الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قطاع التعدين يراقب انتهاء «الدورة الصناعية العظمى»

قطاع التعدين يراقب انتهاء «الدورة الصناعية العظمى»
9 سبتمبر 2012
يواجه قطاع التعدين “رياحاً عكسية” تدفع إلى تراجع الأرباح وتباطؤ وتيرة التدفقات النقدية، مما أرغم الشركات العالمية على اتخاذ قرارات غاية في الصعوبة. وتثير أزمات القطاع مخاوف من اقتراب “الدورة الصناعية العظمى” من نهايتها، بعد سنوات من انتعاش الطلب الصيني مصحوباً بقيود التوريد ونقص الاستثمارات، ما أدى لارتفاع سلع مثل الفحم وخام الحديد والنحاس. فعلي سبيل المثال، نتج عن انخفاض أسعار المعادن وارتفاع التكاليف إلى تراجع أرباح شركة “أنجلو أميركان” للتعدين خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو النصف. واتجهت الشركة في أغسطس الماضي إلى تقليص خطط الإنفاق الخاصة بمشاريع التنمية الكبيرة. وارتبط أداء أسهم التعدين لحد كبير بتقلبات أسعار السلع على المدى الطويل. في المقابل? يرى مدراء القطاع، أن نهم الصين للسلع التي تدخل في صناعة الحديد والصلب، مثل خام الحديد وفحم الكوك والنحاس وغيرها، سيظل على شدته. وتقول راشيل بارتيلز، المديرة الإدارية لمجموعة “أكسنتيور” للتعدين :”لا يمكن للثيران أن تجري للأبد، لكن ليس من المتوقع أن ينتهي طلب هذه السلع، لا سيما وأن وتيرة الإنشاء والتعمير لا تزال مستمرة في كل من الصين والهند ولم تبدأ بعد في أفريقيا”. وقلصت شركات تشمل “إكستراتا” و”أنجلو” و”إي أن آر سي”، من إنفاقها على مشاريع تنموية خلال العام الحالي، مع التزام العديد منها بمراجعة الخطط المستقبلية أيضاً. وفي غضون ذلك، ألغت “بي أتش بي بيلتون” مشروع “السد الأوليمبي” البالغة تكلفته نحو 20 مليار دولار، بحجة عدم جدواه الاقتصادية. ويقول روب كليفورد، المحلل لدى “دويتشه بنك” :”كانت شركات التعدين قبل ستة أشهر تتسابق بشدة نحو زيادة الإنفاق، لكنها تتخذ الآن المزيد من الحيطة والحذر”. وتكمن القصة الحقيقية وراء هذا الإحجام، في انهيار تدفقات القطاع النقدية. وتراوحت الأرباح خلال الفترة بين النصف الثاني من السنة الماضية إلى النصف الأول من السنة الحالية قبل خصم الضريبة والفوائد وانخفاض القيمة والإهلاك، بين 20 إلى 40%. وانخفضت أرباح “ريو تنتو” السنوية بنحو الخمس، في حين تراجعت تدفقات السيولة التشغيلية لديها بنسبة قدرها 60% إلى مستويات لم تشهدها منذ الأزمة المالية في 2009. ولم ترق مستويات التدفقات النقدية لبعض الشركات في النصف الأول إلى مستوى تغطية نفقات رأس المال وفوائد الأسهم. كما من المتوقع أن تستمر مستويات ديون القطاع في الارتفاع. ويقول ماريوس كلوبرس، الرئيس التنفيذي لشركة “بي أتش بي بيليتون” :”من المرجح أن نلجأ إلى الاستعانة بالميزانية العمومية في حالة استمرار الأوضاع الحالية”. وتعمل معظم شركات التعدين على تقليص معدل الإنفاق أو إرجاء المشاريع غير المصدق عليها حتى الآن. لذا، من الممكن أن تقود الزيادة في مستويات الديون في مختلف أرجاء القطاع، إلى مخاوف إخفاق القطاع مرة أخرى كما حدث إبان أزمة 2009 عندما أُرغمت “إكستراتا” و”ريو تينتو” وشركات أخرى، على السعي وراء الحصول على أموال إضافية من حاملي الأسهم. ويرى روب كليفورد، أن دخول شركات التعدين في حالة الركود هذه بميزانيات قوية وزيادة في الديون، كانت متوقعة خلال هذا النصف، إلا أن وتيرتها أسرع مما هو متوقع. كما لم يكن متوقعاً انخفاض أسعار خام الحديد للحد الذي بلغته خلال الأشهر القليلة الماضية، ذات الشيء الذي حدث مع الفحم الحراري في النصف الأول. وبغض النظر عن النظرة التشاؤمية، زادت عائدات أسهم شركات التعدين الكبيرة في النصف الأول، بينما عمدت شركات أقل تنوعاً في نشاطاتها مثل “كازاخميس” التي تعمل في تعدين النحاس، إلى تقليص توزيع أرباح الأسهم. كما تخطط الشركات الكبيرة العاملة في القطاع لإنشاء نوع من المحافظ التي توازن التعرض لأي تقلبات تعتري سلعة محددة، ما يعني أداء أفضل من الشركات التي تركز على منتج واحد في وقت هذه التقلبات. ويقول روب كليفورد، :”هناك سبب يبرر وصف شركة “بي أتش بي” بالدفاعية، نظراً لامتلاكها لتشكيلة رائعة مما يجعلها أكثر الشركات التي تتميز بالتنوع من بين شركات التعدين الأخرى”. وذكرت الشركة بما تملكه من محفظة تشمل سلعاً مثل خام الحديد والفحم والألمنيوم والنحاس والطاقة والبوتاس، أنها ستستفيد أيضاً من تحول الاقتصاد الصيني من مرحلة الاستثمارات المكثفة في الحديد، إلى نمو يعتمد على الاستهلاك ويتطلب المزيد من النحاس والألمنيوم والنيكل والزنك. ودخلت “أنجلو أميركان” هي الأخرى إطار التنويع بمحفظتها التي تضم خام الحديد والنحاس والفحم، إلا أنها تعرضت للمشاكل التي عانى منها قطاع البلاتين في جنوب أفريقيا، حيث زادت من حضورها في حقل الماس باستحواذها على شركة “دي بيرس” المرتبطة بالإنفاق على السلع الفاخرة، الشريحة التي تحاول كل من “بي أتش بي” و”ريو تينتو” التخلص منها. وأثار انهيار سعر خام الحديد الأخير بنحو ما يقارب الربع خلال الثلاثة أشهر الماضية إلى 101,5 دولار للطن في أقل مستوى له منذ أزمة 2009، مخاوف “ريو” و”فيل” البرازيلية لاعتمادهما بشدة على هذه السلعة. ومع ذلك، يرى المحللون أن عمليات “ريو” القليلة التكلفة في منطقة بلبارا غربي أستراليا حيث تتراوح تكلفة إنتاج الطن من خام الحديد بين 40 إلى 45 دولارا، ربما تشكل لها حماية ضد المزيد من انخفاض الأسعار. ويقول توم ألبانيز، رئيس الشركة التنفيذي :”التزم بشدة بتنويع استراتيجية الشركة الإنتاجية، مع إدراكي بضرورة تخصيص رأس مال معين للنشاطات التي من المتوقع أن نجني فيها أرباحاً أكثر، الشيء الذي يتوفر في الوقت الحالي وفي المستقبل القريب في منطقة بلبارا”. وتقول راشيل بارتيلز، :”أما في ما يتعلق بشركات تنويع النشاط الكبيرة، فإن مسألة تطوير أصول ذات تكلفة منخفضة على المدى الطويل، ضرورية لها حتى تكون قادرة على مجابهة موجة الانخفاض والارتفاع التي تنتاب أسعار السلع من وقت إلى آخر”. ومن الأنباء السارة لشركات التعدين، تراجع وتيرة معدلات التضخم الكبيرة التي قلصت الأرباح وزادت من تكلفة بعض مشاريع التنمية الكبيرة. وفي غضون ذلك، تتوقع “أنجلو أميركان”، ارتفاع تكاليفها بنحو 2% في النصف الثاني من العام الحالي، بتراجع عن 4% خلال النصف الأول و8% في 2011، عندما بدأت وتيرة ارتفاع أسعار منتجات مثل النفط والمطاط والكيماويات في الهدوء. ويقول مايلس ألسوب، المحلل لدى “يو بي أس” :”لا شك أن هناك شعورا بتراجع تضخم التكلفة في وقت انخفضت فيه أسعار المواد الخام، بالإضافة إلى زيادة معدل تدابير الدعم من خفض في الوظائف وإغلاق للعمليات ذات التكاليف الكبيرة. كما تستفيد الشركات البرازيلية والجنوب أفريقية من ضعف العملات، على الرغم من استمرار قوة الدولار الأسترالي مما يعني صعوبة نشاط الشركات العاملة هناك”. واستمرت قيمة الدولار الأسترالي قريبة من قيمة الدولار الأميركي ولم يصب بنفس الضعف في أسعار السلع. وتمثل تكاليف العمالة مشكلة أخرى، مع استمرار النقص في المهندسين والمشغلين المهرة ومطالبة العمال بزيادة الأجور في أسواق مثل جنوب أفريقيا وأستراليا وكازاخستان. وتعتقد راشيل بارتيلز، أن مقدرة الفرق الإدارية على التحكم في التكاليف أصبحت أكثر أهمية في ظل توقعات انخفاض الأسعار. وأنه ربما لا يكون في مقدور شركات التعدين التحكم في عائداتها، لكنها ربما تستطيع إدارة عجلة التكاليف. وتكمن الخطورة في أن تقوم هذه الشركات بعمليات خفض كبيرة للغاية كما فعلت إبان فترة الركود الطويلة في تسعينات القرن الماضي، ما يجعلها تفتقر للقوة العاملة وفرص النمو الكافية لتحقيق التعافي. وتضيف بارتيلز، قولها :”لا يرتبط التحكم في عمليات التكلفة بخفض الوظائف وإغلاق بعض النشاطات، بقدر ما يرتبط بالذكاء في تحديدها وكيفية القيام بها، سواء تواجه الشركات ارتفاعا أو انخفاضا في أسعار السلع”. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©