلنا لا نفهم أسباب ودواعي قيامهم بذلك، والأهم من ذلك، كيفية إقناعهم بالعدول عنه. وإذا سألنا أي خبير في هذا المجال، فأغلب الظن أننا سنحصل على قائمة طويلة ومتنوعة بأسماء المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى هذا التنظيم. فبعضهم ينحدر من ضواحي فقيرة، وبعضهم من عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة، وبعضهم اعتنق الإسلام حديثاً، بينما بعضهم ولد مسلماً. وبعضهم ينحدر من عائلات مفككة، وبعضهم من عائلات سليمة ومتماسكة. وبعضهم شبان منطوون على أنفسهم ويواجهون مشاكل في المدرسة، بينما بعضهم الآخر طلاب متفوقون ولديهم شعبية بين أقرانهم. وبعضهم دُفع إلى التطرف وشُحن بالأفكار الجهادية على شبكة الإنترنت، بينما دُفع آخرون إلى ذلك على يد شخص قابلوه شخصياً. وبعضهم - الأولاد غالباً - يريدون الفرار من مشاكلهم، بينما يريد آخرون - البنات غالباً - الفرار من قيود عائلاتهن المحافظة. بيد أن ثمة شيئاً واحداً يشترك فيه معظم هؤلاء المجندون الأجانب: إنهم صغار جداً. فقد أشار تقرير استخباراتي دانماركي حديث إلى أن أعمار الأجانب الذين يلتحقون بالقتال مع «داعش» في سوريا تتراوح في الغالب بين 16 عاماً و25 عاماً، وهو ما يجعلهم أصغر سناً من المقاتلين الأجانب الذين تدفقوا على الحروب الجهادية السابقة في أفغانستان والعراق والبوسنة، والذين كانت أعمارهم تتراوح في الغالب بين 25 و30. بل إن عملية شحنهم بالأفكار المتطرفة تبدأ قبل ذلك بكثير، منذ سن الثانية عشرة إلى السادسة عشرة. بعبارة أخرى، فعندما نتحدث عن المقاتلين الأجانب الأشداء في «داعش»، فإننا نتحدث، في أحيان كثيرة، عن أطفال. أطفال حارت عائلاتهم فيهم كثيراً. فمؤخراً، حاورتُ ست نساء من خمسة بلدان غربية انضم أطفالهم إلى «داعش». إحداهن، وتدعى كريستيان بودرو من مدينة كلجاري الكندية، حكت لي أن ابنها داميان كان يرفض أن يقدّمها لأصدقائه، وكان يرفض الجلوس إلى طاولة الطعام إذا وضعت عليها النبيذ، وكان يتحدث كثيراً عن القتل «المبرر». ولكنها لم تنتبه إلى ما كان يحدث، وكانت تقول في نفسها: (إنه مراهق يجتاز مرحلة أخرى صعبة من مراحل المراهقة). وتلك، بشكل عام، هي الطريقة التي عاشت بها كل الأمهات اللاتي تحدثُ إليهن تحول أطفالهن إلى التطرف: مجرد مرحلة أخرى من مراحل المراهقة الصعبة. والحال أن لا داميان ولا الأطفال الآخرين حظوا بفرصة تجاوز تلك المرحلة لأنهم جميعا ماتوا في سوريا ما عدا اثنين تتوقع والدتاهما خبر موتهما في أي يوم. الكثيرون يعتقدون أن «داعش» يجتذب مجموعة أصغر مقارنة مع «القاعدة» لأنه يشدد على عنصر الإثارة. فالتنظيم، كما يقول الخبير الفرنسي الإيران في شؤون الإرهاب فرهاد خورسروخوفار، «يرسم صورة بطولية»، في حين أن استراتيجية القاعدة «مملة»، كما يقول. مملة لأنها (تقتصر على أئمة يلقون الخطب في حين يقوم «داعش» بإظهار صور شبان وشابات يقاتلون ويعيشون حياة المغامرة). وعلاوة على ذلك، يعطي «داعش» المجنّدين انطباعاً بأنهم يقاتلون في زمن مهم للغاية، ومواجهة ملحمية بين الحضارات. وقد أخبرني ماجنوس رانزتروب، الذي يرأس «شبكة الوعي بعملية التطرف» التابعة للاتحاد الأوروبي بأن (الأمر أشبه بمنح المرء فرصة المشاركة في مباراة نهاية كأس العالم لكرة القدم). الأمهات اللاتي حاورتهن يعتقدن بأنه كان يمكنهن أن يفعلن أكثر مما فعلن للحؤول دون مغادرة أبنائهن وبناتهن، حيث أخبرتني إحداهن بأنه كان عليها أن تقوم بدور أكبر في حياة ابنها الذي كان قد اعتنق الإسلام حديثاً، وأن تتأكد من أنه لم يكن يخالط المتطرفين. وتتمنى لو أنها ساعدت ابنها على جمع المساعدات للاجئين السوريين من منزلهم في كوبنهاجن حتى لا يشعر بالحاجة للذهاب إلى سوريا. ويعتقد «دانييل كويلر» الخبير في عمليات التطرف في برلين أن الانخراط العائلي القوي مهم بالفعل، وأن الانضمام إلى «داعش» لا يختلف كثيراً عن الانضمام إلى طائفة أو عصابة أو السقوط في آفة إدمان المخدرات. وهذه وجهة نظر مهمة للغاية في الحقيقة. ففي النرويج، وجدت منظمة لاقت نجاحاً كبيراً في إعادة شبان متطرفين إلى عائلاتهم أن بعض أعضاء التنظيم المتطرف الرئيسي في النرويج هم أعضاء عصابات سابقون. ويبدو أن الاستراتيجيات نفسها التي كانت ناجحة وفعالة مع أعضاء العصابات فعالة أيضاً مع المتطرفين. فالخروج الآمن (من التنظيم أو العصابة)، والشعور بالانتماء للمجتمع، ووظيفة هو كل ما يحتاجه بعض الشبان والشابات للعودة إلى حياة عادية في المجتمع. جوليا لوف* *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©