الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولييت بينوشيه: التمثيل كتقشير البصل

جولييت بينوشيه: التمثيل كتقشير البصل
22 سبتمبر 2011 02:03
ليست من داعيات حقوق المرأة أو المساواة بين الرجل والمرأة، لكنها تقول أن النساء قد خُلِقْن مبدعات. الممثلة الفرنسية ذائعة الصيت، جولييت بينوشيه تتحدث في هذا الحوار الذي نشرته مؤخرا يومية “الغارديان” البريطانية عن مشاجرة صغيرة مع المخرج والممثل الفرنسي جيرار ديبارديو والأقاويل السيئة ولماذا هو التمثيل شبيه بتقشير البصل، كما تتحدث عن ترددها على أداء الأدوار المسرحية بين فترة وأخرى خلال مسيرتها الفنية. الحوار أجرته لاورا بارنت أثناء انعقاد مهرجان أفينيون المسرحي في الجنوب الفرنسي حيث شاركت بينوشيه في تقديم مسرحية الآنسة جوليا للكاتب السويدي أوغست شتريندبيرغ وإخراج الفرنسي فريدريك فيشباخ. ذات يوم أحد لشهرين مضيا، اصطدمت جولييت بينوشيه بجيرار ديبارديو أثناء ما كانت تتسوّق في أحد الأسواق الباريسية. كنت تلك أول مرّة يلتقي فيها عبقريا السينما الفرنسية منذ أن عنّف ديبارديو بقسوة بينوشيه العام الماضي على نحو غريب ومعلن، وذلك بوصفه إياها بأنها “لا شيء” و”لا أحد”. “أنا فقط صعدت الدرج إلى حيث كان وأمسكت به”، تقول، “وقُلْت، مرحبا، ماذا حدث، جيرار؟ لماذا أنتَ عُدواني جدا معي؟ ما الذي فعلته لك؟”. تقْلبُ بينوشيه راحتيها إلى أعلى وتهزّ كتفيها، بتلك الطريقة الفرنسية الاستثنائية في التعبير عن الإحساس بالخيبة. قال، “أوه، أنا غبيّ، أحيانا أفعل ذلك فقط كي أفعله، أهذر وأهذر فحسب”. مؤخرا اتصل مدير أعماله بمدير أعمالي كي يقول له إن “جيرار سعيد جدا لأنكِ قد قبِلْتِ المصالحة”. “لكنْ، أبدا لم تكن لديّ مشكلة معه”، تضحك، عيناها السوداوان ـ اللتان باتتا مألوفتين من خلال ثمانية وأربعين فيلما قدمتها عبر ثمانية وعشرين عاما ـ وقد تحولتا إلى فولاذيتين. “ربما أرسل إليه أقاويلي السيئة”. وبالتأكيد فإن أقاويلها السيئة سوف تكذِّب الموقف السيء لديبارديو من قُدُرات بينوشيه الفنية التي من المستحيل غالبا العثور على كلمة سيئة قد قيلت عنها. حتى أن ناقدا قد يقسو عليها بعض الشيء، فإن نتيجة الأقاويل عادة تكون نقدا جيدا عنها. حدث هذا مع عباس كياروستامي في فيلم “نسخة طبق الأصل” الذي حازت بينوشيه عن دورها فيه جائزة أفضل ممثلة السنة الماضية كما حدث في العام 1998 مع عرض مسرحية “عُري” للإيطالي لويجي بيرانديللو في مهرجان “وست إند” المسرحي اللندني. يقول الناقد جون هيلبيرن العام 2000 في “نيويورك أبسيرفر” عندما عرضت مسرحية “خيانة” لهارولد بنتر: “هناك ثلاثة أسباب وجيهة جدا لمشاهدة هذه المسرحية هي: جولييت بينوشيه، جولييت بينوشيه، وجولييت بينوشيه”. وأثناء عرض برودواي تركت بينوشيه انطباعا فعليا عند بيل كلينتون هو الذي أشيع أنه قد طلب منها أن تأتي إلى البيت الأبيض كي يلتقيها هناك. لم تذهب، لذلك جاء هو إليها بصحبة ـ وربما بحصافة ـ هيلاري. والدور الأخير لبينوشيه هو الآنسة جوليا، ابنة البارون التي تغوي الخادم الخاص بأبيها في مسرحية مُنحتْ اسمها نفسه لشتريندبيرغ كتبها العام 1888. والآن، الطبعة الفرنسية منها من إخراج فريدريك فيشباخ، والتي ستُعرض في مسرح القلعة بلندن السنة المقبلة خلال الفترة ما بين العشرين والتاسع والعشرين من سبتمبر، والتي كانت عرضت في مهرجان أفينيون حيث التقيت بها. العواطف ليست حقائق كانت جولييت بينوشيه قد ولدت على خشبة المسرح. كانت أمها ممثلة وأستاذة دراما، وأبوها مخرجا مسرحيا. درست في الكونسيرفاتوار الوطني للفنون الدرامية في باريس، أحد أبرز معاهد الدراما، وتدربت على فن التمثيل بين يدي فيرا غريف. في الحادية والعشرين من عمرها، قدمت دورا في فيلم لجان لوك غودار بعنوان: مرحبا ميري، وهو إعادة صناعة راهنة وجدلية من “الحبَل بلا دنس”، ليكون انطلاقة مباغتة في مسيرتها الفنية. أما الظهور المسرحي الأول لها منذ أكثر من عقد من الزمان فهو دورها في الآنسة جوليا. لماذا قررت العودة إلى الخشبة؟ لقد قادتني بينوشيه إلى رواق شقتها المستأجرة في أفينيون ـ الجدران تسلقها النبات وطاولة مظللة ومعدة لتناول الإفطار ـ تجعِّدُ أنفها. “أنا لم أغادر خشبة المسرح أبدا”، تقول، إن المسرح مثل جرس كنيسة يقرع في الخلفية دائما. “لكن بهجة الإحساس بالتفاعل بين الجمهور والممثلين هي بهجة حسيّة جدا، فأنتِ تخلقين اللحظةَ كلَّها، وذلك فقط من خلال الإصغاء”. بينوشيه قالت نعم للآنسة جوليا لأنها أحبَّتْ الترجمة الفرنسية تلك التي عرضها عليها فيشباخ، “كانت شفافة جدا”، ولأنها تفتح شهية بينوشيه على تحدٍّ وُلد أسفل جلد شخصيات شتريندبيرغ. “شتريندبيرغ عبثي مثلما أنه صوفي، وعالم مثلما أنه كاتب. وهو شوفيني جدا مثلما أنه أحيانا عاشق نساء بالمطلق. الأمر الذي ينطبق على شخصياته ذاتها. إنهم يقولون شيئا ما في البداية، وفي النهاية يكون ما قالوا عبارة عن حصيلة نقيضة. العواطف الإنسانية تشبه ذلك كثيرا جدا؛ إنها ليست حقائق”. كلّ شخصية تلعبها بينوشيه تعدُّ لها باجتهاد. نامت نوما شاقا على أرصفة شوارع باريس قبل أن تؤدي دور امرأة متشردة في “عشاق الجسر الجديد” العام 1991، وقضت شهورا تتعلم العزف على الكمان من أجل دورها في فيلم “أليس ومارتن” العام 1998. وقبل أن يسطع نجمها في الفيلم “شوكولا” العام 2000 ـ المقتبس عن رواية لخوان هاريس، والذي هو إحدى غزواتها الهوليوودية ـ ظهرت على نحو غير متوقع في بيت هاريس ومكثت حتى عطلة نهاية الأسبوع. إذن، كيف تهيأت للعب دور الآنسة جوليا؟ “أوه، ذهبت كي أرى شتريندبيرغ”. تضحك ببراعة، “إنه شخصية ممتعة، لكن ليست لدي رغبة في أن أكون زوجته أو عشيقته”. في الماضي، قالت بينوشيه أنها تفضّل العمل مع الهواة المستقلين: عباس كياروستامي، وكريستوف كييسلوفسكي، ومايكل هانِك، أكثر مما تفضل العمل مع مخرجي هوليوود بداعي خيبتها من الطريقة السائدة في الأفلام الأميركية التي يتم من خلالها تقديم النساء. عندما سألتها عن ذلك أطلقت تنهيدةً بسخط. “هذا سؤال قديم جدا بالنسبة لي” قالت، “إنها طريقة قديمة جدا في التفكير”. لكن عن حقيقة ذلك، فنحن ما زلنا نرى العديد من النساء خاصة من اللواتي هنّ فوق الأربعين ـ بينوشيه 47 عاما ـ في أدوار رئيسية؟ تعترض بينوشيه، ويعلو صوتها. “أهذا جدل نخوض فيه عن الأعمار! أليس مضجرا! نحن نوع من النساء اللواتي يغذين هذه الفكرة إذ نتحدث عنها. إن تحدثنا عن شيء آخر، سيفكر الناس بطريقة مختلفة ثم نغيّر هذه الفكرة، لأننا قادرات كنساء ـ صحفيات أو ممثلات أو أيّاً كنَّ ـ على الانتقال من مكان إلى آخر”. النسوية والإبداع هل تعتبر نفسها داعية لحقوق النساء أو المساواة بين الرجل والمرأة، أي “نِسويّة”؟ “لا”، تقول، “أدرك الجوانب النسوية والذكورية فيّ”، لكنّ هذا مصطلح يضع الناس فقط في طريقة نمطية من التفكير. أعتقد أن الإبداع والخلق عندما يصبحان فعليان فهما أكثر أهمية من الحديث عنهما”. بالتأكيد، تستخدم بينوشيه هذا المبدأ في حياتها الفنية: إنها رسّامة ناجزة، وتعلمت الرقص لأربعة أشهر من أجل دورها في “إن ـ آي”، العرض الذي ابتدعته مع الراقص والمصمم الكيروغرافي البريطاني أكرم خان. وكان العرض الأول لـ”أن ـ آي” في العام 2008 في المسرح الوطني بلندن، وكان من المرات القليلة في سيرة بينوشيه الفنية التي يوجِّه النقد فيها لعملها توصيفا بأنه أقلّ من الأفضل (فقد دعت جوديث ماكّر في “الغارديان” ظهورها الأول كراقصة بأنه مؤثر، إنما على الرغم من أن العرض كان مفرطا لجهة طول الوقت الذي استغرقه). “كانت لندن قاسية حقا”، تقول، “وتجربة مؤلمة بالفعل، في بعض المستويات، لكنها، حقيقةً، وفيةٌ”. بعد ذلك “تنقّلت على الخشبة بصورة مختلفة. الكثير من التمثيل، وفي أية حال الكثير من الحياة والكثير من السلوك في الحياة يصير أكثر دقّة ثم أكثر. إنه مثل تقشير البصل، أتَدْرينْ؟ تقشّرين وتقشرين حتى ...”، تبحث عن كلمة انجليزية مناسِبة، “تحاولين الوصول إلى نوع من الشفافية”. كما في أي وقت آخر مضى، كانت بينوشيه منشغلة تماما لبضعة أشهر. بعد مهرجان أفينيون المسرحي سوف تجول الآنسة جوليا في فرنسا. مؤخرا أنهت يومين من التصوير في فيلم “كزموبوليس” المقتبس عن رواية دون دوليلو لديفيد كروننبيرغ ومن إخراج روبرت باتنسون. وسوف تبدأ العمل في فيلم آخر مع المخرج برونو دَمونت، في السنة الجديدة. “إنه عن النحّاتة كاميليا كلاوديل” تقول، خلال الفترة التي كانت سجينة فيها. سوف يكون العمل ممتعا لأنه عن المرأة والإبداع، وفي إجابة عن سؤالكِ المبكر: النساء مبدعات جدا. لقد خُلِقْن مبدعات، ليس لأن لديهن أطفال، بل لأن هناك تفتُّحا دائما تجدينه في دواخلنا” وتضيف بابتسامة عريضة، “خاصة عندما يكنَّ في الأربعينات من العمر”. ترجمة: جهاد هديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©