الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
صحة

السكر بين مطرقة الصحة وسندان صناعة المواد الغذائية

السكر بين مطرقة الصحة وسندان صناعة المواد الغذائية
2 أكتوبر 2014 20:44
يتعرض السكر المستخدم في المشروبات الغازية والمواد الغذائية لهجوم جديد من قبل العلماء على جانبي المحيط الأطلسي، في جدل حاد يتعلق بالصحة العامة يدور حول الصلة بين السكر المضاف والمشاكل الصحية العالمية المتزايدة. ويمارس عدد كبير من العلماء وهيئات الصحة العامة، ضغوطاً كبيرة على الشركات العاملة في إنتاج المواد الغذائية والمشروبات الغازية بهدف تقليص كمية السكر المضاف، بتهمة الإفراط في استخدامه لزيادة مبيعاتها، الشيء الذي يساهم في حدوث مشاكل مثل، السمنة وأمراض السكري والقلب والسرطان. ويكمُن التحدي بالنسبة للشركات العالمية متعددة الجنسيات، في امتصاص هذه الضغوط دون تهديد نماذج نشاطاتها التجارية والتعرض للخسائر لصالح الشركات الجديدة التي تنتهج توجهات أكثر اهتماماً بعامل الصحة. ويقول شارلس ميلز، المحلل في كريديت سويس :"ينجم عن إزالة السكر أو تخفيفه، جملة من التعقيدات بالنسبة لقطاع صناعة المواد الغذائية، بما في ذلك الطعم والتكوين وشدة التماسك وغيرها". وبدأت الأدلة التي تعضد ارتباط السكر ببعض الأمراض تتبلور بوضوح، حيث قالت لورا شميدت، أستاذة السياسة الصحية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، :"قطعنا نصف الطريق للوصول إلى نقلة نوعية في البحوث الخاصة بمضار السكر الصحية، يعزز واحد منها، الاستهلاك المفرط لمعدلات كبيرة من السكر المضاف في الأنماط الغذائية للشعب الأميركي". وفي تقريرها الصادر بداية هذا الشهر، توقعت هيئة الصحة العالمية، زيادة بنحو 75% في الإصابات السنوية بمرض السرطان خلال العقدين المقبلين، تعود أسبابها للأنماط الغذائية المتبعة. للتصدي لذلك، ناشدت الهيئة بزيادة المعدلات الضريبية كوسيلة فعالة لضبط وتقليل استهلاك هذه المنتجات. ونجح القطاع حتى الآن في تفادي القوانين والضرائب الإضافية، من خلال الاتفاقيات الطوعية. لكن ربما يساهم الكم المتزايد من البحوث حول السكر في دفع الحكومات، التي تواجه ارتفاعاً في تكاليف الرعاية الصحية، لفرض الضرائب أو تشديد القوانين التي تفضي لتغيير عادات تناول الأطعمة. ويرى القطاع أن مثل هذه الخطوات ليست ضرورية، خاصة وأنه يبذل جهوداً لخفض الدهون والسكر والملح في السلع الغذائية التي ينتجها. وفي هذا الإطار، أعلنت "نستلة" -أكبر شركة للمواد الغذائية من حيث المبيعات في العالم- عن خفض السكر من منتجاتها عموماً بنسبة قدرها 30% خلال السنوات العشر الماضية حتى 2011، بينما خفضت في العام الماضي الدهون المشبعة في منتج كيت كات، بنسبة 11%. كما تستهدف "يوني ليفر"، أكبر شركة في العالم من حيث المبيعات لإنتاج الايس كريم، خفض السكر في المشروبات المشتقة من الشاي بنحو 25% بحلول 2020. وتعتقد حملة "أكشن أون شوجار" المجموعة البريطانية التي تم تكوينها في يناير الماضي، أن هذه الوعود ليس من السهل قياسها. وبعد نجاحها في الحملة التي قادتها لخفض استهلاك الملح في المملكة المتحدة، تحث الحملة الحكومة على تقليل استهلاك السكر في المشروبات والمواد الغذائية والمعجنات وغيرها، بنحو 30% على مدى فترة تمتد بين ثلاث إلى خمس سنوات. ويرى خبراء القطاع، أن التركيز على السكر مبالغ فيه وأن هناك عوامل أخرى مثل أنماط الحياة الروتينية تساهم بشكل كبير في زيادة الوزن. ويقول هوبرت ويبر مدير شركة "موندليز" في أوروبا، التي تقوم بصناعة بسكويت أوريو وشكولاتة كادبوري، :"تضم منتجاتنا الشوكلاتة والحلويات والعلكة. وبينما تتميز معظم الثقافات بتناول الحلويات بين الوجبات الرئيسية، لا أعتقد أنه بالإمكان القضاء على مثل هذه العادات المتأصلة في المجتمعات منذ وقت طويل". أما سايمون ليذرلاند، مدير شركة "بريتفيك" البريطانية، التي تضم منتجاتها فروت شوت وتانجو وتعبئة البيبسي كولا، فيقول: "تعتبر أسباب السمنة أكثر تعقيداً من مجرد زيادة في كمية السكر التي يستهلكها الفرد، حيث أن إلقاء اللوم على مكوِّن واحد أو نوع واحد من المنتجات ليس صائباً، خاصة عندما تشمل مكونات المشروبات الغازية ثلاثة سعرات حرارية فقط في المتوسط في بريطانيا". ويساهم سلوك المستهلك في التأثير على المبيعات، بينما قادت الاهتمامات الصحية إلى تراجع مبيعات المشروبات الغازية منذ العام 2010. ويقول علي ديبادجي، المحلل في مؤسسة "بيرنستين" البحثية :"لا شك في ضعف أداء المشروبات الغازية في أميركا قياساً بالسلع الغذائية الأخرى، ولا ندري ما إذا توصلت إلى طريقة تمكنها من التصدي للقضايا المتعلقة بالصحة العامة". وتراجعت كذلك مبيعات المشروبات الخالية من السعرات الحرارية التي تضاف إليها المحليات الاصطناعية، بفعل المخاوف الصحية أيضاً. وعمدت "بيبسي كولا" و"كوكاكولا"، إلى عدم الاعتماد الكلي على المشروبات الغازية من خلال التنويع بإنتاج مشروبات صحية مثل، المياه المحلاة بمختلف النكهات وعصائر الفواكه. وترتبط القضية بشكل أكبر بتفادي أي مساومة على الطعم يمكن أن ينجم عنها فقدان المبيعات. وهذا ما يفسر أن الحصول على بديل للسكر خالٍ من السعرات الحرارية، كان غاية تسعى الشركات وراءها لعدد من العقود. ويتوقع بعض المحللين، صعوبات جمة تعترض طريق المحليات الاصطناعية في المستقبل. وتسعى شركة "تيت آند لايل" البريطانية، التي تنتج المحلي الاصطناعي سكرالوز، إلى إيجاد بدائل طبيعية أيضاً. ويقول روبرت ديكنسون المحلل في سيتي جروب، :"يعتبر منتج السكرالوز خالٍ تماماً من السعرات الحرارية ويساوي حلاوة السكر 600 مرة، لكن ترغب الشركات في وضع ديباجة "طبيعي" على منتجاتها، ما يعني عدم وجود محليات اصطناعية". ويلاقي المحلي الاصطناعي "ستيفيا" إقبالاً كبيراً في الأسواق ويتميز بخاصيته الطبيعية، إلا أن طعمه شبيه بالعرق سوس. ويضيف ديكنسون، أن :"سعره مرتفعاً نسبياً ولا يحمل طعم السكر". ويُذكر أن شركة "كوك" تستخدمه لتحلية مشروب "اسبرايت" في فرنسا لكن مبيعاته انخفضت خلال السنة الماضية، بصرف النظر عن تراجع السوق هناك. وترجح حملة "أكشن أون شوجار"، تعود المستهلك على قلة المحليات في حالة خفض معدلات السكر بالتدرج، دون إضافة محليات اصطناعية. وبالنسبة لشركات التصنيع، فإن قضية عدم استخدام السكر ليست بهذه السهولة كما يبدو، خاصة وأنه يعمل بجانب الطعم، على زيادة الحجم وتماسك المنتج. وبينما يعتبر يناير وفبراير شهران للحمية في الدول الغربية في أعقاب الإفراط في تناول المأكولات في موسم الأعياد، من المنطقي زيادة الطلب على المنتجات التي تساعد على نقص الوزن مثل "سليم فاست" وغيرها. وبينما أكدت الشركات العالمية الكبيرة العاملة في مجال المواد الغذائية والمشروبات الغازية والعصائر، على عدم المساومة في قضية الطعم التي تؤدي إلى فقدان المبيعات، تنفق هذه الشركات أموالاً طائلة في إجراء البحوث المتعلقة بذلك، حيث خصصت "نستلة" وحدها نحو 1,54 مليار فرنك سويسري (1,7 مليار دولار) لعمليات البحوث والتطوير خلال 2012 وحدها. ووفقاً لشركة "مارس" الأميركية لصناعة الحلويات، تم التوصل إلى نهاية التسوية بين تقليل السعرات الحرارية والطعم. وقللت الشركة من وزن أصابع "مارس" في بريطانيا بنسبة 12% و"اسنكرس" بنحو 17% في ديسمبر الماضي، دون إجراء أي تغيير على السعر، وذلك للإيفاء بالتزامها بعدم تجاوز السعرات الحرارية في الشوكلاتة 250 سعراً. وفي غضون ذلك، أعلنت "كوكا كولا" عن وقف إنتاج عبوة لترين في المملكة المتحدة ابتداء من مارس المقبل، واستبدالها بعبوة قدرها 1,75 لتر. واستقبل المدافعون عن الصحة العامة خفض العبوات بارتياح كبير، مؤكدين على أن تعويد الشركات للمستهلك على العبوات الكبيرة، يُعد واحداً من أخطاء الشركات الكبرى في الماضي. وأطلق سايمون كابويل أستاذ الصحة العامة في جامعة ليفربول والعضو في حملة "أكشن أون شوجار"، على السكر لفظ "التبغ الجديد"، مقتنعاً باستجابة القطاع لضغوط الصحة العامة. ويقول :"يدرك الجميع أن السكر يشكل خطراً على الصحة، خاصة في ظل التحلي بروح العصر". نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©