الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دراسة تنتقد سياسات التوطين في دول الخليج

دراسة تنتقد سياسات التوطين في دول الخليج
14 ديسمبر 2006 23:17
جميل رفيع: كشفت دراسة حديثة عن أن السياسات التي تتبعها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمحاربة البطالة لن تحقق نتائج شافية ما لم تعالج مسببات زيادة نسبة البطالة مشددة على إن جذور مشكلة البطالة في دول المجلس تكمن في العقد الاجتماعي الذي خلق ازدواجية في سوق العمل حيث يتكدس المواطنون في القطاع العام فيما يشغل الوافدون وظائف القطاع الخاص· وان قدرة الحكومات على الاستمرار في توفير وظائف للمواطنين في القطاع العام تأثرت بسبب نقص عائدات النفط ، وكذلك بسبب التوقعات العالية للمواطنين، كما أن معظم الوظائف التي تنشأ في القطاع الخاص تتطلب مهارات قليلة ورواتبها متدنية لا تستهوي المواطنين، لذا وبسبب وجود أعداد كبيرة من العمال الوافدين شبه المهرة أو قليلي المهارة وعدم قدرة الحكومة على استحداث وظائف في القطاع العام بمعدلات تناسب نمو قوة العمل المواطنة، فقد ظلت نسبة البطالة بين المواطنين في دول المجلس ترتفع بسرعة· جاء ذلك في دراسة لمركز ابحاث ومعلومات سوق العمل بهيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية· وتوضح الدراسة أن الاختبارات التطبيقية التي تم إجراؤها هنا لا تساند الإدعاء بأن المواطنين العاطلين عن عمل يختارون البطالة عن عمد ورغبة· ويلاحظ أن معدل البطالة أعلى بين المواطنين المنحدرين من طبقات فقيرة مع العلم بأن نسبة البطالة بالنسبة لأفقر 20 % من الأسر تبلغ 11% أي خمسة أضعاف نسبتها بين الأسر التي تحتل صدارة القائمة من ناحية الدخل (2,2 في المئة )· و إن الأجور المتوقع جنيها من التوظيف الذاتي والتوظيف بأجر كلها أعلى من الأجور المتوقعة بالنسبة للعاطلين عن عمل· وتدل النتائج المستخلصة أن موارد الأسرة عامل مهم في تشجيع أفراد الأسرة على ارتياد العمل الحر· هذه النتيجة تدل على أن بوسع الحكومات الخليجية تسهيل انتقال بعض العاطلين عن العمل إلى العمل الحر وذلك بابتداع تدابير تتضمن توفير تسهيلات ائتمانية ومعلومات عن الأعمال الصغيرة الناجمة وتصميم برامج تدريبية في مجالات واسعة من مجالات الأعمال الصغيرة· وكشفت الدراسة أن البطالة في دول مجلس التعاون تتسم بالاستمرارية، وان التعديلات التي تنجم عن فجوات في الناتج تؤدي إلى زيادات مقدرة في معدلات البطالة على المدى الطويل· فمعدل البطالة طويل الأمد في عمان مثلا يقدر بنسبة 4,7 % إلا أنه ارتفع إلى حوالي 14 % عندما انخفض الناتج الفعلي بحوالي 2,5 % عن الناتج عند مستوى التشغيل الكلي، وفي حالة المملكة العربية السعودية كان معدل البطالة على المدى الطويل 3,3 % ولكن عند انخفاض الناتج الفعلي بنسبة 2,5 % تقريباً عن الناتج عند مستوى التشغيل الكلي، ارتفع معدل البطالة بنسبة 5,7 % فوق المعدل على المدى الطويل، ومع أن هذه تقديرات أولية بسبب شح البيانات إلا أنها تشير إلى الأهمية الحيوية للنمو الاقتصادي القوي في دول المجلس· وعلى ضوء هذه النتائج فإن أقل ما يمكن قوله عن الحكومات الخليجية أنها دأبت على اتباع سياسات مالية واقتصادية من شأنها التخفيف من تعرض اقتصاداتها للصدمات ومنع الناتج الفعلي من الهبوط إلى أدنى من المستويات الملائمة للتشغيل الكلي· مطالبة بإصلاح شامل طالبت الدراسة على ضوء ما توصلت إليه من نتائج إلى اعتماد سياسات اصلاح شامل لسوق العمل عن طريق التخلص التدريجي من الازدواج في سوق العمل وتعزيز حرية حركة العمالة، خاصة الوافدة، وتعزيز الانتاجية وتقوية الصلة بين نظام التعليم وسوق العمل· والراجح أن يكون لهذه الاصلاحات تأثير كبير ومستدام· ففيما يتعلق بالعاطلين عن العمل، يركز الاصلاح على تحسين انتاجية المواطنين· فما دام يتعين على المواطنين الخليجيين العاطلين عن العمل مجاراة عمال وافدين هم أكثر منهم خبرة وأرخص تكلفة ومعروفون بانقيادهم وطاعاتهم، فينبغي على المسؤولين وضع سياسات من شأنها مساعدة المواطنين العاطلين لكي يصبحوا أفضل انتاجية وأكثر طاعة كذلك· وتحديداً ينبغي على الحكومات الخليجية ابتداع سياسات تؤدي لاخراج المواطنين من حالة البطالة واغرائهم بالانخراط في وظائف منتجة· إن كثيراً من النتائج العملية تدعم الرأي القائل بأن قبول وظيفة ليست جيدة أفضل من استمراء البطالة، وذلك لسببين الأول هو فقدان دخل والثاني فقدان احترام الذات والشعور بالأهمية· لذا يجب توعية المواطنين الداخلين لسوق العمل بحيث يدركون أن التنافس العالمي على المنتجات والخدمات يقتضي اتباع منهج أكثر انضباطاً تجاه السوق ومتطلبات الوظائف· إن الترقي الوظيفي وما تتبعه من زيادات في الأجور يمكن تحقيقه بمجموعة من الصفات الشخصية الموجبة تشمل - إلى جانب التعليم والبراعة - الصبر والتفاني، وسلوكاً ايجابياً تجاه جهة العمل وتجاه قاعدة العملاء الذين تخدمهم جهة العمل تلك· وبالنسبة للعاطلين الذين سبق لهم العمل يجب أن تركز السياسة أيضاً على إعادة التدريب والعثور على وظائف بسرعة· ربط التعليم بسوق العمل اشارت الدراسة الى انه قد يحسن بالجهات المسؤولة عن وضع السياسات في دول المجلس، في سعيها لتقوية الصلة بين التعليم والتوظيف، أن تنظر في النظام الثنائي المتبع في المانيا والذي يقوم على علاقة شراكة بين الشركات والمدارس من المرحلة الثانوية فما فوقها· ويكفل نظام التلمذة الصناعية المتبع في المانيا توفير فرص تدريب وتوظيف مناسبة للشباب· وإلى جانب شركات القطاع الخاص يعتمد النظام على دعم العديد من الجهات كمنظمات أصحاب الأعمال وغرف الصناعة والتجارة والاتحادات فضلاً عن الحكومات الاقليمية والاتحادية· ويتيح النظام للمشاركين فرصاً عظيمة للتعلم والحصول على وظيفة لدى الشركات التي قامت بتدريبهم وبالتالي التمتع بالاستقرار الوظيفي وفرص الترقي المهني· واوصت الدراسة بضرورة اعتماد دول المجلس إطاراً مشتركاً لرصد إحصاءات سوق العمل وخاصة لقياس البطالة بطريقة دقيقة ورصد الظروف السائدة في سوق العمل وانه ينبغي على دول المجلس أن تعمل ما وسعها على توحيد التعاريف ووسائل القياس· لقد تعاظمت أهمية وجود إحصاءات جيدة ودقيقة عن سوق العمل نظراً للتغيرات الهيكلية السريعة التي شهدها الاقتصاد العالمي· ومن أجل تعزيز مصداقية مختلف البيانات المتعلقة بالبطالة وغيرها من مقاييس سوق العمل، ينبغي على الجهات الاحصائية فتح ملفاتها والتعاون مع معاهد البحوث التابعة للمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص والجهات الحكومية· وطالبت الدراسة بإصدار بيانات تفصيلية على مستوى القطاعات الاقتصادية من واقع مسوح ميدانية، وذلك بصفة دورية كما ينبغي بذل جهد أكبر للارتقاء بجودة البيانات· وينبغي توسيع دائرة المسوح بحيث تتضمن معلومات عن المدارس التي درست بها الفئات التي يشملها المسح (نوع تلك المدارس والمواد التي تدرسها وجودة مستواها وكذلك التقديرات التي تمنحها)· كذلك ينبغي تجميع مزيد من المعلومات عن الشركات والخبرة في المؤسسات الاقتصادية التي عمل بها الأفراد الذين شملهم المسح· الحروب وتراجع النمو ارتفعت نسبة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى مستويات قياسية بسبب التقلبات الناتجة عن انخفاض النمو الاقتصادي فضلاً عن نشوب ثلاث حروب في المنطقة · وإن العقدين الماضيين شهدا ارتفاعاً كبيراً في متوسط نسبة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة منوهة الى إن من أهم خصائص مجلس التعاون الخليجي أن الدول المنضوية تحت لوائه تمتلك حوالي 45 في المئة من احتياطي النفط المكتشف في العالم، وتنفرد المملكة العربية السعودية وحدها بأكثر من 25 في المئة، والتي تقدر بحوالي 250 بليون برميل· وتؤكد الدراسة انه على الرغم من الأهمية الكبرى للبطالة بالنسبة لوضع السياسات الاقتصادية والمالية، فإن البيانات المتوفرة عن البطالة في دول المجلس شحيحة للغاية· وينطبق شح بيانات البطالة واستمراره عبر الزمن على دول المجلس الست، مشيرة الى أن طريقة استخلاص إحصاءات البطالة تفضي إلى تقديرات غير دقيقة عن البطالة· فإحصاءات البطالة مثلاً تعتمد على إفادات المستجيبين بشأن وضعهم الوظيفي وقلما تعتمد، وربما لا تعتمد على الاطلاق، على مجموعة أسئلة استقصائية بهدف التحقق من صدق إجابات المستجيبين· وبالمثل فإن البيانات المتعلقة بطرق البحث عن عمل ومدة البطالة نادراً ما يتم تجميعها ولا تكاد تتوفر أي معلومات عن المواءمة بين الوظائف الشاغرة ومهارات العاطلين عن عمل لافته الى هناك غياب كامل للبيانات المتعلقة بتوقعات البطالة وعلاقتها بالرواتب، وخصائص الوظائف وعدم الاستقرار الوظيفي· منوهة الى ان البحوث التي أجريت في أماكن أخرى أثبتت فائدة مثل هذه البيانات في التنبؤ بحدوث البطالة في مراحل لاحقة· بطالة المواطنين أمر طارئ ارجعت الدراسة الأسباب التي تقف وراء الشح الظاهر في البيانات المتعلقة بالبطالة في دول المجلس الى أربعة أسباب محتملة· أول هذه الأسباب أن المسائل المتعلقة بالسرية تدفع المؤسسات الاحصائية لأن تحجم عن اتاحة بيانات (معظمها أولية) للمستعملين· بيد أن من أهم النتائج التي توصل إليها علم الاقتصاد خلال العقد الماضي أن تحليل الاحصاءات الكلية لا يعطي واضعي السياسات رؤية دقيقة لعمل الاقتصاد· ثانياً، أن جمع البيانات مهمة دقيقة تتطلب توفر موظفين قادرين في مؤسسات الاحصاء الوطنية لديهم معرفة وافية بالمسوح الميدانية وأساليب جمع البيانات وإجراء العمليات الحسابية وذلك لضمان دقة ما ينشر من بيانات· هذه القدرات، وإن زادت بصورة لافتة مع مرور الزمن إلا أنها كانت قليلة في الدول الست خلال مراحل التكوين الأولى· والسبب الثالث أن الوفرة المفاجئة التي شهدتها المنطقة خلال العقد السابع وحتى منتصف العقد الثامن من القرن الماضي ربما هي التي أفضت إلى الاعتقاد بأن النمو مع التوظيف الكامل أمر ممكن التحقيق ولذا اعتبرت بيانات البطالة غير مهمة نوعاً ما· هذه الاستكانة عززها الاعتقاد بأن مواطني دول المجلس يمكنهم أن يحلوا محل العدد الكبير من العمالة الأجنبية ولذا فإن بطالة المواطنين كان ينظر إليها باعتبارها أمراً طارئاً· بطء في التوطين غير أن هذا الاعتقاد اتضح خطأه في السنوات اللاحقة حيث توقفت الطفرة الاقتصادية وسارت عملية إحلال العمالة الوطنية مكان الأجنبية بأبطأ مما كان متوقعاً· وأخيراً الاهتمام الفاتر بجمع ونشر بيانات موثوقة عن البطالة ربما كان مرده إلى ندرة مؤسسات البحث المتخصصة في قضايا البطالة دون غيرها· وتتأكد أهمية هذا العامل من خلال وجود كم وافر من المنشورات التي تشير إلى وجود علاقة مباشرة بين مستوى جودة مؤسسات الاحصاء الوطنية وانفتاحها على احتياجات ومتطلبات البحث الخارجية والعالمية وعلى ذلك فإن ضعف الصلة بين مقدمي البيانات ومستخدميها تفسر سبب دأب هيئات الإحصاء في دول المجلس على إصدار تقارير تتألف في معظمها من بيانات في شكل جداول مشابهة في شكلها ومحتواها لما ظلت تصدره منذ عقود من الزمان· واشارت الدراسة الى ان هذه العوامل مجتمعة تفسر شبه الغياب الكامل لبيانات سنوية أوربع سنوية عن البطالة في دول المجلس· وان القدر المتوفر منها يتم استخراجه من التعدادات السكانية ومسوح القوى العاملة ومسوح المؤسسات ومسوح النفقات المتعددة الأغراض· يمكن القول إجمالاً بأن الدول الست أجرت حوالى 15 تعداداً للسكان و 20 مسحاً للقوى العاملة ونفقات المعيشة للأسر وعدداً كبيراً من التعدادات للمؤسسات والمنشآت الصناعية· ومن الواضح أن تباين مصادر هذه البيانات والمجالات التي شملتها والمناهج التي اتبعتها يمكن أن تلقي بظلال من الشك على اتساق المعلومات التي يمكن استنباطها منها وبالتالي قابليتها للمضاهاة· معدل البطالة أعلى من معدل النمو لفتت الدراسة الى إن أداء دول المجلس بشأن البطالة في العقد التاسع من القرن الماضي يبدو أكثر سوءاً متى قورن بالعقود التي سبقته· ويمثل التطور الجديد تحولاً عن مرحلة انخفاض نسبة البطالة التي تميز بها العقد السابع وأوائل العقد الثامن حين تراوحت المعدلات ما بين 1,2 % في الكويت الى حوالى 5 % في المملكة العربية السعودية والبحرين، غير أن معدلات البطالة شهدت ارتفاعاً حاداً في معظم دول الخليج ابتداء من منتصف العقد الثامن وأوائل العقد التاسع· فقد ارتفعت في المملكة العربية السعودية من 5,1 % عام 1974 الى 13,4 % عام ·1992 وقد انخفضت الى حد ما في النصف الثاني من العقد التاسع لتصل الى 8,1 % عام 1999 إلا أنها عاودت الارتفاع الى 9,7 %حسب آخر مسح للقوى العاملة أجري عام ·2002 وبالمثل ارتفع معدل البطالة الكلي في البحرين من أقل من 5 % عام 1971 الى ما يزيد على 11 % في أوائل العقد الثامن والى 12,6 % عام ·2001 وخلال نفس الفترة ارتفعت نسبة البطالة في عمان من أقل من 6 % الى ما يربو على 15 % · وارتفعت نسبة البطالة في الكويت من حوالى 1 % الى حوالى 4 % عام 2002 وبلغت 5 % عام 2004 ، وفي دولة الإمارات العربية ارتفعت نسبة البطالة من حوالى 1,7 % عام 1971 الى 8,6 % عام 2001 ثم الى 11,4 % عام 2004 (صندوق النقد الدولي، أغسطس 2005)· وفي قطر ظلت النسبة في حدود 3 % · و اشارت الدراسة الى ان معدلات البطالة على المدى الطويل شهدت تفاوتاً بين دول المجلس حيث تراوحت ما بين 7 % في المملكة العربية السعودية و1,8 % في الكويت، وسجلت البحرين وعمان أعلى معدل على المدى الطويل، اذ بلغ 11,2 % و10 % على التوالي، بينما سجلت دولة الإمارات متوسطاً قدره 3 % غير أن معدلات البطالة شهدت زيادة ملحوظة في كل بلد مما يشير الى استمرار ظاهرة البطالة· والاستمرارية هنا تعتمد على الزمن، أي ان التغيرات التصاعدية للبطالة بغض النظر عن مستواها هي العامل الذي ينظر اليه بعين الاعتبار· لقد بلغت نسبة الزيادة في البطالة خلال الفترة 1974 الى 2002 2,1 % في السنة في المملكة العربية السعودية مما يشير الى ان معدل العاطلين عن العمل تجاوز النمو الاقتصادي الحقيقي خلال نفس الفترة وان توفر القوى العاملة نما بمعدلات أعلى من الزيادة في الوظائف على المدى الطويل· وقد ارتفعت البطالة بمعدلات نمو أعلى في كل من البحرين والكويت وعمان والإمارات العربية المتحدة· العامل الشبح اشارت الدراسة الى ان الدول الخليجية اعتمدت كذلك على تدابير اجبارية· وشملت هذه التدابير فرض أهداف كمية أو حصص لرفع نسبة المواطنين العاملين في القطاع الخاص في مهن أو قطاعات معينة· ومعظم أصحاب العمل ينظرون لسياسة الأهداف والحصص باعتبارها عبئاً ولجاؤا لاستخدام ما يعرف بـ ''العامل الشبح'' أي استحداث وظائف على الورق فقط واعتبار ذلك مجرد تكاليف إضافية للأعمال· ومثل هذه الاستجابة من جانب القطاع الخاص تعبر عن وجود صعوبات عملية تواجهها كل منشأة في تحقيق الأهداف الموضوعة لها· البطالة اختيارية كثيرا ما يتردد القول بأن البطالة في دول مجلس التعاون اختيارية في طبيعتها لسببين، الأول ارتفاع دخل الأسر من مصادر بخلاف الراتب، الأمر الذي يتيح للباحثين عن عمل ان يعيشوا على نفقة عائلاتهم، والسبب الثاني يتعلق بتركيبة سوق العمل التي يضار فيها المواطنون ذوو الرواتب المنخفضة الذين ينافسون للظفر بوظائف، ولهذا اطلق عليها الباحثون ما يسمى بالبطالة البرجوازية أو المرفهة··''· واشارت الدراسة الى دراسة اخرى اجريت لانتاجية القطاع الخاص السعودي، لفتت الى ان اهتمام الاقتصاد القائم بالخدمات الاجتماعية وارتفاع سقف تطلعات الشباب السعودي الداخل الى سوق العمل افضيا الى تغييرات هائلة في تفضيل الوظائف كما يتبين من رفض هؤلاء الشباب الوظائف التي لا تتوفر فيها فرص ارتقاء وظيفي والتي يتعرض شاغلوها للاتساخ أو للخطر أو للقيام بمهام صعبة، ولهذا تترك هذه الوظائف للوافدين· و تبين من دراسة ميدانية أجريت مؤخرا وشملت مواطنين إماراتيين في منشآت صغيرة ومتوسطة أن أصعب عقبة تواجه توظيف المواطنين هي المطالبة برواتب عالية (73 % من مجموع الاسباب التي ذكرت)· الراتب المضمون كشفت الدراسة ايضا ان السبب الرئيسي وراء نفور المواطنين من انشاء مؤسسات صغيرة خاصة هو عدم كفاية رأس المال والخوف من ان يكون الدخل الذي تدره هذه المؤسسات اقل من دخلهم الحالي، هذه النتائج تدعم الافتراض السائد بأن المواطنين الخليجيين يفضلون الراتب المضمون في القطاع العام خشية ان يكون الدخل الذي يدره العمل الحر اقل، وكشفت دراسة اخرى لظروف العمل في دولة الامارات ان مؤسسات القطاع الخاص لا تستهوي المواطنين وان السبب الرئيسي الذي يجعلهم يقبلون العمل في القطاع الخاص هو ''انها الوظيفة الوحيدة التي عثرت عليها (2002)، وفضلا عن هذه الاستنتاجات والبينة التجريبية، فقد كشف '' التحليل الوارد في الدراسة '' أن حالات البطالة مرتفعة بصورة خاصة بين الشباب المتعلم، وربما كان تفسير ذلك ان الشباب المتعلم يرفضون أي عمل يتاح لهم بينما يعيشون عالة على اسرهم املا في الحصول على وظائف في القطاع العام او في مؤسسات مرموقة في القطاع الخاص تتوفر فيها رواتب ومميزات افضل ولا تشتد فيها المنافسة·وتؤكد النتائج ايضا ما تم التوصل من ان حدوث البطالة أعلى بين الذين حصلوا على تعليم ثانوي وجامعي· تحديات البطالة ذكرت الدراسة انه مع مرور الوقت تبين أن دول المجلس مواجهة بتحديات فريدة باعتبار أن عائدات النفط قابلة للنفاد وعرضة للتقلبات والتي تأتي في الغالب من الخارج وإن التقلبات التي شهدتها سوق النفط وتباطؤ النشاط الاقتصادي في أواخر الثمانينات وفي التسعينات من القرن الماضي، فضلاً عن نشوب ثلاثة حروب إقليمية، أدى كل ذلك الى كبح جماح النمو في دول المجلس والى بروز أزمات في أسواق العمل فيها· حيث اضطرت الحكومات الخليجية، تحت وطأة تقلص النشاط الاقتصادي وما نجم عنه من عجز في الميزانية فضلاً عن الجهود التي بذلت للبدء في إصلاحات اقتصادية، الى اختزال العديد من البرامج الاجتماعية التي شرعت في تنفيذها منذ أوائل السبعينات، وأدى تباطؤ النشاط الاقتصادي الى الحد من قدرة الحكومات الخليجية على توفير فرص وظيفية في القطاع العام تتناسب مع الزيادة السريعة في أعداد العمالة المواطنة· ومن ناحية أخرى استمر القطاع الخاص في توفير وظائف تتطلب مهارات متدنية وتمنح أجوراً متدنية لا تستهوي المواطنين وبالتالي استفادت منها العمالة الوافدة بدرجة كبيرة · تعليق الصور: قدرة الحكومات على توفير وظائف للمواطنين في القطاع العام تأثرت بتذبذب أسعار النفط مطالبة بمنع الازدواج في سوق العمل وتعزيز حرية حركة العمالة ·· خاصة الوافدة ضرورة ربط مناهج التعليم باحتياجات سوق العمل جذب العمالة المواطنة اوضحت الدراسة أن أقل من عشرين بالمائة من اصحاب العمل الذين حاولوا اجتذاب مواطنين للعمل لديهم نجحوا في مسعاهم (2002)، وتشير نتائج هذه الدراسة الى ان المواطنين الخليجيين يصابون بالاحباط اذا لم يحصلوا على رواتب عالية نسبيا وعندما لا يحصلون على الراتب الذي يريدونه فإنهم يختارون مواصلة البحث، اي الاستمرار في حالة البطالة، إن ادراك هؤلاء الشباب بأن احتمال حصولهم على وظائف برواتب عالية احتمال ضعيف يخفض من معدل الفائدة المرجوة من البحث عن الوظيفة بالمقارنة مع تكلفته، بمعنى آخر، في ظل تدني الرواتب في القطاع الخاص المشبع بعمالة وافدة رخيصة شبه ماهرة او قليلة المهارة، قد تكون ظاهرة البطالة باطنية النمو من حيث ان عدد الجادين في البحث عن عمل يعتمد اعتمادا كبيرا على الراتب المعروض· حديثو التخرج قالت الدراسة بشأن توزيع وضع القوى العاملة حسب المستوى التعليمي ان نسبة التعليم الثانوي 23 % بين الموظفين ذاتيا و19 % بين الموظفين بأجر و29 % بين العاطلين عن العمل وحوالي 41 % بين عديمي النشاط، وبالمثل نجد ان نسبة ذوي التعليم الجامعي تبلغ 48 % بين الموظفين ذاتيا و29 % بين الموظفين بأجر و32 % بين العاطلين عن العمل وحوالي 10 % بين الكويتيين عديمي النشاط، فالحاصلون على مؤهل ثانوي فما فوق ممثلون في فئتي ''العاطلين عن العمل'' و''عديمي النشاط'' اكثر من تمثيلهم في فئة ''الموظفين بأجر''، وهو ما يؤيد الافتراض بأن البطالة سائدة اكثر بين حديثي التخرج·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©