الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضرب سوريا... هل تأجل لأسباب تكتيكية؟

ضرب سوريا... هل تأجل لأسباب تكتيكية؟
14 سبتمبر 2013 23:13
ينتظر صناع القرار السياسي في أميركا الآن إشارة عاجلة من الروس للتأكيد على أن سوريا تريد بالفعل تدمير ترسانتها من الأسلحة الكيماوية. وفيما عمد أوباما إلى تعليق الضربة العسكرية من أجل ترجيح كفة الحل الدبلوماسي، فإن الخطوة المقبلة باتت تتعلق بالوقت. والسؤال المهم الآن: كم هو الوقت الذي ستمنحه إدارة أوباما للجهود التي تقودها روسيا لنزع الأسلحة الكيماوية من سوريا قبل أن تفقد صبرها من جديد؟ ولقد تجاهل أوباما الحديث عن جدول زمني للجهود الدبلوماسية في خطابه يوم الثلاثاء الماضي. وفي اليوم التالي، تهرّب جاي كارني الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض من الإجابة على الأسئلة المتكررة حول الموضوع ذاته. وقال كارني في معرض تعليقه على المبادرة الروسية: «أنا أقبل بالحقيقة التي تفيد بأن هذه العملية تتطلب وقتاً. إلا أننا عازمون على رفض التسويف. ونحن نعتقد أن من المهم جداً تحميل الأسد مسؤولياته الكاملة». وتقول إدارة أوباما بكلام تعمره الثقة: إن نظام الأسد هو المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيماوية في 21 أغسطس ما أدى إلى قتل أكثر من 1400 سوري في ضواحي دمشق بمن فيهم 400 طفل. وكان أوباما طالب الكونجرس بمنحه الموافقة على توجيه ضربات جوية لأهم المواقع العسكرية السورية، إلا أن أعضاء الكونجرس دخلوا في نقاش لا ينتهي حول الطلب قبل التصويت عليه. وقالت سوريا إنها ترحب باقتراح نزع أسلحتها الكيماوية الذي تقدمت به روسيا. واجتمع وزير الخارجية جون كيري بنظيره الروسي في جنيف لمناقشة التدابير اللوجيستية الضرورية لوضع الترسانة السورية الضخمة من الأسلحة الكيماوية تحت الإشراف الدولي تمهيداً لتدميرها. ويشكك العديد من المحللين المتخصصين بالعلاقات الخارجية في أن يعمد الأسد بصدق إلى تدمير ترسانته الكيماوية. ويعود ذلك لأسباب سياسية ولوجيستية، وخاصة لأنه يخوض الآن حرباً أهلية. وحتى كيري ذاته عبر عن عدم اقتناعه بإمكانية تحقيق تقدم سريع في نزع الأسلحة الكيماوية من سوريا. ووفقاً للمعايير السياسية السائدة في العالم، لا تعتبر سوريا وروسيا دولتين صديقتين للولايات المتحدة. وفيما سجلتا نجاحاً حاسماً في مساعدة أوباما على معالجة القضية داخلياً من خلال توفير السبب الكافي لإنقاذه من تصويت الكونجرس الذي كان من المرجح أن يرفض خطته، إلا أن تقديم المساعدة للرئيس لا يمثل الهدف الأول في السياسة الأميركية. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي اشتهر بتأييده للضربات الجوية ضد سوريا، إن روسيا وسوريا لا تهدفان إلا إلى التسويف وكسب المزيد من الوقت. وقال خلال مؤتمر صحفي نظمته جريدة «وول ستريت جورنال» يوم الأربعاء الماضي: «أنا خائف من أن نكون أمام لعبة شدّ وإرخاء حبال فيما تتواصل المذبحة في سوريا». وأضاف أنه من الواجب ألا تُمنح روسيا إلا وقت قصير جد لا يزيد على 48 أو 72 ساعة حتى تضع مبادرتها الجديدة موضع التنفيذ الفعلي. وقال سياسيون أميركيون في جنيف يوم الخميس الماضي إن هدفهم الأساسي في التعامل مع الروس هو دفع السوريين إلى التأكيد بأنهم جادّون في الكشف عن ترسانتهم الكيماوية. وقالت وكالة «رويترز» في تعليق لها على الموضوع إن من أولى الخطوات المطلوب إنجازها في هذا الصدد من طرف الأسد «الكشف التام أمام الرأي العام عن مخزونه من تلك الأسلحة». وقال مسؤول أميركي: «تريد الولايات المتحدة أن تتأكد مما إذا كانت هناك مصداقية أم لا في تنفيذ المبادرة الروسية». وفي واشنطن، عاد الاهتمام لينصبّ على القضايا المحلية العاجلة مثل سقف الدَّين العام والتمويل الحكومي وإطلاق العمل بالمبادئ الأولى لقانون أوباما للرعاية الصحية، الذي سيتم في اليوم الأول من شهر أكتوبر المقبل. إلا أن هذا لا يعني أبداً أن اهتمام أوباما بالقضية السورية قد تبخّر، بل الصحيح إنه في حكم المؤجّل، وربما بشكل نهائي. وما لم يحدث تطور دراماتيكي يضمن عدم حدوث تداعيات خطيرة مثل الهجوم السوري على المنشآت الأميركية أو الإسرائيلية في المنطقة، فإن المحللين لا يرون أي احتمال لحدوث تغيّر في موقف الكونجرس أو حتى الرأي العام الأميركي الذي عبر عن معارضته لتنفيذ عمل عسكري محدود ضد سوريا. وقد عبر كريستوفر جيلبي هو أستاذ كرسي في دراسات وضع الحلول للصراعات المسلحة بجامعة أوهايو عن رأي في اتجاه رهان الزمن قائلاً: «أتوقع أن يستمر الحال على ما هو عليه لمدة من الزمن. ولاشك أن لكل من بوتين والأسد مصلحة في هذا التأجيل». وخلال هذه الجولة الجديدة للبحث عن السلام، سيكون من الصعب على أوباما أن يتبنى فكرة تنفيذ عمل عسكري حاسم ضد سوريا، وهو العمل الذي ترى الولايات المتحدة أنه بات ضرورياً لجلب كل الأطراف إلى مائدة التفاوض. من جانبه صرح أوباما مساء يوم الثلاثاء الماضي قائلاً: «لقد أمرت القوات المسلحة أن تحافظ على موقفها الحالي من أجل مواصلة الضغط على الأسد، وحتى تكون على أهبة الاستعداد لتوجيه الضربة إذا فشلت الجهود الدبلوماسية». ولم يتطرق أوباما لقضية العودة إلى الكونجرس لطلب موافقته على توجيه ضربة لسوريا إذا فشلت الجهود الدبلوماسية هذه المرة. وكثيراً ما ردّد أن «القائد الأعلى للجيش الأميركي» يملك كامل سلطة توجيه الأمر ببدء الضربات العسكرية. ولكن، بعد الهجوم الكيماوي الذي حدث في 21 أغسطس الماضي، أصبح يعتقد أنه في حالة عدم تعرض الولايات المتحدة لتهديد مباشر وخطير، فإنه من الأفضل طلب موافقة الكونجرس على أي عمل عسكري. وربما يراهن أوباما الآن على أن يفهم الروس والسوريون أن عبارة «التهديد المباشر والخطير» تستهدف تهرّب الرئيس من طلب موافقة الكونجرس، بما يبقي على الخوف في روسيا وسوريا من الضربة العسكرية الأميركية المؤجلة. وفي مقال لبوتين نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» على موقعها الإلكتروني مساء الأربعاء الماضي اعترف بأنه لا يزال يستشعر خطر الضربة العسكرية ضد سوريا. ليندا فيلدمان محللة متخصصة بسياسات البيت الأبيض ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©