بدأ كبار السن من المستهلكين في اليابان في استغلال ثرواتهم المالية لتحقيق رغباتهم وأحلامهم من ترفيه وتسوق. ويعيش في اليابان بوصفها أسرع البلدان تقدماً في سن أفراد الشعب في العالم، نحو 30 مليون شخص بلغوا أو تجاوزا سن الخامسة والستين، أو نحو 23% من مجموع السكان. ووفقاً للبيانات الحكومية، من المتوقع أن تبلغ هذه النسبة 40% بحلول 2060.
ومن حسن حظ الحكومة اليابانية، فإن العديد من بين هؤلاء أو الأكبر منهم سناً، أغنياء ويميلون لإنفاق ما يفوق متوسط ما ينفقه الفرد العادي في اليابان. وفي دراسة أعدها مكتب “مجلس الوزراء” في 2011، وجد أن ادخار الأسرة التي يعولها واحد من الذين بلغوا سن 65 أو أكثر، بلغ نحو 22?6 مليون ين أو ما يفوق ادخار المتوسط الأسري بنسبة قدرها 36%، بينما يبلغ متوسط إنفاقهم نحو 1?29 مليون ين، مقارنة بنحو 1?20 مليون ين لجميع أنواع الأسر.
ويقول هيدو كومانو، رئيس القسم الاقتصادي في “مركز داي إشي لبحوث الحياة”: “كبار السن هم الذين يدعمون الطلب المحلي في اليابان في الوقت الحالي”. وأوضح كومانو في دراسة أعدها مؤخراً، أن إنفاق الأسر التي يعولها شخص عند سن 60 أو فما فوق، بلغ نحو 101 تريليون ين في الفترة بين يوليو وسبتمبر في السنة الماضية، أو نحو 44% من مجموع الإنفاق الشخصي. ومن المتوقع زيادة هذه النسبة عندما يبلغ رواد النهضة اليابانية الذين ولدوا في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية والبالغ عددهم 6?6 مليون، سن 65 ويبدأون في التقاعد من هذه السنة وما بعدها.
وأولت المراكز والمحال التجارية العادية اهتماماً أكبر بكبار السن الذين يشكلون حالة النشاط وسط قطاع الاستهلاك. وذكر هيروشي إيواساكي، مدير “فيملي مارت” أكبر المحال التجارية في اليابان، أن القطاع ركز على الدوام على الذين هم في سن الثلاثينيات والأربعينيات، لكن المطلوب الآن التركيز على أجيال أخرى. ويقول: “عندما تبدأ مسيرة تقاعد رواد النهضة من هذه السنة سيكون هناك نشاط ملحوظ في الاستهلاك، نظراً للوقت الذي يملكه هؤلاء ولكبر سن أطفالهم الذين سيعتمدون على أنفسهم بعد ذلك”.
وغيرت محلات “فيملي مارت” من إستراتيجيتها خلال 2010، وذلك باستهداف من هم في سن الـ50 وأكثر. وقامت في السنة الماضية بفتح متجر تجريبي في أحد أحياء طوكيو الراقية لتلبية احتياجات كبار السن. وبينما تعج المحال التجارية بالإضاءة والألوان الصارخة، تعمل مثل هذه المحال على تشغيل الموسيقى الهادئة وتكسو أرضياتها بنوع من الأخشاب داكنة اللون. وتخطط “فيملي مارت”، إلى زيادة عدد المتسوقين من سن 50 فما فوق، من نسبة 29% الحالية إلى 40% في المستقبل.
وتوصلت المحال إلى أن متوسط إنفاق الرجال الذين تجاوزوا سن الـ50، يبلغ نحو 600 ين في الزيارة الواحدة، بزيادة قدرها 60% عن المتوسط الكلي، بينما يبلغ في المقابل متوسط إنفاق النساء 725 ينا، بزيادة 185 ين عن النساء العاديات. كما أن كبار السن لا يتميزون بكثرة إنفاقهم فحسب، بل يهتمون بآخر المنتجات أيضاً، مما حدا بالشركات صناعة هذه المنتجات حسب رغباتهم.
وأنتجت شركة “أن تي تي دوكومو”، جهاز ذكي سهل الاستخدام بعد اكتشافها توجه كبار السن ورغبتهم في استخدام الأجهزة عالية التقنية. ويتميز هذا الجهاز بأيقونات كبيرة الحجم وبرمجة جاهزة للمواقع المعروفة وشاشة تحدث اهتزاز عند لمس أحد الأزرار ليتأكد المستخدم من لمس الزر. ولا يمانع العديد من كبار السن في الإنفاق مقابل تلبية رغباتهم وفي سبيل الحصول على راحتهم. ويقدم مركز “ميتسوكوشي” التجاري رحلة فاخرة على متن إحدى الحافلات لقضاء يوم واحد في جبال “هاكونز” ودخول مناطق ممنوعة في العادة للجمهور، مقابل 200?000 ين.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
