الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا أحب مدرستي؟

9 سبتمبر 2012
كل عام وأنتم بخير.. اليوم يعود الأبناء في كافة المراحل الدراسية إلى مدارسهم لبداية عام دراسي جديد حافل بالآمال والتطلعات والأمنيات الجميلة. يوم يعيد إلى الأذهان فرحة الطفولة والصبا بترقب هذا اليوم كعيد ننتظره بشغف وشوق، نُبيت له الملابس والأقلام والكراريس والألوان الجديدة، وأحلام ليلة طويلة يضيع معها النوم! لا أبالغ في وصف تلك الفرحة التي كنت أعيشها ليلة بدء العام الدراسي الجديد، ولا يمكن أن أنسى عشقي لمدرستي، ولا أستطع أن أصف مشاعري نحو هذا المكان كلما مررت به وقد أغلقت نوافذه طيلة العطلة الصيفية، والآن شرعت للتنظيف والتهيئة لاستقبالنا من جديد. حتى بداية ستينيات القرن الماضي، لم يكن في قريتنا مدرسة مجهزة كالتي نراها الآن، بل كانت عبارة عن بيت كبير متعدد الغرف، استأجرته وزارة التربية وأضيف إليه بعض التعديلات ليكون مدرسة ذات فناء صغير، لكن لا يزال البيت الذي تم إحلاله في نفس المكان بعد عشرات السنين، يحتل ذكريات عشق طفولي مترامي الأطراف، متجذر الجذور في صفحات خاطري ووجداني وكياني وذاكرتي وذكرياتي الجميلة. البيت..أو المدرسة.. أو أي مكان نرتبط به عاطفياً، ليس مجرد مكان، إنه حالة من الحب والارتباط، وجزء علقت ذكرياته بعقارب الساعات والأيام، وشكل هذا الحب جزءاً أصيلاً من شخصياتنا وكياننا وحياتنا. كلما تذكرت هذا اليوم، يزداد حناني إلى الماضي، وأتذكر كراهيتي ليوم الجمعة ولأي عطلة تبعدني عن مدرستي ! إن من حق كل طفل يلتحق بمدرسته للمرة الأولى أن يسألني: “لماذا كل هذا الحب”؟ لا أحب ولا أميل إلى النصائح الجاهزة، فكم أكره “روشتة” النصائح المعلبة التي تساق للأبناء الصغار بمناسبة، ودون مناسبة، لكنني أؤمن تماماً بأن التجارب الذاتية أبلغ مما يمكن أن يقال، وأقوى الدروس التي يمكن أن يستنبط منها ما يفيد! المدرسة.. بيئة ومناخ، بيئة صحية ونوافذ مشرعة بالعلم والمعرفة والتعلم، ومناخ حافل بالنشاط والحب والأقران والمنافسة والنظام والانضباط واللعب واللهو الجميل. كنا نتعلم التاريخ بالحواديت والحكايات، والجغرافيا بالزيارات والمجسمات التي نصنعها من طين الصلصال، وعلوم الزراعة والطبيعة من وحي البيئة ومفرداتها الغنية، واللغة العربية من مدرسين عاشقين لها. لا زلت أذكر كيف كان يشجعني ويعينني والدي على إعداد “كلمة الصباح”، في الإذاعة المدرسية باللغة العربية الرصينة، في موضوعات أختارها بنفسي، ويدربني على حفظها ليلاً، حتى ألقيها في “طابور” المدرسة الصباحي دون الاعتماد على ورقة مكتوبة! ولا زلت أتذكر نصائحه لي: “لا تخاف ولا تخجل.. لا تحاول أن تنظر إلى أعين جموع الطلاب الواقفين أمامك في الطابور مهما كان عددهم، حاول أن تتجنب أن تلتقي عيناك بعيني أحد من زملائك وأنت تخاطبهم، حتى لا يسرح خيالك، ويتشتت انتباهك، وتنسى ما سوف تقول.. أنظر إليهم بعيون نائمة دون تركيز، سيذهب عنك الخجل، وتتغلب على الارتباك، وركز فيما تقول”! كبرت، وفهمت مغزى هذه النصيحة، وعرفت أنها الدرس الأول لكيفية مخاطبة الجماهير، وكيفية التغلب على الخجل، وكيفية التركيز عند مواجهة جموع من الناس، وكيفية الثبات في مواجهة المواقف الحرجة، وفهمت لماذا أحتفظ بحبي لمدرستي حتى هذه اللحظة! المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©