الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كتابي .. عنواني»

14 سبتمبر 2013 20:24
عندما راودتني فكرة الكتابة عن قيمة الكتاب، وكيف نغرس وننمي هذه القيمة في نفوس أبنائنا الصغار، وهم يستهلون عامهم الدراسي الجديد، وكيف نجعلهم يحبون الكتاب كقيمة، وكمصدر للعلم والمعرفة، يباغتني السؤال الحائر: هل فقد الكتاب قيمته في زمن «الإنترنت» والثورة الرقمية والحاسوب والهواتف الذكية و«الآي باد»؟ أتذكر الأيام التي تسبق بداية الدراسة، وكيف كان يحرص والدي أن يجمعنا، ونفترش الأرض لنتفرج ونساعده وهو يقوم بتجليد كل الكتب بعد تسلمها من المدرسة، وأن يكتب أسماءنا وفصولنا على « ستيكر»، ويحذر من الكتابة على الكتاب نفسه، كما أتذكر كلماته التحذيرية بألا نكتب شيئاً يشوه صفحات الكتاب من الداخل. ويا ويله من يتلبس بعد ذلك « مشخبطاً» في صفحات كتابه أو يكتشف أن صفحة منه مزقت أو شوهت. مازلت أعيش وأستشعر صدى العقاب الذي نلته يوم أن مزحت وصديقي الذي نزع غلاف رواية كنت أقرأها تحت ظلال شجرة.. كانت جريمة كبرى أن نترك كتاباً يلقى مهملاً، هنا أو هناك في غير مكانه! تعلمت وفهمت معنى أن يكون «كتابي .. عنواني»، وعرفت قيمة أن نجمع كل كتبنا بعد انتهاء العام الدراسي، ونحتفظ بها حتى الآن، وعرفت لماذا كنت أدخر بعضاً من مصروفي الأسبوعي لأشتري مجلة أو كتاباً أرغب في اقتنائه. قيمة المعرفة والعلم والكلمة تبدأ من إحساسنا وقناعتنا الراسخة بقيمة الكتاب، مهما طغت علينا ثقافة الإنترنت والحواسيب وغيرها. أستعير هنا ما قرأته قبل وقت ليس بقصير عما قاله الجاحظ في رسالة بعث بها من وراء القرون، ليحملها لنا المجلد الأول من مجلدات كتابه «الحيوان» قائلا: «.. والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والمستميج الذي لا يستزيدك، والجار الذي لا يستبطيك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال عليك بالكذب»، إلى أن يقول: «والكتاب هو الذي يمنحك تعظيم العوام، وصداقة الملوك، وتعرف منه في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر». أو ما قاله المفكر الفيلسوف برتراند راسل: «هناك دافعان لقراءة كتاب ما: الأول هو الاستمتاع به، والثاني هو التباهي بقراءته!». أو قول صديق محب للكتاب، يقول:«عندما أقرأ كتابًا جميلاً، أشعر أن الآخرين قد فاتهم شيء عظيم، وفي كلّ مرة أجدني أتحايل عليهم ليجربوا متعة قراءته». لا نقلل بالتأكيد من شأن وأهمية مواكبة العصر بإتقان لغته، وأدواته، ووسائل التعليم والمعرفة الحديثة، لكن نظل نُذكِّر بالكتاب وقيمته وأهميته بالنسبة للأبناء الذين يقفون على أولى عتبات العلم والمعرفة. وأتصور أن لا غنى عن الكتاب الورقي مهما بلغت تقنيات العصر من تقدم. أظن أن أهم الدروس التي يمكن أن تفيد الأبناء في هذه الأيام، أن يتعلموا كيف يعشقون كتبهم؟ وكيف يحافظون عليها كثروة تظل محتفظة بقيمتها، بل وتتضاعف مع مرور الأيام. أتمنى! المحرر | ‏khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©