الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا... هل تتنصل من أزمة أوروبا المالية؟

13 فبراير 2010 21:04
في هذه الأيام، ليس من الصعب أن تعثر في بريطانيا على بعض الأشخاص الذين تكشف ملامح وجوههم عن إحساس بالتعالي على بقية دول أوروبا، وخصوصاً تلك التي تعاني من أزمة ديون ألقت ظلالاً من الشك على مستقبل اليورو. فمن المعروف أن هذه (الأمة - الجزيرة)، قد عارضت بشراسة العملة الأوروبية الموحدة اليورو، وظلت متعلقة بالجنية الإسترليني، باعتباره رمزاً لتقاليدها العريقة واستقلالها. وقبل انعقاد قمة قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، لم تنجح ملامح جوردون براون الأسكتلندية الصارمة في إخفاء مشاعر الشماتة التي كان يشعر بها وهو يعلن أن مشكلات "اليورو" يجب أن تحل من جانب الدول المستخدمة لليورو مثل فرنسا وألمانيا، وليس من جانب دافعي الضرائب البريطانيين. لكن بريطانيا - كما يقول المحللون - ليست في وضع يسمح لها بالاسترخاء ناهيك عن الشماتة في الآخرين. على الأقل، لأن اقتصادها لا يزال مزعزعاً، ولأن مستويات ائتمانها تواجه خطر الهبوط بشكل محرج، ولأن حكومتها تغوص تدريجياً في مستنقع من الديون. وكانت الضربة التي تعرضت لها بريطانيا بسبب تراجع الاقتصاد العالمي أعنف من غيرها من الدول، وهو ما يرجع إلى وضعها كمركز مالي عالمي. فهذا الوضع كان هو السبب في أن بريطانيا كانت آخر دولة يخرج اقتصادها من الكساد. وهذا الخروج لم يحدث سوى بالكاد، حيث لم تزد نسبة النمو في اقتصادها عن 1 في المئة في الربع الأخير من العام السابق. وكانت بريطانيا - شأنها في ذلك شأن العديد من الدول على رأسها الولايات المتحدة - قد انخرطت في موجة إنفاق طاغية، لتنشيط الطلب، خلال الأيام الأشد قتامة في الركود، وذلك من خلال تمويل مشروعات التوسع في البنية الأساسية وإعداد البرامج الترويجية مثل برنامج التخلص من الأشياء القديمة وشراء أخرى جديدة، وهي سياسة أدت في مجملها إلى مفاقمة عجز الميزانية ووصوله إلى مستويات لم يصل إليها منذ أيام الحرب العالمية الثانية. وفي الحقيقة يعد العجز البريطاني المتزايد، إذا نظرنا إليه كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، قريباً من العجز اليوناني الذي بلغ 12.7 في المئة والذي مهد لأزمة اليورو. ويشار إلى أن العجز اليوناني يفوق بمعدل أربع مرات المعدل المحدد للدول الموجودة في منطقة اليورو وهو ما أصاب المستثمرين في هذه الدولة بحالة من الهلع، بسبب احتمال عجز أثينا عن دفع الديون المستحقة عليها، الذي أثر بالسلب على قيمة اليورو. "منذ اليوم الأول شعرت بسعادة غامرة لحقيقة أننا لسنا ضمن منطقة اليورو، وأتمنى ألا نكون أبداً جزءاً منها" هذا ما يقوله "بيتر بيكلي" الاستشاري الاقتصادي المستقل"، الذي يضيف أيضاً" لقد جعل ذلك من قدرتنا على الخروج على العجز أمرا ميسوراً، عندما احتجنا إلى ذلك". ولكن المشكلة ليست هي أن بريطانيا تمكنت من التغلب على العجز خلال العامين المنصرمين - لم يكن هذا الشيء بالأمر السيئ أثناء الكساد - وإنما كانت المشكلة على حد قول"بيكلي" هي" أننا في بريطانيا قد ورثنا وضعاً معيناً بعد عقد من عدم الاتساق المالي حيث دخلنا إلى الكساد ونحن في وضع ضعيف من حيث القدرة التمويلية وهو وضع ازداد تفاقما بعد الآن". بناء على ذلك، فإن بريطانيا مطالبة بأن تحذو حذو اليونان التي كشفت مؤخراً عن خطة جديدة للتقشف، فهي الأخرى مطالبة بشد الأحزمة على البطون حتى تنتظم أمورهاالمالية. والأسئلة المتعلقة بالكيفية التي يجب أن تفعل بها ذلك، وإلى أي مدى يجب أن يتم التخفيض، يتوقع أن تكون محوراً للجدل الذي سيكتنف الانتخابات الوطنية، التي يجب أن تتم قبل حلول يونيو المقبل. ومما فاقم من حدة النقاش الدائر حول هذا الأمر، ما أعلنته مؤسسة "جي. بي. مورجان تشيز آند كومباني" المصرفية العملاقة عندما أوردت في تقرير لها إن بريطانيا وبموجب عدد من المعايير تعتبر في وضع مالي"أسوأ كثيرا من الوضع المالي الذي كانت عليه في منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي"، وذلك عندما أجبرت على السعي لصفقة إنقاذ مذلة من جانب صندوق النقد الدولي. ولكن التقرير يضيف قائلا: " 2010 ليست مثل 1976"، وهو ما يتوازى مع ما يقوله معظم الاقتصاديين الذين يرون أن بريطانيا لا تواجه"ظروفاً بالغة الصعوبة، كما لا تنتظرها على خط الأفق أزمة مماثلة للأزمة اليونانية". ولكن "لندا وايوه" أستاذة الاقتصاد بجامعة أكسفورد تؤكد أن الحكومة البريطانية بحاجة مع ذلك لتقديم خطة موثوق بها في القريب العاجل لترويض العجز في ميزانيتها وإلا خاطرت برفع تكلفة اقتراضها. وفي خطوة تدعو للتشاؤم قامت مؤسسة "ستاندرد آن بورز" بوضع ترتيب بريطانيا الائتماني في "خانة المراقبة السلبية"، كما قامت بتنزيل قطاع البنوك البريطاني إلى مرتبة أدنى من حيث درجة تقييم السلامة المالية، وذلك بسبب بيئة بريطانيا الاقتصادية الضعيفة، وقيام حكومتها بالتدخل لإنقاذ العديد من البنوك المتداعية. لتهدئة مخاوف المستثمرين، تعهد حزب "العمال" الحاكم الذي يتأخر عن منافسيه في استطلاعات الرأي بتخفيض العجز الحالي بمقدار النصف خلال أربع سنوات، في حين تعهد "المحافظين" بإجراء خفض أكبر. ويقول الخبراء إنه إذا قرر الاتحاد الأوروبي برمته، وليس منطقة اليورو فحسب، منح ضمانات ائتمانية لأثينا، أو إصدار سندات خزانة في مختلف دول الحلف، فإن دافعي الضرائب البريطانيين لن يكون أمامهم من خيار في هذه الحالة سوى المشاركة، لأن بريطانيا لا تزال عضوا من بين أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة وعشرين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة«إم. سي. تي. إنترناشيونال»
المصدر: لندن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©