الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دول الجوار الإقليمي... وتداعيات الصراع السوري

دول الجوار الإقليمي... وتداعيات الصراع السوري
17 سبتمبر 2013 22:17
باعتبارها أقرب حليف لسوريا منذ عقود، تسعى إيران جاهدة إلى الحيلولة دون سقوط نظام الأسد. وفي هذا الإطار، حذر المرشد الأعلى في إيران من أن «النار» ستشب في كل الشرق الأوسط في حال وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى سوريا. ذلك أن المسؤولين الإيرانيين الكبار يعتبرون سوريا المركز الأساسي لـ«محور الممانعة» الذي تقوده إيران لمواجهة النفوذ الأميركي والإسرائيلي في الشرق الأوسط، وجسراً استراتيجياً بالغ الأهمية يلعب منذ ثلاثة عقود دور همزة الوصل مع خط الجبهة مع إسرائيل وقناة لتسليح ودعم «حزب الله» والمجموعات الفلسطينية المقاتلة. وبالنسبة لإيران، فإن الرهان كبير جداً. ذلك أنه من خلال إرسال مستشارين عسكريين والسماح لـ«حزب الله» بالقتال إلى جانب الأسد ضد الثوار المدعومين من الولايات المتحدة، تشعر طهران أنها تخوض حرباً بالوكالة ضد ما تسميه «الغطرسة العالمية». وتتمثل أفضل نتيجة بالنسبة لها في انتصار للأسد يضمن حفاظ إيران على موقعها في العالم العربي وعلى حلفائها المحاربين. أما أسوأ نتيجة بالنسبة لإيران، فهي إسقاط النظام على أيدي الثوار المدعومين من الولايات المتحدة، أو على أيدي المقاتلين الإسلاميين «الجهاديين» إلى جانب الثوار، الذين يكرهون إيران والولايات المتحدة على حد سواء. غير أن التشبث بسوريا خلق ورطة بالنسبة لإيران، التي تصور هذه الانتفاضة الشعبية ليس باعتبارها جزءاً من «الربيع العربي» المرحب به، الذي عرف سقوط زعماء مستبدين في تونس ومصر وليبيا، وإنما باعتبارها حرباً ضد الإرهاب. ثم هناك مشكلة أخرى هي استعمال الأسد المفترض لأسلحة كيماوية بشكل متكرر ضد شعبه. ذلك أن إيران تعارض بشدة استعمال الأسلحة الكيماوية من قبل أي جانب، وهي سياسة تعزى إلى حقيقة كونها هي نفسها كانت ضحية لضربات كيماوية عراقية خلال الثمانينيات. غير أنه في كل يوم، تصدر عن طهران خطاباتٌ قوية تدعم الأسد، مع تهديدات موجهة إلى من سيلحقون الأذى بسوريا، يطلقها في الغالب متشددون. وكمثال على ذلك، قال زعيم من فريق «الباسيجي» في البرلمان: «في حال قامت أميركا بغزو سوريا، فإن طلبة الباسيجي على أهبة الاستعداد للوقوف في وجه الأعداء، ومما لاشك فيه أن هذه المواجهة ستكون شرفاً لهم». أما في ما يخص تداعيات الحرب السورية بالنسبة لإسرائيل، فعلى رغم أن سوريا توجد في حالة حرب مع إسرائيل -من الناحية النظرية- منذ عقود، وعلى رغم أنها طالما ضغطت في اتجاه عودة مرتفعات الجولان التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967، إلا أن حكومة الأسد لطالما كانت واحدة من أهدأ أعداء إسرائيل وأقلهم مقاومة لها. وفوق هذا، في بعض اللحظات، وآخرها في عام 2008، كانت إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من التوصل لاتفاق سلام مع الأسد، الذي كان سيصبح ثالثَ زعيم عربي يوقع على مثل هذه الاتفاقية. وهكذا، كان بعض الإسرائيليين، خلال المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية، يأملون أن يحافظ الأسد على السلطة، مفضلين زعيماً يعرفونه على إمكانية صعود نظام سني متشدد إلى السلطة، وخاصة إن كان ثمة احتمال لأن يكون نظاماً لديه علاقات مع «القاعدة». غير أن إسرائيل قلقة جداً من دعم الأسد لـ«حزب الله». ذلك أن كلاً من سوريا وإيران ترعيان «حزب الله» باعتباره حليفاً يستطيع ضرب إسرائيل بواسطة ترسانته الواسعة من الأسلحة التي يُعتقد أنها تشمل صواريخ طويلة المدى تستطيع بلوغ تل أبيب. وإسرائيل لديها مصلحة كبيرة في أن يصبح «محور الممانعة» المؤلف من إيران وسوريا و«حزب الله» ضعيفاً أو يدمر تماماً. وفي الوقت الراهن، فإن النتيجة المثالية في سوريا من وجهة النظر الإسرائيلية هي حرب طويلة الأمد تواصل فيها قوات الأسد محاربة الثوار، الأمر الذي يُضعف الجانبين ويقلص خطر أن يشكل أي منهما تهديداً لإسرائيل. وحتى الآن، تنأى إسرائيل بنفسها عن الحرب الأهلية، ما عدا في أربع مناسبات قامت خلالها بمهاجمة مخازن أسلحة سورية بهدف الحيلولة دون نقلها المفترض إلى «حزب الله». وهي هجمات امتنع الأسد عن الرد عليها حتى الآن. وعلى رغم أن إسرائيل تستعد لتداعيات الحرب -التي امتدت إلى لبنان المجاور- إلا أن معظم الخبراء الأمنيين الإسرائيليين يميلون إلى الاتفاق على أن الأرجح هو أن يعمد الأسد إلى ضبط النفس عقب ضربة أميركية. وفي هذا الصدد، يقول اللواء جادي شامني، الذي تقاعد مؤخراً بعد مشوار طويل في الجيش الإسرائيلي: «أعتقدُ أن (الأسد) يدرك أن معنى مهاجمة إسرائيل يمكن أن تكون له عواقب وخيمة جداً بالنسبة لقدرته على الاستمرار في قيادة نظامه». والسيناريو الأسوأ بالنسبة لإسرائيل يتمثل في استعمال الأسد لأسلحته الكيماوية في محاولة يائسة أخيرة، أو فقدان السيطرة عليها وسقوطها في أيدي مقاتلين متشددين يمكن أن يقوموا بتصويبها حينئذ نحو أهداف إسرائيلية. ولكن مصدر القلق الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو أن يؤدي غياب عمل غربي حاسم في سوريا إلى تشجيع إيران، وأن تصبح الولايات المتحدة بشكل خاص منشغلة جداً أو مفتقرة جداً للمصداقية بما يمنعها من أن تواجه بشكل فعال ما تعتبره إسرائيل أكبرَ تهديد إقليمي: قنبلة نووية إيرانية. أما بالنسبة لجار سوريا الجنوبي -الأردن- الذي سيجد صعوبة كبيرة في التعاطي مع حرب إقليمية، فإن المشهد قاتم. وفي هذا السياق، يقول ديفيد شنكر، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومستشار البنتاجون السابق لشؤون الشرق الأوسط: «ليس ثمة نتيجة جيدة في سوريا بالنسبة للأردن». والدولتان جمعهما لعقود تنافس سياسي مرير بسبب الهيمنة الإقليمية، والعداء الشخصي بين الزعماء، وتحالفات الحرب الباردة. وخلال السنوات الأخيرة، اتـُّهم نظام الأسد مراراً بغض الطرف عن مخططات إرهابية لها علاقة بـ«القاعدة» في الأردن، أو بتشجيعها. ولكن البلدين مترابطان ارتباطاً وثيقاً أيضاً بحكم العلاقات الاجتماعية العميقة التي تجمع شمال الأردن بجنوب سوريا، والتجارة بين البلدين مهمة جداً بالنسبة للأردن بشكل خاص لأنهم «ما زالوا يحتاجون إلى التجارة، التي تمثل شريان الحياة، مع أوروبا عبر سوريا»، كما يقول شنكر. والحال أن الحرب الأهلية السورية تسببت في توقف تلك التجارة تقريباً وأدت إلى تدفق أكثر من نصف مليون لاجئ على الأردن. كما خلقت منفذاً لحركة «الجهاديين» المتشددين الأردنيين، التي أرسلت مئات المقاتلين عبر الحدود. وهؤلاء «الجهاديون» هم كابوس الأردن اليوم: ذلك أنهم متطرفون محليون، تدربوا في ساحات المعارك الأجنبية، ويمكن أن يجلبوا معهم «خبرتهم» إلى الوطن يوماً ما ويقوموا بشن حملة إرهابية في الأردن. والأردن لا يرغب في معاداة نظام الأسد، ولكنه يعتمد أيضاً على البلدان الغربية والخليجية بخصوص المساعدات والتجارة. وإذا كانت عَمان قد أعلنت الحياد ودعت إلى حل سياسي، فإنها تقوم في الوقت نفسه باستقبال اللاجئين والمنشقين السوريين، والتعاون مع الولايات المتحدة والسعودية لتسليح الثوار وتدريبهم. وبعد مناورات عسكرية مشتركة في يونيو الماضي، تركت الولايات المتحدة جنوداً ومقاتلات «إف 16» وبطاريات صواريخ «باتريوت» في الأردن. وتقول الحكومة الأردنية إن تلك الأسلحة هي للردع فقط مشددةً على أنه لن يكون ثمة أي هجوم على سوريا من أراضيها. ويقول شنكر في هذا الإطار: «إنهم لا يريدون أن يكونوا في مرمى النيران»، مضيفاً «إنهم سيفعلون ما في وسعهم للبقاء بعيداً عنها، ويأملون أن تتولى الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا -أو أحد ما- الزعامة». ولكن التوقعات تشير إلى أن كل النتائج غير مغرية. ذلك أنه إذا بقي النظام السوري، فإنه من غير المرجح أن ينسى الأسد دعم الأردن لإسقاطه. وقد يرد على ذلك اقتصادياً، أو يحاول التحريض على اضطرابات في الأردن، أو العودة إلى دعم الإرهاب ضد المملكة. وإضافة إلى ذلك، فإن مئات آلاف اللاجئين السوريين في الأردن يمكن أن يبقوا هناك بشكل دائم. غير أن سقوط النظام يمكن أن يؤدي بسهولة إلى أسوأ سيناريو، وهو سيناريو تتقاسم فيه الأردن حدوداً طويلة مع دولة فاشلة تواصل فيها فصائل مختلفة من الثوار و«الجهاديين» الدوليين الصراع على الهيمنة. وفي حال وقعت السلطة في الأخير في أيدي عناصر إسلامية متشددة بين الثوار، مثل «جبهة النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة» أو «دولة العراق والشام الإسلامية»، فإن «الأردن سيصبح هدفاً طبيعياً»، كما يقول مايكل روبين، وهو مستشار سابق آخر للبنتاجون في شؤون الشرق الأوسط وباحث في معهد المشروع الأميركي، وذلك على اعتبار أن حتى صعود حكومة إسلامية معتدلة في سوريا المجاورة يمكن أن يشجع ويزيد خطر المعارضة الداخلية مثل «الإخوان» في المملكة، الشيء الذي قد يؤدي إلى مشكلات سياسية غير ملائمة. سكوت بيترسون وكريستا براينت ونيكولاس سيلي إسطنبول والقدس وعَمان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©