السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيد مدرسة العفو والتسامح وتأكيد وحدة الأمة

العيد مدرسة العفو والتسامح وتأكيد وحدة الأمة
2 أكتوبر 2014 23:09
تتوجه اليوم أفئدة المسلمين على اختلاف ألسنتها وألوانها وطوائفها نحو عرفات، حيث يؤدي الحجاج الركن الأعظم من مناسك الحج، ويحتفل المسلمون غدا بعيد الأضحى المبارك، ومن ثم يشكل الحج بما يحتويه من مناسك واحتفالات، واحدا من أكبر مظاهر وحدة المسلمين. «الاتحاد» استطلعت آراء عدد من علماء الدين حول كيفية الاستفادة من هذه المناسبة لتعميق معاني الوحدة التي تعين الأمة الإسلامية على مواجهة التحديات. فرحة المسلمين يقول الدكتور عبدالله النجار، الأستاذ بجامعة الأزهر: في يوم العيد يفرح المسلمون بفضل الله ورحمته ورضوانه فمشهد الحجيج وهم على صعيد واحد في عرفات، ثم وهم ينتقلون في النفرة إلى مزدلفة ومنى، ملبين لله رب العالمين ومكبرين، هذا التحرك الإسلامي الحاشد الذي يتدافع المسلمون فيه كسيل مجردون من كل مظاهر الدنيا ومسلحون بكل مايقربهم من ربهم سبحانه، يزعج أعداء الاسلام، مع أنه يجب أن يكون مسببا لإعجابهم ومدخلا يقربهم من الإسلام والمسلمين إن لم يكن على سبيل الحب والمودة فعلى سبيل التقدير والإعجاب، وذلك لأن المسلمين وإن كانوا قد فرطوا في كثير من مظاهر الدنيا والأخذ بأسباب العلم والقوة فيها، إلا أنهم لم يفرطوا في التمسك بأهداب دينهم والاعتصام بحبل الله المتين، وإذا كان خصومهم في الغرب قد ملكوا زمام القوة وتفوقوا عليهم في امتلاك الحضارة المعاصرة، إلا أن ما تمسكوا به وتفوقوا فيه على المسلمين لايكاد يبلغ مقام ذلك المظهر الإسلامي الحاشد الذي يجتمع فيه المسلمون على قلب رجل واحد، والذي يمكن أن يوجههم إلى تلك المقومات المادية والتفوق العلمي. ويضيف د. النجار: إن فرحة المسلمين بعيد الأضحى تمثل فرحا بفضل الله الذي يشمل الأمة كلها، فلا تقتصر على طائفة أو فرد من أفرادها، ولكنه يشمل الفرد والمجتمع الإسلامي بأسره، ولهذا كان ذلك الفرح تطبيقا لقول الله تعالي: «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون»، فالأفراد يفرحون مع أنفسهم ومع أهليهم في بيوتهم ويعبرون عن ذلك بمظاهره التي شرعها الله كذبح الأضحية والخروج إلى المساجد أو مصليات العيد مهللين مكبرين لله رب العالمين. فرصة ذهبية ويقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق: عيد الأضحى فرصة ذهبية للأمة نحو التغيير والوحدة معا، مطالبا الأمة بالارتشاف من معينهما، وعدم تضييع هذه الفرصة، فعيد الأضحى بمثابة الرباط العميق الذي يجمع المسلمين بعضهم ببعض، فخلال تأدية مناسك الحج ومن بعدها الاحتفال بالعيد هناك التناصح بين المسلمين والمساعدة في تأدية الطاعات مثل: قراءة القرآن، والمحافظة على الأذكار، وقيام الليل، والدعاء، والصدقة، والتعاون على البر والتقوي بين الحجاج، كل ذلك وغيره من شأنه أن يكون له أثر كبير في حياة المسلمين بإذن الله، وكلها عبادات تصب في صالح وحدة المسلمين وصورة الوحدة تبدو جلية في عيد الأضحى، حيث يمد كل مسلم قادر على الأضحية يده بالخير لأقاربه والفقراء والمعوزين من إخوته وجيرانه، مؤكداً أنها فرصة عظيمة لأن يتناسى المسلمون خلافاتهم ومشكلاتهم، ويتطلعوا إلى الوحدة التي هي وسيلة إلى مرضاة الله عز وجل وتحقيق العزة للأمة. ويضيف: من واجب المسلم أن يغتنم هذه الفرصة الذهبية حتى يدعم الروابط الأسرية والاجتماعية مع أهل بيته أولاً ثم مع الأهل والأصدقاء والأقارب والزملاء، فيترك الخلافات ويبدأ مع الجميع صفحة جديدة بالفرحة والسرور، لأن ذلك تجديد لحياته ودافع إلى النشاط والعمل حتى لا تسير الحياة على وتيرة واحدة فيحدث الملل وتضعف الهمم باختصار فإن الأسرة المسلمة، بل المجتمع المسلم بصفة عامة، في أشد الحاجة إلى بهجة الأعياد، بعد أن أصبحنا في مشكلات اجتماعية تلحق بنا هزائم نفسية الواحدة تلو الأخرى، والعيد ببهجته يخرجنا من هذه الهموم ويفتح أمامنا بارقة أمل. أمة واحدة ويقول المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد: إن عيد الأضحى فرصة لتأكيد وحدة المسلمين والتخلص من الطائفية الممقوتة، فكلنا نحتفل بالعيد في يوم واحد ونؤدي نفس الشعائر، ومن هنا تأتي أهمية تعميق الشعور بأننا أمة واحدة وجسد واحد، فهذا من أهم الدروس العظيمة من وراء الحج وعيد الأضحى، فربنا واحد، ورسولنا صلى الله عليه وآله وسلم واحد وكتابنا واحد وقبلتنا واحدة، وهدفنا واحد ألا وهو رضا الله عز وجل ودخول جنته، هذه المعاني يعرفها الجميع من الناحية النظرية، لكن يأتي الحج كل عام ليؤكدها ويرسخها من الناحية العملية، فتزداد تبعًا لذلك الشعور بالمسؤولية تجاه الأمة، وتجاه أبنائها ومقدساتها فالحج يفرض التعارف الذي ينبغي أن يتم بين المسلمين، ويعمق معنى الإخوة الإسلامية وترابط الأمة، كما أن عيد الأضحى فرصة عظيمة للدعوة وتصحيح المفاهيم الخاطئة عند المسلمين فلو كبَّرَت قلوب المسلمين كما تُكَبِّرُ ألسنتهم بالعيد، لغيروا وجه التاريخ ولو تجمعوا حول حقهم كما اجتمعوا حول كعبتهم، لما تجرأ أن يجتمع عليهم أحد ولو وقفوا صفا واحدا خلف إمام واحد كما وقفوا في صلاتهم، لما وقف في وجههم أحد، وبلا شك فإنه على المسلمين جميعا اغتنام الاحتفال بعيد الأضحى للتواصل مع الآخرين، وصلة الرحم وفعل الأعمال الحسنة، وترك المعاصي، والخلافات الهامشية وتوحيد الصفوف، وناشدهم استلهام معاني التضحية بالعمل من أجل بناء أوطانهم. ويضيف أبوالمجد: إن الأضحى هو عيد العطف على الفقراء واليتامى والمساكين وإدخال السعادة إلى نفوسهم والتخفيف عنهم، عيد المحبة والتسامح ونسيان الخلافات والمشاحنات وطي صفحة الماضي، عيد العفو عن المخطيء والمسيء، والرحمة والتزاور وتقديم الواجب الإنساني بالتهنئة والدعاء والابتهال إلى الخالق ان يوفق أمة العرب والمسلمين وأن يعيشوا محافظين على عزتهم وكرامتهم، هاماتهم عالية، ورؤوسهم مرفوعة فهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. يوم فرح أما الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقا فيقول: نريد أن يكون يوم العيد يوم فرح، مشيرا إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام كانت عنده جاريتان صغيرتان تضربان بالدف، فدخل بعض الصحابة عليه وهما على تلك الحال، فبين النبي بأنه لا بأس من الفرح المباح في هذا اليوم فترويح النفوس بما هو مباح في هذه الأيام مطلوب، حيث يتلاقى الناس ويتحابون ويفرحون، داعيا إلى إظهار ملامح العيد على الناس، هذا اليوم وعلى الجانب الآخر فإن على المسلم أن يعي أن عيد الأضحى المبارك يأتي تتويجا للأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة، التي هي أفضل الأيام عند الله، ولذا يكثر فيها العباد التقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح والإنفاق في أوجه الخير وتقديم الأضاحي حسبة لله سبحانه، لهذا فلابد من الاستفادة من هذه المناسبات السعيدة في تقوية العلاقات والأواصر بين المسلمين والحرص على صلة الرحم، مبيناً أن هذه المناسبات شرعت لتقوية روح الود والمحبة والتراحم بين الناس وزيادة اللحمة الوطنية. يوم الجائزة ويضيف: العيد في الإسلام هو مدرسة «العفو والتسامح» الذي لا ينتهي بانقضاء أيامه ولياليه، بل هو مستمر طوال العام وملازم للإنسان، مشيرا إلى ضرورة أن يتخذ المسلمون من عيدهم نقطة انطلاق نحو فعل الخيرات والتسارع إلى طاعة الله والتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نستحق عفو الله ونكون عبادا ربانيين، وحتى يتحقق الهدف المنشود من تلك الأعياد، كما قال تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، فالعيد يسمى في السماء بيوم الجائزة، تنادي فيه الملائكة عباد الله المؤمنين هلموا إلى رب غفور شكور يغفر الذنوب ويستر العيوب. ودعا المسلمين إلى الالتزم بآداب ذلك اليوم حتي ينالوا مغفرة الرحمن وجائزته، ويكونوا من السعداء الذين قبل الله عملهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©