صدرت أخيرا في الشارقة طبعة جديدة لأول مجموعة شعرية للشاعر السوداني الراحل صلاح احمد ابراهيم (1933 - 1993) وهي بعنوان “غابة الابنوس” وكانت صدرت للمرة الأولى 1959.
الطبعة الجديدة جاءت في إطار مبادرة لإعادة طباعة كل منجز الشاعر الراحل الكتابي “نصوص ومقالات وقصص وقصائد” ويشرف على المبادرة الشاعر والناقد السوداني الدكتور يوسف عيدابي.
صلاح ابراهيم الذي ولد بمدينة امدرمان في السابع والعشرين من ديسمبر، درس بكلية الآداب جامعة الخرطوم ومعهد الدراسات الافريقية في غانا اشتغل مدرسا ومفتشا للضرائب كما عمل بوزارة الخارجية السودانية بالامم المتحدة كما عمل سفيرا للسودان بالعاصمة الجزائرية في عهد الرئيس الاسبق الجنرال جعفر محمد نميري (1969 /1985 ) ولكنه استقال بعد تبدل سياسات النظام بخطاب قوي قدمه للوزارة مما جاء فيه “قررتُ الاستقالة من عملي سفيرا لكي أضع ما ليّ من بعض موهبة متواضعة تحت قدمي شعبي المعفرتين بالكدح” وقد عرف عن الشاعر الراحل اخلاصه للاشتراكية وشُغل منجزه الشعري، خاصة في بداياته، بمقاربة قضايا التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية.
كذلك عُرف بمساهماته في حقول ابداعية عديدة وان كان الغالب على إنتاجه الابداعي: الشعر، الذي كتبه بالعامية والفصحى. وقد اسهم في الترجمة وكتب القصة القصيرة، وصدرت له في 1958 مجموعة قصصية بالاشتراك مع صديقه الكاتب الراحل علي المك هي “البرجوزاية الصغيرة” وترجم “النقد الأدبي الأمريكي” في العام 1960 اضافة لكتاب باتريك فان “الارض الآثمة”، وصدرت مجموعته الشعرية الثانية بعنوان “غضبة الهباباى” 1965 واصدر بالعامية “محاكمة الشاعر للسلطان الجائر” في العام 1986، وبعد انتقاله الي فرنسا ترجم وكتب لصحف عدة هناك، ثم عمل مستشارا لدى سفارة قطر بباريس الي ان رحل في السابع عشر من مايو 1993.
في العام 2000 وبمبادرة من اصدقاء للشاعر صدر للراحل في أبوظبي ديوان “نحن والردى” بتقديم من الشاعر واللغوي السوداني الراحل عبد الله الطيب ويلفت في الديوان انه تضمن مقالات للراحل مثل “لكي لا ننسى” التي انتقد فيها علاقة الجنرال الراحل جعفر نميري بـ“الاخوان المسلمين”، وبعض المراثي النثرية.
وعن دار ابنوس صدرت له في العام 2007 مجموعة شعرية بعنوان “وطني” باشراف الدكتور يوسف عيدابي أيضا وبمقدمة كتبها الشاعر الراحل تاج السر الحسن.
ان من يقرأ للراحل صلاح أحمد ابراهيم يكتشف جرأته في التعامل مع اللغة العربية والتي لطالما مزجها بالعامية ولقد خصّ بشعره دائما سير المناضلين في العالم بداية من السودان وافريقيا مرورا بآسيا الي اوروبا.. فلقد كتب عن جوزيف قرنق، والشفيع احمد الشيخ، وثوار الجزائر، وعن جمال عبد الناصر، وسلفادور اليندي، ودولوريس ايباروري رئيسة الحزب الشيوعي الاسباني وغيرهم!
صلاح أحمد ابراهيم بمقدار ما يبدو شرساً في نصوصه “بمختلف أجناسها” ضد الأنظمة السياسية القامعة، حيث يتحول الحرف في قلمه الى سلاح بذات القدر تقطر شعرية الراحل بفيوض العذوبة والطلاوة حينما يقارب موضوعات الحب والجمال وهو ما يتجلى خصوصا في قصيدته “ مرّيا” التي تحولت أغنية رائجة.
عدد اليوم
