الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

منافسة شرسة بين الشركات العالمية لبناء ناطحات السحاب

منافسة شرسة بين الشركات العالمية لبناء ناطحات السحاب
14 ديسمبر 2006 23:38
ملف من إعداد - محمد عبدالرحيم: تشهد كبريات شركات العقارات والتطوير العقاري حاليا تنافسا كبيرا في بناء ناطحات السحاب، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها بعض الشركات في كيفية استدرار الأموال من هذه المباني الشاهقة، إلا أن الفترة الماضية سجلت الإعلان عن العديد من مشروعات ناطحات السحاب الضخمة، والتي كان من بينها برج دبي الذي يعد المشروع الأول من نوعه في الشرق الأوسط، والذي سيصبح عند الانتهاء من بنائه الأطول في العالم· وتشير شركة ايمبوريس المتخصصة في بناء ناطحات السحاب إلى أن هناك ازدهارا غير مسبوق في انتشار المباني العالية في جميع أنحاء العالم وبشكل لم تحبطه أو تؤثر فيه هجمات الحادي عشر من سبتمبر على مركز التجارة العالمي في عام ،2001 ووفقاً لاحصائيات الشركة فإن 80 في المائة تقريبا من إجمالي المباني العالية لا تزال حالياً قيد الإنشاء في جميع أنحاء العالم، كما أن 40 في المائة من أطول 200 مبنى في العالم قد تم انجازها مؤخراً في الفترة منذ العام ·2000 وذكرت مجلة الايكونوميست البريطانية أن ناطحات السحاب ظلت تشكل عدداً من الصعوبات بالنسبة للمصممين والمطورين على حد سواء نسبة لوجود قوتين تنفيذيتين تؤثران بشكل سلبي على هذه الجهود، أولهما العامل الاقتصادي والذي تمثل أخيراً في وجود عدد من الشركات الأميركية الكبرى التي أصبحت تفضل الآن العمل في مجمعات قليلة الارتفاع يتم بناؤها خارج المدن· وبالطبع هناك استثناءات، إذ مازالت كبريات المؤسسات المالية على سبيل المثال تفضل اللجوء إلى ناطحات السحاب كمقر يوفر لها التمركز والخصوصية، وثانياً هناك العامل الفيزيائي حيث ظلت الأبراج تعاني دائماً من كبر حجم أوزانها، ففي الوقت الذي يتم فيه تخصيص معظم أجزاء المبنى ''للإمساك'' به ممتداً إلى الأعلى فإن هذا الأمر يأتي بلاشك على حساب الساحة المخصصة للعمل أو السكن، وعادة ما يصف المطورون ووكلاء الإيجارات العلاقة بين هذه العنصرية بأنها علاقة ''الصافي إلى الإجمالي''·· ففي أي ناطحة سحاب نموذجية نجد أن المساحة القابلة للاستخدام لا تزيد على 70 في المائة من حجم المبنى بينما يتم تخصيص البقية إلى بئر السلم والركائز والأعمدة الرافعة· وعلى العكس من ذلك ففي أي مبنى منخفض الارتفاع وجيد التصميم فإن أكثر من 80 في المائة من المساحة الداخلية يمكن بيعها أو تأجيرها، وهذه المعوقات هي التي تفسر لماذا نجد في كل ازدهار تشهده ناطحات السحاب عددا من التصاميم المقترحة أكثر من تلك التي يصادق على بنائها وتشييدها، وعلى سبيل المثال ففي لندن هناك خمسة أبراج يزيد طولها على 200 متر (656 قدماً) مازالت في طور انتظار ترخيص التخطيط وهي المرحلة التي يتعين فيها إنجاز التصاميم وإيجاد مطور يرغب في القيام بالمهمة·· وحتى الآن فإن اثنين فقط من هذه المباني أصبح من المرجح أن يدخلا في مرحلة البناء، وكما يقول فرانسيس سالوي المدير التنفيذي لشركة لاند سيكيورتيز المطورة للعقارات ''ما بين واحد إلى ثلاثة مبان فقط سوف ترتفع في غضون فترة العقد القادم''·· وكذلك فإن الكثير من الأعمال مازال من المطلوب أداؤها قبل أن يتحول البرج من مجرد تصميم على الورق إلى عدد قليل من مئات الأمتار من الزجاج والفولاذ العمودي· ومن وجهة نظر المطور فإن ناطحات السحاب تأتي عادة في ثلاثة أنواع، أما كمشروع لاستدرار الأموال أو مقر عام للشركات الكبيرة أو كأحد مقرات الإدارات الحكومية· ولما كانت المباني العالية أكثر تكلفة من غيرها فإن جميع هذه الأنواع تعتمد على إيجاد شخص لدفع مبالغ إضافية حتى يستمتع بمشاهدة جيرانه في أسفل الأرض، ومن بين هذه الأنواع الثلاثة فإن الأبراج التي يتم بناؤها كمشاريع للمضاربة واستدرار الأموال هي الأكثر انتشاراً حيث يتعين التشييد ويعمل على اجتذاب المؤجرين الآخرين لبقية الطوابق في المبنى قبل اقتراب موعد إنجازه· وهناك العديد من ناطحات السحاب التي تعرف بأسماء الشركة المالكة للمبنى، فعلى سبيل المثال، المبنى الذي أطلق عليه اسم ''وول ويرث'' لا تحتل فيه هذه الشركة سوى طابقين من عدد 57 طابقاً في المبنى في مدينة نيويورك، بينما تم تأجير بقية الطوابق في شكل وحدات صغيرة الحجم، وكذلك فإن مبنى نيويورك تايمز الذي من المنتظر اكتماله هذا العام سوف يستضيف الصحيفة التي تحمل نفس الاسم، إلا أن نصف طوابق المبنى البالغ إجماليها 52 طابقاً سيتم تأجيرها، على أن هذا النوع من ناطحات السحاب ظل يتضمن مخاطر أكثر من غيره ويحتاج إلى اشتراك مجموعة من العوامل النادرة مع بعضها البعض إذا ما أريد له تحقيق النجاح في استدرار الأموال· مواد جديدة تمكنت مباني مقار الشركات الكبيرة مثل برج ''سيتي بانك'' أو برج مصرف ''اتش اس بي سي'' في منطقة كاناري وارف في شرق لندن، من طي هذه القوانين وليس كسرها، ونسبة لوجود شركة واحدة تشغل كامل المبنى بحيث لا يخضع إلى تغيرات في سوق الإيجار، بل عوضاً عن ذلك فإن المبنى يتحول بمرور الزمن إلى أداة للدعاية للشركة تماماً كما هو أداة للإدارة· وأصبح بإمكان المهندسين الذين يعملون عادة على انتصاب هذه الأبراج بناء أشكال أطوال قامة وأكثر غرابة فقط عندما تسمح التكنولوجيا بذلك، وهناك ثلاثة أنواع من التغيرات التي أصبحت تشكل الموجة الجديدة من تصاميم ناطحات السحاب الحالية، فأنواع المواد الجديدة أصبح لديها أثر واضح في الشكل الذي تبدو عليه ناطحات السحاب الآن، وكان ''لودويج مايز فان دير روهى'' المعمار الألماني المعروف الذي انتقل إلى أميركا لاحقاً قد صمم عام 1922 برجاً لديه جلد من الزجاج يمتد حول طوابق المبنى الشفاف الذي يبدو وكأنه لا يحتوي على لب مركزي، ولكن فكرة المبنى انهارت من أساسها لأنه كان من المستحيل تصنيع لوحات للزجاج خفيفة بشكل يكفي أو يمكن طيها في أشكال تتطلبها التصاميم، وكما يقول نيفين سيدور في شركة جريمشو اركيتكتز ''استغرق الأمر 80 عاماً حتى تمكنت تكنولوجيا الزجاج من اللحاق بالتصاميم التي وضعها مايز''·واصبحت تكنولوجيا تغليف الزجاج بمواد تعمل على مقاومة الحرارة ودخول الضوء في نفس الوقت بالإضافة إلى إنتاج الزجاج الذاتي النظيف، أحد المعايير المعروفة في المجال، وبات كذلك من الممكن تطويع الزجاج في أشكال تجعل من مفهوم مايز التصميمي مفهوما تقليديا عفا عليه الزمن، كما يتضح ذلك في مبنى ''30 سانت مارى أكس'' بلندن والذي يعرف باسم مبنى ''جيركن'' أو في مبنى هيرست في نيويورك·وهناك تغيرات أخرى طرأت على المواد بحيث جعلت الأبراج تبنى بوزن أقل ما يسمح لها بالمضي إلى ارتفاعات أكبر· وكذلك فإن الأرضيات والجدران أصبحت أقل سمكاً بفضل الاختراعات الجديدة مثل العوازل المصنوعة من الألياف الزجاجية ورقائق الألمنيوم (الالمنيوم فويل) التي تعود إلى فكرة تم اشتقاقها من الحاويات التي تستخدم في نقل الدم· التقنية المتقدمة واصبح تنفيذ مثل هذه المباني المعقدة ممكناً في السنوات الأخيرة بفضل ما وصلت إليه التكنولوجيا الرقمية المتقدمة من تطور، وما تتضمنه أجهزة الكمبيوتر من قوة كافية لبناء نماذج ثلاثية الأبعاد من المباني والتي أصبح بالإمكان أن يعمل عليها المطورون والمعماريون ومهندسو الإنشاءات بالإضافة إلى المهندسين الميكانيكيين، وقبل وصول هذه الأنظمة الكمبيوترية الجديدة كانت التغيرات على التصاميم يتعين إجراؤها في مجموعة عديدة من الرسومات مما يزيد من فرص الوقوع في أخطاء· وأتاحت أيضا أجهزة الكمبيوتر امكانية تنفيذ العديد من الأشياء الأخرى حيث أصبح بامكان المهندسين استخدامها من أجل اختبار المدى الذي يمكن أن يتحمل فيه المبنى مواجهة الحرائق أو الاصطدام بالطائرات، وعندما تم اقتراح إنشاء البرج الرئيسي لمبنى الكانارى وارف في لندن في بداية حقب الثمانينيات وفقاً لبيتر برسينجتون في شركة أروب المهندسين المتخصصة في بناء ناطحات السحاب فإن لا أحد كان باستطاعته التنبؤ بدقة عن الزمن الذي يمكن استغراقه لإخلاء المبنى في حال اندلاع حريق· أما الآن فبامكان شركة اروب إجراء عملية للمشبهات في داخل الكمبيوتر يبدأ فيها الحريق في الاندلاع في الطابق الخامس والثلاثين بينما يكون أحد المصاعد معطلاً وهناك بضعة آلاف من الأشخاص الراغبين في الخروج من المبنى ثم احتساب الفترة المستغرقة للعملية بدقة متناهية·بالإضافة إلى إمكانية الارتقاء بناطحات السحاب إلى أطوال جديدة أكثر مما قبل فإن هذه التغيرات الجديدة قد جعلت منها أيضاً مواقع أكثر كفاءة وفعالية في أداء الأعمال والعيش بداخلها، كما قللت كثيراً أيضاً من تكاليف تشييدها، فمنذ تشييد مبنى كوميرزبانك في فرانفكورت (الذي اعتبر أول برج أخضر من نوعه) في عام 1997 بدأ المعماريون وبعض سلطات التخطيط في الدول ينهمكون في عمل التصاميم الصديقة للبيئة، وفي نيويورك على سبيل المثال يصر المخططون الآن على ضرورة أن يتجه المطورون لبناء ناطحات للسحاب تتفق مع تلك المعايير القاسية التي وضعها المجلس الأخضر للبناء'' ويدعى المؤيدون لهذه الفكرة أن التصاميم الخضراء تعمل على تحسين الانتاجية في أوساط شاغلي المبنى إذ إن العمالة التي تؤدي أعمالها وسط أجواء من الضوء الطبيعي والهواء المتجدد إنما يقلل انتشار الأمراض ويؤدي كذلك إلى خفض تكاليف الطاقة· سوء حظ غير أن ناطحات السحاب استمر يلازمها نوع من سوء الحظ حيث استمر يتم انجازها في نفس الوقت الذي تشهد فيه الأسواق نوعا من التراجع والبطء، فمبنى كرايسلر المعروف تم إنجازه عندما كان وول ستريت يعاني من الانهيار في عام ،1929 وكذلك فإن مبنى امباير ستيت اكتمل ابان فترة الكساء العظيم الذي لحق بالولايات المتحدة الأميركية في بداية الثلاثينات من القرن الماضي إلى درجة أن أطلق العامة عليه لقب ''إميبتي ستيت بيدلدينج'' أي البناء الخالي من السكان·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©