الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرهاب المدرسي» يهدد تحصيل الطالب وتطوره النفسي

«الرهاب المدرسي» يهدد تحصيل الطالب وتطوره النفسي
21 سبتمبر 2011 00:57
تتجدد معاناة أهال مع أبنائهم مع بداية كل عام دراسي، حيث يرفض بعض الأطفال الذهاب إلى المدرسة بشدة، ويتحول صباح كل يوم إلى معركة تدور رحاها بين الأمهات والأطفال. ويعرف علم النفس رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة بما يعرف بـ«الرهاب المدرسي» الذي قد ينتج عنه إذا لم يعالج مبكرا وبطرق صحيحة مشاكل نفسية تؤثر على سلوك الطفل وتطوره النفسي والاجتماعي فضلا عن تأثيره على تحصيله الأكاديمي. “سئمت بكاء طفلي المستمر ورفضه التوجه إلى المدرسة، ومعاناتي المتجددة يومياً معه في كل صباح، فكثيراً ما أتعامل معه بشيء من الحزم والشدة، وأدفعه إلى الذهاب إلى المدرسة رغماً عن رغبته. بخلاف إخوته الذين لم يتملكهم هذه الأحاسيس والخوف من المدرسة. فأتركه في الفصل متوجهة إلى الخارج وبكاؤه الشديد عالق في أذني. هذه المشكلة تنعكس على نفسيتي كأم، في التعاطي مع القضية، والبحث عن السبل الكفيلة لإخراج طفلي من الأجواء والإطار الذي وجد نفسه عالقاً فيه”. هكذا عبرت أم راشد عن امتعاضها لمن موقف ابنها حيال المدرسة وسلبيته في التعاطي مع المحاولات والحلول الممكنة التي قد تخفف من حدة المشكلة التي تبدأ مع بداية كل عام دراسي. وتبدي أم راشد قلقها من أن ما يعتري طفلها من مشاعر خوف ورفض للذهاب إلى المدرسة، سيبقى وربما يتحول إلى اضطرابات نفسية، متسائلة “هل هي فترة من الزمن إلى أن يبدأ يتأقلم مع الوضع، أم أنه سيصطحب هذا الأحاسيس السلبية معه إلى أن يكبر؟”. صعوبة الانفصال توضح زينة عبدالله “لا يمكن تصور حال بعض الأمهات اللاتي أصبحن ملتزمات بالوجود في الفصل الدراسي مع أطفالهن إلى نهاية الحصة، وأحياناً لنهاية اليوم الدراسي. ومنهم من ترافقه الخادمة وتظل في انتظاره خلف باب الفصل الدراسي، ويبقى ذهن الطفل مشغولاً بها، مشتت الانتباه خائفاً من أن يتركه المرافق له”. وتتابع “أذكر حالة لازمتها المشكلة إلى أن وصلت إلى مراحل دراسية عليا، وهي لا تستطيع أن تنفصل عن والدتها أو من يرافقها”. وتقول عبدالله “الخوف من المدرسة أو الرهاب المدرسي له أبعاد نفسية تؤثر على شخصية الطفل الذي نجده انطوائياً، يعتمد على غيره في أبسط الأمور، مزعزع الثقة غير قادر على التعامل وإقامة علاقات مع الآخرين. ولا بد من إيجاد علاقة بين الطفل والمدرسة، من خلال تعزيز النقاط الإيجابية، والولوج إلى نفسية الطفل من نقاط محببة ويميل إليها، وتهيئة الأجواء المثالية في استقبال الطفل، بمزيد من الحب وحفاوة الاستقبال التي لا بد أن تتمتع بها الهيئة التدريسية، وكيفية جذب الطفل من خلال إيجاد بيئة حاضنة يجد فيها الطفل الراحة والأمان”. وتشير المعلمة أمينة حسن إلى أن انفصال الطفل عن محيط أسرته ووجوده في بيئة أخرى، بصورة مفاجئة، فمن الطبيعي جداً أن يتسلل إلى نفسيته قدر من الخوف والقلق والرهبة من المكان، وعدم رغبته في البقاء والمكوث فيه، ونشاهد بعض الأطفال من من يتجاوزن هذه المشكلة ويتأقلمون مع بيئة المدرسة، نظراً لوجود فكرة مسبقة في أذهانهم عن المدرسة، من خلال التهيئة المسبقة التي تم تلقينه لها بمدة كافية، من خلال اصطحابه إلى المدرسة والتعرف إلى مرافقها وما تتمتع من مميزات تجذب الطفل”. وتقول ابتسام الحداد “يعتمد رد فعل الطفل على عوامل كثيرة مؤثرة، منها وأهمها دور الوالدين في تهيئة الطفل وتحبيبه في المدرسة قبلها التوجه لها بستة أشهر على الأقل، وذلك عن طريق قراءة بعض القصص التي تحبب الطفل في المدرسة، أو عن طريق دمجه مع أطفال أكبر منه سناً منه للعب معهم واكتساب مهارات المشاركة وتبادل المعلومات، حيث يكون الخوف من المدرسة أقل عندما يكون له إخوة سبقوه في الالتحاق بالمدرسة، فبدافع الغيرة والتقليد سيحب التوجه إلى المدرسة. أما الطفل وحيد والديه فيكون عادة ملتصقاً بأمه أو بالخادمة وسيحتاج وقتاً طويلاً للتكيف والاندماج مع عالمه الجديد وستنتابه حالة من البكاء الشديد والخوف من الاختلاط بالآخرين. وهنا الأمر يحتاج إلى مزيد من الصبر والوقت حتى يستطيع الطفل تجاوز المحنة بشكل جيد”. من جهته، يقول روحي عبدات، اختصاصي نفسي تربوي “الرهاب المدرسي يعني رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو عدم حبه ورغبته بها، وهو يقترن عادة بالانفصال عن الأم لكونها مصدر إشباع حاجات الطفل وتحقيق أمنه، وكون المدرسة بيئة جديدة على الطفل ولم يتكيف عليها بعد، فإن هذه البيئة الجديدة الغريبة تشعره بالخوف والقلق والتردد، ما يجعله يميل إلى تفضيل بيئته الأسرية والبقاء فيها”. ويضيف “عادة يصاحب هذا الرفض بعض الأعراض الجسدية كآلام البطن والشعور بالغثيان والتقيؤ والإسهال وعدم الرغبة في تناول الطعام. أما عند اقتراب الطفل من المدرسة، فتبدأ بعض الأعراض الفسيولوجية بالظهور مثل تزايد ضربات القلب، العرق الشديد، آلام الساقين، بكاء شديد وأحياناً صراخ وشحوب في الوجهة. وتكون هذه الأعراض فقط مرتبطة بالمدرسة وتزول عن الطفل في المنزل”. الأساليب المثالية عن آثار الرهاب المدرسي على الطفل، يقول عبدات إنه يعوق قدرة الطفل في تطوير علاقاته الاجتماعية مع أقرانه، ويسبب تأخراً في التحصيل الدراسي، مع أن الطفل قد تكون قدراته العقلية طبيعية أو فوق الطبيعية، إلا أن الرهاب المدرسي قد يعوقه من توظيف هذه القدرات في التحصيل الدراسي، وهو أيضاً يقلل من ثقة الطفل بنفسه لكونه لم يحقق شيئاً حققه الكثير من أقارنه، وهو الاستقلال والاعتماد على الذات، كما ينمي مشاعر الذنب نحو الذات، حيث يخلق صراعات داخلية في نفس الطفل بين رغبته في الذهاب إلى المدرسة والتحصيل، ورغبته الأخرى في البقاء في البيت يشعر بالراحة والأمان، ويقلل من قدرة الطفل على الاعتماد على ذاته، وبلورة ملامح شخصيته، وبالتالي يكون معتمداً على غيره ولا يتخذ قراراته بنفسه. وعن الأساليب المثالية للتعامل مع المشكلة، يقول عبدات، إنها تتضمن عدة خطوات، منها أنه يجب على المحيطين بالطفل فهم مشاعره وتقبلها كمشاعر حقيقة موجودة، وعدم الاستهزاء بها. وعدم تشجيع ظهور المكاسب الثانوية لسلوك الخوف المدرسي مثل الحصول على انتباه الوالدين، والبقاء بالمنزل واللعب أو حصوله على مغريات وجوائز في حالة ذهابه للمدرسة. توضيح وشرح أهمية الذهاب للمدرسة للطفل دون عنف أو إكراه. وتوضيح الأهداف والامتيازات والمكاسب التي يحصل عليها الطفل من ذهابه. ومحاولة تفنيد المبررات والأفكار السلبية الموجودة في ذهن الطفل عن المدرسة ودحضها. ويجب عدم تنازل الأسرة عن موضوع الذهاب إلى المدرسة لكونه موضوع مهم جداً للطفل، ويمسّ مستقبله التعليمي. إلى جانب العمل على إيصال الطفل للمدرسة وإذا كان هناك إمكانية لقضاء بعض الوقت معه في المدرسة لإعادة الهدوء والطمأنينة لنفسه. العمل على التواصل مع معلمي الطفل ومع الهيئة التعليمية من أجل التعامل الأمثل مع الطفل وتبديد مخاوفه. إذا كان إصرار الطفل شديداً، فمن الممكن التدرج في عملية الذهاب للمدرسة بأن يدخل بعض الحصص في البداية، ثم تزداد ساعات الدوام تدريجياً إلى أن يتأقلم تماماً.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©