عماد عبدالباري (رأس الخيمة) - دشنت شركة الخليج للصناعات الدوائية “جلفار”، أمس، أحدث مصانعها المسمى “جلفار 11”، والمتخصص في إنتاج خام الأنسولين، إيذاناً ببدء مرحلة الإنتاج التجاري بطاقة 1500 كيلوجرام سنوياً، وهي تكفي لتوفير 45 مليون حقنة لاستخدام مرضى السكري.
وتم تدشين المصنع، الذي بلغت تكلفة إنشائه 500 مليون درهم، في حفل أقيم بمقر الشركة في رأس الخيمة بحضور الشيخ فيصل بن صقر القاسمي رئيس مجلس الإدارة والدكتور أيمن ساحلي الرئيس التنفيذي وعدد من المسؤولين، إلى جانب أكثر من 100 طبيب عربي من المشاركين في الندوة العالمية للسكري التي نظمتها الشركة في فندق دبي.
وأكد الدكتور أيمن ساحلي أن تدشين المصنع يمثل استجابة لرؤية وطنية وإنسانية صادقة تنطلق من توجيهات الشيخ فيصل بن صقر القاسمي رئيس مجلس الإدارة الهادفة لتعزيز جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة انتشار مرض السكري ليس محلياً فحسب، بل على مستوى منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى أن المشروع يرسخ المكانة العلمية والتصنيعية لدولة الإمارات والتي بلغت ذروتها الآن بكسر احتكار تقنية إنتاج خام الأنسولين في العالم، الأمر الذي يجعل المنتج في متناول الجميع بصورة دائمة وبأسعار تنافسية.
وقال ساحلي، إن دخول “جلفار” مجال التقنية الحيوية جاء بعد “جهود علمية ومادية شاقة امتدت لحوالي ثماني سنوات متواصلة حتى تحقق ما يشبه الحلم وهو الحصول على مادة خام الأنسولين بمواصفات الجودة العالمية نفسها وبكميات تغطي حاجة الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا”.
وأكد أن نجاح “جلفار” في مجال التقنية الحيوية لا يقتصر على تصنيع مستحضر الأنسولين الاستراتيجي لمرضى السكري، ولكن من شأن ذلك أن يرسخ برامج التكنولوجيا الحيوية في المنطقة بأسرها ويساهم في تعزيز دور الجامعات ومراكز البحث العلمي وتأهيل الكوادر الوطنية بالنحو الذي يمكنها من العمل بقوة في مجال الصناعة الدوائية المتطورة.
وقام وفود الأطباء العرب بجولة ميدانية شملت مختلف أقسام المشروع.
واستمعوا إلى شرح مفصل تناول الأجهزة التصنيعية وطرق استخدام تكنولوجيا الخلايا المستخدمة في إنتاج خام الأنسولين والتي تحاكي نظيرتها في أعرق المصانع العالمية.
ويعد إنتاج خام الأنسولين أهم حدث دوائي ويشكل علامة فارقة في مجال الصناعة الإماراتية عموماً والدوائية خصوصاً.
قبل بلوغ مرحلة تدشين المشروع الحيوي خاضت الشركة مسيرة حافلة بالدراسات والاختبارات من قبل جهات عالمية مرموقة مثل اللجنة الأوروبية لتسجيل الدواء الأوروبية وهيئة الدواء البريطانية، وبلغت تلك الجهود ذروتها بالاتفاق الذي تم مع شركة باراكسيل العالمية، وهو ما مكن من تطوير إنتاج خام الأنسولين فنياً ورقابياً، الأمر الذي مهد الطريق أمام مرحلة الإنتاج التجاري.
وتكتسب جهود “جلفار” في مجال التقنية الحيوية أهمية مضاعفة إذا ما قورنت بالتقارير التي صدرت أخيراً وتؤكد الانتشار المتسارع لمرض السكري بصورة جعلت منه وباء معيقاً لحياة الإنسان خاصة في الدول الفقيرة التي تواجه مصاعب جمة في الحصول على الدواء.
وبحسب الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 200 مليون شخص مصابون بمرض السكري، وإذا ما ظلت الأمور سائرة على نحو ما هي عليه فإن معدلات الإصابة بحلول 2030، وبحسب المنظمة العالمية نفسها ستقفز إلى الضعف.
ومن أجل إنتاج خام الأنسولين، أنشأت “جلفار” مختبراً علمياً متطوراً للتقنية الحيوية في مقرها برأس الخيمة ومن ثم قامت بجلب البكاتيريا المعدلة وراثياً من إحدى الشركات وأدخلت فيها الجين المسؤول عن إنتاج الإنسولين الإنساني.
وفي مرحلة لاحقة، تم زرع الخلايا، والعمل على إكثارها في وسط غذائي معين أسهم في تكاثرها وإنتاج مادة الأنسولين التي أخضعت للتنقي،ة واستخراجها عبر سلسلة من الخطوات اعتماداً على خط إنتاج يتألف من معدات تعمل بتقنية متطورة تم جلبها من شركات عالمية أميركية وأوروبية متخصصة في الصناعات البيولوجية.
وللتحقق من الإنتاج، تم تحليل مادة خام الأنسولين حسب الدساتير الدوائية المتعارف عليها عالمياً لتتضح مطابقتها لمعاير الجودة، وتم تحليل هذه المادة في مختبرات عالمية متخصصة. وحصل مشروع “ جلفار 11” المتخصص في إنتاج خام الأنسولين على جائزة الإنجاز العربي للعام 2011 التي تنظمها جلوبال للأعمال الخاصة بالتعاون مع قرية دبي للمعرفة حيث تم تصنيفه كأهم مشاريع الرعاية الصحية الأولية في منطقة الشرق الأوسط على هامش فعاليات المؤتمر الثاني للاستثمار في أبوظبي.
وأقيم المشروع على مساحة إجمالية تبلغ 40 ألف متر مربع، بينما تشغل مبانيه مساحة 5600 متر مربع إضافة إلى مساحة 6300 متر مربع تم تخصيصها للتوسعات المستقبلية.
وقبل توجه جلفار نحو مشروع إنتاج خام الأنسولين، كانت تقوم جهودها في مواجهة مرض السكري على تعبئة الأنسولين الجاهز حيث تستورد 50 كيلوجراماً من الأنسولين التي تصنعها شركة ميرك لتقوم بوضعه في عبوات تحمل اسم جوسلين المسجل في وزارة الصحة والذي يتم تسويقه في 14 دولة عربية، إضافة إلى باكستان والفلبين.
عدد اليوم
