السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هارون الرشيد خليفة يغزو عاماً ويحج عاماً

22 سبتمبر 2011 21:46
(القاهرة) - كان هارون الرشيد أحد أشهر الخلفاء في تاريخ الدولة العباسية، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً وشهد عصره نهضة شاملة وارتقاء هائلاً في العلوم والفنون والآداب وعم الرخاء ربوع الدولة الإسلامية وبزغ مجدها وقوتها وازدهرت حضارتها، ورغم أنه من أكثر الخلفاء جهاداً وغزواً واهتماماً بالعلم والعلماء، فإن بعض المستشرقين والمؤرخين حاولوا تشويه سيرته وصورته ونسبوا إليه المجون والترف وحب النساء ورموه بكثير من التهم التي اعتمدت على الروايات المدسوسة والشائعات الكاذبة التي تحط من قدره ومكانته وتطمس محاسنه من صفحات التاريخ. وقال الدكتور عبدالحليم عويس أستاذ الحضارة بجامعة الأزهر، ولد هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد بن على بن عبدالله بن العباس في سنة 148 هـ بالري ولقب بهارون الرشيد وبأمير المؤمنين، ونشأ في بيت علم وملك وكان جده أبو جعفر المنصور من كبار فقهاء عصره، وكان أبوه محمد المهدي أميراً على الري وخرسان حين ولد، وعهد به أبوه إلى من يقوم على أمره تهذيباً وتعليماً وتثقيفاً، وتلقى دروسه الأولى بحفظ القرآن ودرس الفقه والأصول والحديث والتفسير على كبار فقهاء وعلماء عصره فأخذ القراءات السبع علي أبي حمزة الكسائي إمام أئمة أهل الكوفة في اللغة والنحو والأخبار، كما جالس أبا يوسف القاضي صاحب الإمام أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، والمفضل الضبي، وعندما شب عن الطوق وكبر ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وأحاطه بالقادة الأكفاء يتأسى بهم ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام 165 هـ، على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وحقق فيها الرشيد نصراً ساحقاً فكافأه والده بأن جعله ولياً ثانياً للعهد بعد أخيه موسى الهادي. الخلافة وأوضح أن كتب التراجم ذكرت أنه بويع للخلافة في نحو الخامسة والعشرين من عمره، بعد وفاة أخيه الهادي في عام 170هـ/ 786م، وكان تولي الرشيد الخلافة بداية لعصر جديد قوي ومزدهر في تاريخ الدولة العباسية، وصلت فيه الخلافة إلى أرقى درجاتها صولة وسلطاناً، وثروة وعلماً وأدباً، وكان في عهد الرشيد العديد من ألمع الفقهاء والقضاة والعلماء، وكبار الرجال ممن تزدان بهم الممالك من رجال الإدارة والحرب، فعظمت الهيبة في الداخل والخارج. الجهاد وأشار الدكتور عبدالحليم عويس إلى أنه مكث في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، قضاها في الجهاد وتوطيد أركان الدولة ورفع شأنها، فعمل على تحقيق الأمن والقضاء على الفتن والمؤامرات، ونشر العدل ورفع المظالم وتخفيف الأعباء عن الرعية، وبذل عنايته لإحداث التقدم في العلوم والفنون والصناعات، وحرص على تشجيع العلماء في مختلف المجالات، وبرع العلماء المسلمون في عهده في كافة الفنون وميادين الطب والهندسة، وساهمت إنجازاته في زيادة الأموال الداخلة إلى خزانة الدولة، فعم الرخاء والازدهار على كافة أركانها، وأنشأ بيت الحكمة وزوده بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف البلدان، وغدت بغداد قبلة لطلبة العلم والعلماء والأطباء والمهندسين وسائر الصناع وصارت أكبر مركز للتجارة. كما توطدت علاقاته بالعديد من الدول، وتوسعت في عهده الدولة الإسلامية وبلغت أوج قوتها بفضل الانتصارات التي حققها على “نقفور” إمبراطور الروم، والغزوات والحملات التي نظمها في بحر الشام ومصر وفتوحاته لعدد من الجزر مثل رودس، وكريت، وقبرص وجعلها قواعد لجيوشه. وهو ما يثبت كذب الافتراءات التي قيلت عن الرشيد، فقد كان قائداً وحاكماً يتمتع بالحكمة والفكر الثاقب الذي مكنه من السيطرة على الأمور في دولته ونهض بها علمياً وسياسياً واجتماعياً. الخوف من الله وبين أستاذ الحضارة بجامعة الأزهر أن الرشيد اشتهر بالورع والتقوى والخوف من الله تعالى في السر والعلن والعدل وانقياده للحق ورقة قلبه وخشوعه للموعظة الحسنة والحرص على إقامة الدين وترسيخ تعاليمه في المجتمع، وعرف بحب العلم وأهله، وبغض الجدل في الدين. وكان شديد الحب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- والتعلق بسيرته وأتقن رواية الحديث، وعرف بحدبه على أهل المدينة وسكان الحرمين الشريفين وعنايته بفقراء الحجيج، ويذكر أنه قال للإمام أنس بن مالك: ما تقول في منبر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا، فإني أريد أن أنزع ما زاد فيه معاوية بن أبي سفيان وأرده إلى الثلاث درجات التي كانت على عهد رسول الله؟ فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنما هو من عود ضعيف قد تخرمته المسامير، وقد ذهب أكثره، ومع هذا يا أمير المؤمنين فإنك لو أعدته إلى ثلاث درجات لم آمن عليه أن ينتقل من المدينة، إذ قد يأتي بعدك أحد فيقول: أو يقال له: ينبغي لمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون معك حيث كنت، فأطاعه الرشيد وانتهى عن تغيير منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©