الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أسيوط» موطن الإنسان في العصر الحجري

«أسيوط» موطن الإنسان في العصر الحجري
6 أكتوبر 2014 20:40
عندما انضمت أسيوط إلى طيبة عاصمة البلاد في العصر الفرعوني لصد الغزاة الهكسوس تكونت أقدم إمبراطورية عرفها التاريخ. واستطاعت أن تحافظ على اسمها على مر العصور، فكانت تعرف باسم “سوت” من “سأوت” وتعني “حارس” بالهيروغليفية. وسميت “سيوط” باللغة القبطية، وبعد الفتح الإسلامي لمصر في عهد عمرو بن العاص تحول الاسم إلى “أسيوط”. العصر الفرعوني في العصر الفرعوني كانت “سيوط” تزداد قوة ورخاء وتتمتع بمكانة رفيعة بين مدن مصر، فقد كانت قاعدة الإقليم الثالث عشر، وكان يسكنها نائب الملك، وفي عهد الإغريق كانت “سيوط” عاصمة مصر العليا، كما كانت عاصمة للقسم الشمالي في عهد الرومان، وفي عهد محمد علي قسمت مصر إلى سبع ولايات إحداها تضم جرجا وأسيوط، وسميت “نصف أول وجه قبلي” وعاصمتها أسيوط، وحتى الآن تعرف بعاصمة الصعيد، وكانت “سيوط” تعرف في حكم الفراعنة بحكامها الأقوياء ذائعي الصيت، وكانوا أشبه بفراعنة صغار شيدو قصوراً شامخة تحتوي على كل ما تحتاج إليه أي حكومة من حاشية كبيرة ورئيس للمالية وهيئة قضائية إلى جانب دواوين وكُتاب ومستخدمين، وكان لهم جيش ثابت منظم ومدرب، وقد كان كل حاكم في “سيوط” يهتم بترقية قسمه ورفع مستوى سكانه، واستمر حال المدينة قوية بأمرائها إلى أن قامت الدولة الحديثة، وأصبحت طيبة عاصمة مصر من أقصاها لأقصاها وصارت أكبر المدن وأرقاها. ويحكي التاريخ أنه في العصر الحجري الحديث 6000 إلى 3200 قبل الميلاد نشأ بأسيوط موقعان حضاريان استوطن فيهما الإنسان الأول وأنشأ حضارة “دير تاسا” في وادي النيل، والحضارة الثانية هي حضارة “البداري” التي كانت من أغنى حضارات مصر، وتضاهي حضارتي بابل وآشور بالعراق، وعرف أهلها الزراعة ورعي الأغنام وتدل آثارهم على تقدم هائل في صناعة الفخار، وكان أهلها يحبون التزين بالعقود والأقراط والأساور والقماش المطرز والأكاليل لزينة الشعر وأحزمة لزينة الانف. وتعد أسيوط حاليا من أكبر محافظات صعيد مصر من حيث المساحة، وتقع على ضفتي النيل، ويحدها من الجانبين سلسلتا الجبال الشرقية والغربية، وتتوسط محافظتي المنيا شمالا وسوهاج جنوبا والوادي الجديد غربا، وامتدت حدودها مع التقسيم الجديد للمحافظات المصرية ليصل إلى البحر الأحمر ليكون لها نافذة بحرية، ومنها كان يبدأ أهم طرق القوافل القديمة التي تربط مصر بالسودان “دارفور وكردفان” عن طريق درب الأربعين، وكان لهذا الطريق حتى وقت قريب أثر كبير في تاريخ أسيوط من الناحية التجارية والصناعية. ثورة بني عدي كان يوم 18 أبريل عام 1799 يوما مشهودا في تاريخ أسيوط، فقد قامت ثورة بني عدي على طرف الصحراء الغربية لمنفلوط على الطريق المؤدي إلى الوادي الجديد، وثار أهلها ضد الفرنسيين فتجمع اكثر من ثلاثة آلاف بزعامة الشيخ حسن الخطيب والشيخ محمد المغربي والشيخ ابوالعدوي وانضم اليهم 450 من الأعراب المصريين و300 من المماليك يحملون جميعا السلاح لمقاومة جيش الجنرال دافو، واستبسل الأهالي واشتبكوا معهم في طرقات وبيوت بني عدي التي حصنها الأهالي، وانتهت المعركة بعجز الفرنسيين عن الاستيلاء على القرية فلجأوا إلى إضرام النيران في بيوتها ونجحوا في الدخول إليها بعد أن أصبحت رمادا، وتحتفل محافظة أسيوط بعيدها القومي في هذا اليوم من كل عام تقديرا لبسالة أهالي القرية. ويوصف مناخ أسيوط بأنه قاري بارد شتاء حار صيفا. ويقول المهندس مصطفى رشدي، وكيل وزارة الزراعة بأسيوط، إنها عرفت منذ أقدم العصور بخصوبة أرضها وكثرة خيراتها وأهم المحاصيل التي تنتجها القطن والقمح والذرة الشامية والرفيعة والفول وقصب السكر، والفاكهة مثل البرتقال والرمان والنبق واليوسفي، ويتم العمل على زيادة الإنتاجية لتوفير أموال استيرادها من الخارج. ويبلغ ارتفاع مدينة أسيوط عن سطح البحر 55 مترا فهي ترتفع عن القاهرة بنحو 25 مترا، وتقل عن أسوان بنحو 45 مترا ويوجد بها مصانع كبرى للأدوية والسماد والنسيج، وتشتهر بوجود دير العذراء بقرية درنكة والذي يوجد ضمن مسار العائلة المقدسة، كما تشتهر بإنتاج الكليم والسجاد اليدوي، وهي موطن الزعيم عمر مكرم الذي تعلم بها وحفظ القرآن قبل أن يتجه للقاهرة لاستكمال تعليمه بالأزهر. مدن المحافظة تتكون المحافظة من مدن عدة بجانب أسيوط العاصمة وهي ديروط والقوصية وابنوب ومنفلوط وابوتيج والغنايم وساحل سليم والبداري وصدفا والفتح. أما القوصية فكان اسمها “قيس” ثم “كوساي” في العصور اليونانية والرومانية، وبعد الفتح الإسلامي اشتهر أهلها بضرب القوس فعرفت بالقواسية، ثم تحولت إلى “القوصية” وبها قرية المنشأة الكبرى التي يوجد بها دير “المحرق” الذي مكثت به العائلة المقدسة ستة اشهر وبضعة أيام أثناء هروبها لمصر. و”أبوتيج” مدينة فرعونية قديمة يزيد عمرها على أربعة آلاف سنة واسمها “بوتيك” أي المخزن باللغة الإغريقية وبالقبطية “تابوتيكي” ثم “بوتيج” ثم صارت “ابوتيج” الاسم الحالي لها بعد الفتح الإسلامي ويعد مسجد ولي الله السلطان الفرغل أهم المعالم بها. و”أبنوب” يوجد بها مقابر للحكام والأمراء الفراعنة ويوجد بها مجموعة من المقابر المنحوتة في قلب الجبل في قرية “عرب العطيات البحرية” وفي قرية المعابدة يوجد معبد روماني ودير مارمينا العجايبي الشهير بالدير المعلق. وتقع “البداري” في الجنوب الشرقي من أسيوط ويعمل سكانها بالزراعة وتشتهر بإنتاج الموالح والمانجو والرمان وعسل النحل وصناعة الأقفاص من جريد النخل. وتقع “منفلوط” وسط المحافظة واسمها بالهيروغليفية “مينالوط”، ومعناها وادي القمح ومن أهم إعلامها الشاعر والأديب مصطفى لطفي المنفلوطي ومفتي مصر الأسبق الشيخ حسنين مخلوف، وتقع بها قرية بني عديات والتي تصدت للحملة الفرنسية وتشتهر بصناعة الكليم. و”صدفا” في المدخل الجنوبي للمحافظة على مسافة 40 كم ويوجد بها مسجد سيدي ابي العباس السبتي وكنيسة الشهيدين الأنبا بشاي والانبا بطرس. ومن أهم أعلامه الشيخ سرور علي سرور مفتي الديار المصرية الأسبق والكاتب الصحفي الراحل أحمد بهاء الدين. و”الغنايم” في أقصى الجنوب الغربي لأسيوط وتبعد 45 كم جنوبا عن حدود محافظة سوهاج، وتنتسب الغنايم إلى فلاح قادم من جنوب الصعيد من عائلة الهوارة عام 1380م اسمه سعيد غنيم ويرجع أصله إلى قبيلة سبأ، وجاء إلى مصر مع عمرو بن العاص عند فتح مصر، وتعد كنيسة السيدة العذراء بدير الجنادلة من أهم المعالم السياحية والأثرية بالغنايم. ويرجع تاريخ “ساحل سليم” إلى العصر الحجري الحديث لوجود آثار في منطقة دير تاسا وسميت بهذا الاسم نسبة إلى قبائل بني سليم التي هاجرت من الجزيرة العربية واستقرت على ساحل النيل بعد الفتح الإسلامي، واطلق عليها مدينة الحدائق والموالح، حيث تصدر بعض أصناف الموالح إلى الخارج، ومن أهم المعالم السياحية بها قرية المطمر الفرعونية التي يوجد بها معبد رمسيس الثاني وقرية “تاسا” التي يوجد بها حضارة عصر ما قبل التاريخ. ومن أحدث المراكز الفتح وكان مركزا أبنوب والفتح إلى عهد قريب مركزا واحدا حتى شهر أكتوبر 1998 حيث انفصل الفتح وأصبح مستقلا، ويقع على مسافة 3 كيلومترات من أسيوط وبه قرية “بني مر” التي تشتهر بإنتاج وصناعة منتجات خان الخليلي وهي مسقط رأس الزعيم جمال عبدالناصر. تراث من كل العصور التراث الحضاري لمحافظة أسيوط نادرا ما نجده مجتمعا في أماكن أخرى فهي تضم آثارا لعصر ما قبل الأسرات، ومنها آثار مير وقصير العمارنة ودير ريفا، وآثار شطب ولوحات حدود مدينة إخناتون وآثار كوم دارا بعرب العمايم وآثار الهمامية وعزبة يوسف ودير الجبراوي وعرب العطيات والمعابدة. وعن آثار العصر القبطي، يوجد دير المحرق بالقوصية ودير العذراء بجبل أسيوط الغربي وشجرة مريم بدير الانبا صرابامون بديروط الشريف ودير الشهيد مارمينا «الشهير بالدير المعلق» بأبنوب ودير السيدة العذراء بدير الجنادلة. ومن آثار العصر الإسلامي منطقة القيسارية في أسيوط، وهي تجارية قديمة ترجع للعصر العثماني، تشبه منطقة خان الخليلي والأزهر ووكالة الغوري بالقاهرة وهي على الطراز العثماني يتوسطها فناء مستطيل الشكل وسقفها به نافذة كبيرة للإضاءة والتهوية. ومن المساجد الشهيرة مسجد الفرغل بأبوتيج وله مئذنتان إحداهما قديمة، ومسجد الكاشف بمنفلوط وأنشأه الأمير علي الكاشف جمال الدين عام 1772م. سد عال جديد من المعالم الحديثة قناطر أسيوط - والتي تتخذها المحافظة رمزا لها في العلم بجانب نسر صلاح الدين وغصن الزيتون- والتي أنشئت عام 1902م وتتكون من 111 عينا و«الهاويس» وطولها 880 م وشيدت لرفع مناسيب مياه النيل لأغراض الري والزراعة ومنها تبدأ ترعة الإبراهيمية والتي تصل إلى حدود الجيزة، وتعد أطول ترعة صنعها الإنسان في العالم. ويتم العمل حاليا بمشروع تطوير القناطر لتدار بأحدث الأساليب التكنولوجية بتكلفة 4 مليارات جنيه وينتهي عام 2017، ويلبي الاحتياجات المتزايدة من المياه لري مساحة أكثر من مليون ونصف المليون فدان بمحافظات أسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة، وإنشاء هويس ملاحي يستوعب الزيادة في وحدات النقل النهري، وتوليد 32 ميجاوات كهرباء نظيفة، وإنشاء محور مروري جديد أعلى القناطر الجديدة بحمولة 70 طناً للربط بين ضفتي نهر النيل الشرقي والغربي. أسيوط في عيون رحالة وصفها الرحالة الشهير «ابن بطوطة» بأنها مدينة رفيعة أسواقها بديعة. وذكر «الكندي» فيلسوف العرب أن أحد عمال الخليفة هارون الرشيد وصف له بلاد الدنيا فما استحسن غيرأسيوط. أما الرحالة البريطاني «ليفيسون وود»، الذي زارها مؤخرا خلال رحلته الاستكشافية لدول منابع ومصب نهر النيل فوصف شعب أسيوط بأنه طيب ودود ومضياف. محمية وادي الأسيوطي تعد محمية «وادي الأسيوطي» على هضبة الصحراء الشرقية من أهم مناطق الجذب السياحي، وتختلف عن باقي المحميات المصرية في أنها الوحيدة التي تعتبر محطة لتربية وإكثار الحيوانات البرية المهددة بالانقراض الموجودة بالصحارى المصرية كالغزال المصري والماعز الجبلي والكبش الأروي والنعام والحمار الوحشي وبعض الزواحف لإعادتها لمواطنها الطبيعية، إضافة إلى احتوائها على الأصول الوراثية النباتية المهددة بالانقراض خاصة أنواع النخيل والأشجار وأزهار الزينة والصبارات والنباتات العصارية والطبية والعطرية لتكون استكمالا للبنوك الوراثية للمحاصيل الزراعية ولدراسات الهندسة الوراثية، إلى جانب إنشاء متحف حي للأحياء الصحراوية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©